نظم محاكاة للحركات البشرية.. لتطوير الشخصيات الافتراضية

منها تصاميم لروبوتات تقلد مشية الإنسان الطبيعية

TT

السير على قدمين مشكلة بالنسبة للروبوتات، لكنه سهل على الأطفال. وعندما تقوم هذه الشخصيات الآلية بمحاكاة عملية المشي، فإنها تفعل ذلك، لكنها لا تبدو طبيعية كالإنسان في ذلك.

وسبب ذلك أن الكثير من مفاصل الجسم البشري قادرة على التحرك في اتجاهات متعددة، مما يعني توليد تشكيلة كبيرة من الأوضاع المختلفة. وترتيب مثل هذه الأوضاع بالنسبة للروبوتات لكي تقلد البشر، ليس بالأمر البسيط. «فالأمر مثل قيادة السيارة عن طريق 50 عجلة قيادة»، كما يقول ميشيل فان دي بان، الباحث في عمليات المحاكاة الكومبيوترية في جامعة «بريتش كولومبيا» في فانكوفر بكندا، الذي هو واحد من الكثيرين الذين يحاولون إيجاد أسلوب جديد لإعطاء الروبوتات وشخصيات ألعاب الفيديو، المزيد من المظاهر الطبيعية والواقعية للمشي.

محاكاة الواقع

* إن عمليات محاكاة العمليات الطبيعية من شأنها المساعدة على جعل العوالم الافتراضية تبدو أكثر واقعية. ومثال على ذلك فإن هناك أسلوبا يدعى تتبع الإشعاعات الضوئية الذي من شأنه تقليد انعكاسات الضوء عن الأجسام. لكن محاكاة الشخصيات، بشكل عام أكثر سطحية. وعلى الرغم من أن تقنية معرفة كيفية الحركة وتصويرها من شأنها تسجيل الحركات في الحياة الفعلية بغية أن تقوم الشخصيات الافتراضية بتقليدها، إلا أنه من غير الممكن منح الشخصية مختلف الحركات التي تحتاجها. والمسعى الأفضل هنا هو «فقط تمكين الشخصيات الافتراضية من توليد مثل هذه الحركة أثناء العمل أو السير»، كما يقول مارتن دي لاسا من جامعة تورونتو في كندا في حديث نقلته مجلة «نيو ساينتست».

وكان خبراء المحاكاة قد اعتمدوا هذا المسعى في التسعينات، لكن الكومبيوترات البطيئة، آنذاك، والاستيعاب المحدود للعلوم الحيوية الميكانيكية، ردعتهم. ولم تعد مثل هذه القيود تنطبق حاليا، كما يقول دي لاسا. ومثال على ذلك فقد قامت المؤسسة البريطانية «ناشترال موشن» بتطوير شخصيات افتراضية تتجاوب مع كل الذي تواجهه بطريقة واقعية عن طريق أسلوب يدعى «التطور المحاكاتي».

«التطور المحاكاتي»

* وتبدأ هذه العملية عن طريق مجموعة من هياكل الشخصيات الافتراضية التي تديرها شبكة من الأعصاب الافتراضية. ولكل هيكل من هذه الهياكل شبكة مختلفة قليلا التي تؤثر في قابلية السير. وتلك التي تستطيع السير إلى مسافة أبعد يعلن عنها على أنها الأكثر قابلية التي تستخدم لتفريخ الجيل المقبل الذي يجري تغيير مجموعة أعصابه الثانوية قليلا. وتتطور الهياكل هذه أوتوماتيكيا عبر الأجيال إلى هياكل أفضل سيرا. وتظهر عمليات محاكاة هذه الشركة في الكثير من ألعاب الكومبيوتر وأفلام السينما.

ولكون نظام التحكم هذا الخاص بـ«ناشترال موشن» يتطور ذاتيا، فإنه ليس من الواضح كيفية عمله، مما قد يتسبب في قيام المهندسين بالتريث لبرهة، بغية التفكير قبل تطبيق ذلك على الروبوتات ذات الكلفة العالية.

وعوضا عن محاكاة شخصية عن طريق التحكم بكل مفصل بشكل مستقل، قام كل من الباحثين المذكورين بتطوير أدوات تحكم وسيطرة شاملة. وهذه تفرض أحكاما بسيطة، تحدد كيفية تصرف الشخصية وحركة مفاصلها الفردية التي تطيعها.

وحال تحديد مسلك القدم المتأرجحة في نموذج الباحثين، على سبيل المثال، عن طريق المتحكم يجرى قياس الزوايا الواقعة بين المفاصل المختلفة في الساق والورك بشكل أوتوماتيكي. ولكون مسلك القدم المتأرجحة يتحكم بحركة الأطراف وليس العكس، يقوم المتحكم باعتماد أنواع الأجسام المختلفة.

وركز دي لاسا مع إيغور مورداتش وأرون هيرتزمان في جامعة تورونتو أيضا بدلا من ذلك على كيفية تأثير موضع القدم والجذع على مركز الجاذبية. وقد يبدو الأمر بسيطا، ولكن عند تطبيق ذلك على الجسم الافتراضي بنسب واقعية للأطراف والميكانيكيات الأحيائية، تبرز السلوكيات الأخرى بشكل طبيعي.

شخصيات افتراضية

* ويبدو السلوك البشري بشكل طبيعي في الشخصيات الافتراضية المتحركة لدى تطبيق القوانين والأحكام الجديدة. ويقوم كل من فان دي بان والطالب في صف التخرج ستيليان كروس بالعمل حاليا على تنفيذ عملهما هذا على الروبوتات التي تحاكي الإنسان.

ويدرك دي لاسا تماما التحديات التي تواجه مشية الروبوت لكونه عضوا سابقا في «مشروع الكلب الروبوتي» «بيغ دوغ» في مؤسسة «بوسطن ديناميكس». و«بيغ دوغ» هذا يعرض السلوك الغريب للمشي الواقعي الذي يستعيد توازنه بعد انزلاقه على الجليد، لكن هناك قيدا واحدا كبيرا، وهو أن نظام تحكمه المعقد يعمل بالنسبة لقياسات الروبوت وتصميمه فقط.

ويقول كريس أتكيسون، الباحث في الروبوتات في «جامعة كارنيغي ميلون»، إن نظام التحكم هذا الموصى عليه يتطلب خبرة بالتصميم. «فهو فن، فقد تحتاج إلى مايكل أنجلو الفنان والشاعر الإيطالي الكبير في القرون الوسطى، للقيام بذلك، ولكن للأسف لا يوجد الكثير من هؤلاء الأشخاص».