تقنيات مطورة.. لتصميم نظم الملاحة الداخلية

توظف إشارات لاسلكية لرصد المواقع داخل المباني والمنشآت

نظام ملاحة لرصد المواقع الداخلية في هاتف «إن 8»
TT

لا يعد البحث عن واحد من آخر مواقع ركن السيارة في موقف مزدحم لوقوف السيارات لا يمتاز بإضاءة كافية في أحد المباني المتعددة الطوابق، من بين ملذات الحياة، إلا أن شركة السيارات الألمانية «بي إم دبليو» تعتقد أن لديها الإجابة عن ذلك وهو نظام لتحديد المواقع الداخلية يرشد سائقي السيارات إلى هذا الموقع الثمين لركن السيارات، ويساعدهم بعد ذلك على العثور على سياراتهم مرة أخرى، من خلال استخدام ذكي لأجهزة استشعار القصور الذاتي في السيارة، بالإضافة إلى تطبيقات الخرائط المتوفرة على جهاز الهاتف الجوال.

وكانت الفكرة التي طرحتها «بي إم دبليو» واحدة من الكثير من الأفكار التي تم الكشف عنها في مؤتمر الملاحة الداخلية ونظام تحديد المواقع الداخلية عقد مؤخرا في زيوريخ بسويسرا، وهو تجمع لمهندسين يأملون في محاكاة النجاح الكبير الذي حققته تكنولوجيا تحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية، لكن هذه المرة داخليا.

ملاحة «داخلية»

* يريد أنصار نظام تحديد المواقع الداخلية، غمر المباني العامة بأجهزة إرسال لاسلكية لمساعدة الأفراد على تحديد موقع بوابة الرحيل الخاصة بهم في المطارات، على سبيل المثال، أو أي متجر في سوق تجارية كبرى، أو أي معرض في أحد المتاحف المتشعبة. كما أن نظام تحديد المواقع الداخلية سيكون قادرا على تعقب الأهداف المتحركة، مما يتيح لنا تحديد موقع أصدقائنا في أي مبنى متعدد الطوابق، بغض النظر عن الطابق الذي يوجدون فيه.

بيد أن هذه التكنولوجيا قد لا تأتي إلى المباني العامة القريبة منك إلا بعد فترة من الزمن، نظرا لعدم وجود اتفاق واسع النطاق بشأن أفضل تكنولوجيا لتحديد مواقع الأشخاص أو الأشياء داخل المباني العميقة. ويعني وجود المواد المختلفة العاكسة للأشعة والممتصة لها في هذه البيئة المبنية، أن موجات الراديو، التي يشيع استخدامها في أنظمة تحديد المواقع الخارجية، مثل نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) وشبكة «غاليليو» الوشيكة العمل التي طورها الاتحاد الأوروبي، لا تستطيع على نحو موثوق التعامل مع التصميمات المعمارية المعقدة.

قوة الإشارة وتأخرها

* ونتيجة لذلك فإن عددا من المهندسين يختبرون مجموعة متنوعة ومختلفة من الأساليب للعثور على أكثر وسيلة يمكن التعويل عليها. وهناك خصمان رئيسيان، هما: قوة الإشارة المتسلمة (RSS)، ووقت الوصول (ToA).

وتعتمد قوة الإشارة المتسلمة على معرفة مقدار الإشارة وقوتها عند مصدرها ومراقبة ضعفها مع المسافة التي تقطعها. وبالنظر إلى عدد أجهزة الإرسال الثابتة، يستطيع جهاز الاستقبال العمل في المكان الذي يوجد فيه عن طريق عملية التثليث. ويمكن لتقنيات تقوية الإشارات أن تعتمد استخدام شبكات «واي فاي» واتصالات «بلوتوث» و«زغ بي» - وهي شبكة اتصالات «بلوتوث» بطاقة منخفضة جدا - للاتصالات اللاسلكية.

وعلى الجانب الآخر، يشمل وقت الوصول قراءة المواقيت التي أرسلت فيها الإشارة المرسلة من أجهزة الإرسال في المواقع المعروفة وحساب الموقع عن طريق مقارنة الفترات التي تصل فيها الإشارات من أجهزة الإرسال المختلفة. وهذه الطريقة هي الطريقة المستخدمة في نظام تحديد المواقع العالمي.

