برمجيات جديدة تلغي الطباعة.. على لوحات مفاتيح الجوال الصغيرة

عملية ودقيقة للغاية

TT

في التسعينات كانت طباعة «هالو» (كلمة الترحيب بالإنجليزية) على غالبية الهواتف الجوالة، تتطلب الكبس على 13 زرا في لوحة المفاتيح.

كان ذلك قبل اختراع كليف كوشلر الذي كان يعمل في مدينة سياتل في الولايات المتحدة، والذي شارك في إنتاج برنامج يدعى «تي 9» الذي خفض هذا العدد من الكبسات إلى 3 أزرار فقط، عن طريق توقع البرنامج الكلمة المراد طباعتها.

والآن أضحى هناك تحد آخر بالنسبة إلى الطباعة على الهواتف الجوالة. فقد بات الكثير منها يستخدم لوحات المفاتيح الافتراضية على شاشات تعمل باللمس التي أخذت تحل محل الأزرار الطبيعية. لكن طباعة رسالة على قطعة صغيرة من الزجاج، ليست بالأمر السهل، كما أن الأخطاء المطبعية شائعة هنا.

تقنية طبع جديدة

* لكن كوشلر يعتقد أن في جعبته حلا آخر أيضا. وتدعى تقنيته الجديدة هذه «سوايب» Swype، التي طورها بالاشتراك مع عالم أبحاث زميل له يدعى راندي مارسدن. وهي تتيح لأصابع مستخدميها الانسياب عبر لوحة المفاتيح الافتراضية لتهجّي الكلمة، بدلا من طباعة كل حرف منها. وهو يقول: «لقد قمنا بتقليص حجم الكومبيوتر المكتبي مع لوحة مفاتيحه والماوس إلى شيء يتناسب وحجم الجيب. وأصبح نطاق المعلومات مقيدا جدا، بحيث فكرنا أنه لو عثرنا على أسلوب أفضل لإدخال مثل هذه المعلومات، فإنه قد ينطلق بنجاح كلي».

ويضيف كوشلر أن «سوايب» اختراق علمي قد يفيد مليارات الناس على الأقل. فتقنية «تي 9» قد ركبت في أكثر من 4 مليارات جهاز على نطاق العالم كله. وفي العام الماضي جرى بيعها إلى «أميركان أون لاين» (إيه أو إل) مقابل 350 مليون دولار. كما تملكها حاليا شركة «نيوانس» المتخصصة بالتعرف على نطق الكلمات.

تعقب الأصابع

* ويقوم برنامج «سوايب» بتعقب أماكن توقف الأصابع وتغيير اتجاهاتها أثناء محاولتها تهجي الكلمة. ولا حاجة لهذه الحركات أن تكون دقيقة جدا نظرا إلى أن البرنامج يقوم بحساب أي الكلمات المراد أكثر تهجيها، وطباعتها.

أما الأحرف الأجنبية الكبيرة (كابيتال) والمزدوجة، فيمكن اختيارها عن طريق التوقف عليها برهة من الزمن، أو عن طريق الخربشة. في حين تجري عملية التنقيط والإفساح بين الأسطر والكلمات، بشكل أوتوماتيكي. ويقدر كوشلر الذي هو كبير التقنيين في «سوايب» أنه يمكن تحسين البرنامج بنسبة 20 إلى 30 في المائة فيما يتعلق بطباعة النصوص.

ويستخدم «سوايب» حاليا في 7 هواتف ذكية في الولايات المتحدة من قبل الكثير من الشركات الكبرى المقدمة للخدمات اللاسلكية، بما فيها شركة « HTC HD2» و«سامسونغ اومنيا 11». وتقول الشركة إنه قبل نهاية العام الحالي سيكون هذا البرنامج متوفرا في أكثر من 50 نموذجا من الهواتف والأجهزة على نطاق العالم كله.

والشركة الصانعة لم تعقد صفقة بعد حتى الآن مع «أبل»، التي هي أميرة الهواتف العاملة بشاشات اللمس، لكنها شرعت تختبر برنامج هاتف «آي فون» و«آي باد»، وتأمل في عرض نتائج ذلك على «أبل» قريبا.

ولكسب الأرباح تقوم «سوايب» بفرض رسم ترخيص على كل هاتف تبيعه الشركات الصانعة. كما ترى أن هناك فرصا في زيادة أي إضافات مثل تنظيم معاجم مفصلة حسب الطلب لخدمة الأطباء أو المحامين، استنادا إلى مايك ماك شيري كبير المديرين التنفيذيين في الشركة.

تقنية لكل الأجهزة

* لكن جاذبية «سوايب» تتعدى الهواتف الجوالة على حد زعم وون بارك مدير المصادر التقنية في «سامسونغ» في الولايات المتحدة، «فقد يصبح أمرا واقعا لا بد منه بالنسبة إلى الأجهزة اللوحية والتلفزيونات وأجهزتها التي تدار عن بعد من الأجيال المقبلة، لأنها تملك إمكانيات كبيرة جدا» حسب ما يقول. ويرى مديرو «سوايب» أن قدراته قد تطاول الأكشاك العامة، والمعدات المنزلية الذكية، وألعاب الفيديو، ونظم الملاحة الإلكترونية الخاصة بالسيارات.