تقنيات جديدة

* وفي معرض «عالم نوكيا» التجاري في لندن الشهر الماضي، ارتدى فابيو بيلوني، رئيس «مختبر أبحاث نوكيا» في تامبير في فنلندا، وزملاؤه شارة صغيرة بحجم بطاقة الائتمان لتعقب تحركاتهم ضمن مسافة 30 سنتيمترا باستخدام منطق قوة الإشارة المتسلمة. كما يشمل تحديث تكنولوجيا نوكيا، الذي قدمه زملاء بيلوني في نظام تحديد المواقع الداخلية والملاحة الداخلية، جهاز استشعار القصور الذاتي، مما يتيح تقدير حركة المستخدم بين مواقع دقيقة في نظام تحديد المواقع الداخلية.

وهناك نظام منافس تقدمه شركة «أومنيسينس»، وهي شركة تعمل في مجال المواقع الجغرافية وتقع بالقرب من كمبريدج في بريطانيا، وقدمت الشركة هذه التكنولوجيا للمستثمرين في معرض «ميركاتس وآفاتار» للابتكارات في كمبريدج الشهر الحالي. وتستخدم هذه الشركة موجات «زغ - بي» (Zig Bee)، وأجهزة استشعار القصور الذاتي، وجهاز استقبال يعمل بنظام تحديد المواقع العالمي في بطاقات قوة الإشارة المتسلمة الخاصة به، مما يتيح لهم الانتقال بسهولة بين المواقع الداخلية والخارجية، حسبما يقول رئيس الشركة، أندي ثورمان.

وقد تساعد هذه التكنولوجيا في تعقب عمال التعدين فوق الأرض وتحت الأرض، والأفراد الذين يعانون من مشكلات عقلية. كما يمكن توظيفها لمراقبة الماشية، إذ يعتبر تشغيل هذه التكنولوجيا عندما تكون البقرة في فترة التبويض أمرا مهما بالنسبة إلى المزارعين، إذ تتجه البقرة في اتجاه مختلف عن اتجاه الثيران في القطيع عندما يحدث ذلك. ويقول ثورمان: «ستخبرنا بذلك أجهزة استشعار القصور الذاتي»، وفقا لمجلة «نيوساينتست» البريطانية.

إشارات متعددة

* وكانت إحدى الأفكار الأكثر إثارة للاهتمام في نظام تحديد المواقع الداخلية والملاحة الداخلية هو منطق وقت الوصول، الذي يحاكي شكل إشارة نظام تحديد المواقع العالمي، والذي يُثبت بالساعة الذرية لنظام تحديد المواقع العالمي وصندوق الأمتعة بالسيارة، مما يتيح استخدام تكنولوجيا استقبال أنظمة الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية في الداخل والخارج. ويضع هذا النظام، الذي طورته «لوكاتا كوربوريشن» في كانبيرا بأستراليا، عموما مواقع بث بالموجات الراديوية توجه بيانات التوقيت حول المنطقة أو المبنى محل الاهتمام. وهذا النظام مصمم لمساعدة الجيش إذا جرى التشويش على نظام تحديد المواقع العالمي. وفي الواقع، اشترت القوات الجوية الأميركية أحد هذه الأنظمة الأسبوع الحالي. كما يبحث المسول التنفيذي، نونزيو غامبيل، مجموعة من تطبيقات المستهلك.

بيد أن هذه الأنظمة المتنوعة تترك مشكلة توحيد القياس بلا حل. ويبحث التحالف المفتوح للهواتف الجوالة، وهو هيئة عالمية لصناعة الهواتف الجوالة، كيف أن الجيل المقبل من تكنولوجيا الجيل الثالث، التي تسمى حاليا مشروع «التطور الطويل الأم»، قد يتم تسخيره لتوفير بروتوكول قياسي لتحديد المواقع. بيد أن كانوار شوبرا، المهندس بشركة «سي إس آر» في كمبريدج، يشك في ذلك.

وقال أمام ندوة «عالم المستقبل» في المعهد القومي للإلكترونيات الدقيقة في بريطانيا، إنه لا يعتقد أنه ستكون هناك تكنولوجيا واحدة محددة لأجهزة استشعار المواقع الداخلية. «فكلما ازداد توجهنا إلى الداخل أكثر فأكثر، فإن علينا توظيف أجهزة قياس التسارع والبوصلة الجيروسكوبية للقيام بعملها. وذلك لأن إشارات الراديو ليست مصممة لاستشعار المواقع في جميع البيئات». ولذا فإن الملاحة الداخلية «تستوجب دوما مزيجا من أنواع متعددة للإشارات».