وكانت بعض أساليب إدخال المعلومات في الأجهزة الجوالة تعتمد إيماءات من الخربشات مثل «غرافيتي» من «بالم». لكن استخدام هذا الأسلوب كان أبطأ بكثير من الطباعة، وأرغم الأشخاص على تعلم صيغة جديدة للكتابة باليد للتوصل إلى نتائج صحيحة دقيقة، وفقا إلى غافن ليو المؤسس المشارك لـ«يوزر سينتريك» الشركة الاستشارية التي تقوم بدراسة خبرات الاستخدام بالنسبة إلى الأجهزة الجوالة. وأضاف «أن التطبيقات مثل «سوايب» تعتمد على مخطط واضح معروف يرتكز على لوحة مفاتيح كاملة من نوع «كويرتي»، أي أنه يحتاج ببساطة إلى أن يستهدف حرفا معينا بدلا من الاعتماد على ذاكرة حول كيفية رسم شكل الحرف. وأشار إلى أنه في الوقت الذي شرعت فيه الهواتف الجوالة بالقيام بمهام الكومبيوترات الشخصية، باتت الحاجة ملحة إلى إدخال مهمة البحث عن المعلومات فيها. وقال «إن مثل هذه الأجهزة ليست هواتف فحسب بعد الآن. وهذا هو السبب الذي يدعو إلى بروز مثل هذه التقنيات الجديدة. فكلما أكثرنا من استخدامها في حياتنا اليومية، احتجنا إلى أن نكون أكثر كفاءة في إدخال المعلومات إليها».

وكان كوشلر قد شرع في تجاربه واختباراته حول أساليب إدخال المعلومات عام 2001 متتبعا سعيه الأول لمساعدة الأشخاص من ذوي الإعاقة، عن طريق استخدام مثل هذه التقنية. وكان قد لاحظ في البداية شعبية الأجهزة هذه من «بالم» التي كانت تستخدم القلم الإلكتروني لإدخال المعلومات، لكنه رأى أن هناك مجالا للتحسين. ومن ثم عمل مع مارسدن لتطوير وتهذيب برنامج «سوايب» الذي تتطلب 7 سنوات من العمل الدؤوب.

ويقول كوشلر «إن المهم هو أنه بمقدور البرنامج معرفة الكلمة المراد تهجيتها، فهي لا بد أن تعمل مهما كانت الأسباب».

طباعة شاشات اللمس

* و«سوايب» ليست المؤسسة الوحيدة الناشئة التي تأمل من الاستفادة من الابتكارات في هذا المجال، إذ تحاول الكثير من الشركات تحسين الأسلوب الذي يتبعه الأشخاص في الطباعة على شاشات اللمس التي شرعت تنتشر بسرعة. وتتوقع شركة الأبحاث «غارتنر» أن تبلغ المبيعات العالمية لشاشات اللمس 326.7 مليون دولار في العام الحالي، بزيادة قدرها 97 في المائة عن العام الماضي.

وتبيع شركة «سلايد آي تي» التي لها مكاتب في الولايات المتحدة وغيرها تطبيقات خاصة لإدخال النصوص في شاشات اللمس، سواء عن طريق الإصبع، أو القلم الإلكتروني في الهواتف العاملة بنظم التشغيل «سيمبيان» و«ويندوز موبايل» و«أندرويد». وتقول الشركة إنها منذ فبراير (شباط) الماضي جرى تنزيل برنامجها أكثر من نصف مليون مرة.

وكانت شركة «نيوانس» المعروفة ببرمجيات التعرف على الكلام قد استحوذت على شركة ناشئة تدعى «شايب رايتر» تقوم بمقارنة الأنماط والنماذج المرسومة على لوحات مفاتيح شاشات اللمس، بتلك الكلمات الشائعة المكتوبة. وهي تفاوض حاليا صانعي الهواتف الجوالة لكي تستخدم برنامجها الذي يدعى «تي9 ترايس».

أما «غوغل» فتحاول أن تقنع الناس بالتخلي عن الشاشات كليا عن طريق تطوير تقنيات التعرف على الصوت والصورة. ويمكن لتطبيق «غوغل» هذا تحليل صورة نص ما وترجمتها إلى لغات عدة، من دون الحاجة إلى الطباعة. في هذا الوقت تستمر «سوايب» في تطوير إنجازها الأخير الذي يتعرف على الأصوات، والذي يتوقع إضافته إلى الهواتف الذكية هذا الصيف. «فالأمر كله يتعلق بتحسين كيفية تعامل الناس مع إدخال المعلومات في هواتفهم الجوالة، سواء كان ذلك بانسياب الأصابع، أو النطق» استنادا إلى ماك شيري.

* خدمة «نيويورك تايمز»