«اتصالات المجال القريب».. تغزو تصاميم الهواتف الذكية الجديدة

تتيح الاتصال بين جهاز وآخر.. وتوقعات لـ«آي فون» مصمم بتقنيتها

TT

تعكف الكثير من الشركات المصنعة للهواتف الذكية على وضع خطط لإطلاق مجموعة من الهواتف الأميركية الجديدة القادرة على الاتصال بأجهزة أخرى حال نقرها ببعضها البعض، أو للعمل كمحافظ نقود إلكترونية عبر تسديد ثمن السلع فوريا عند التلويح بها أمام شاشة جهاز القراءة الإلكترونية.

تحمل التقنية التي تجعل من هذا الأمر ممكنا اسم «اتصالات المجال القريب»، Near Field Communications (NFC)، وتشكل خطوة لما وراء تقنية التعريف بالهوية بواسطة موجات الراديو RFID، المستخدمة في الكثير من أنظمة النقل أو بطاقات الدخول الأمني إلى المباني.

* تقنية اتصالات قريبة

* الملاحظ أن تقنية «اتصالات المجال القريب» تستخدم نفس موجات الراديو عالية التردد التي تعتمد عليها تقنية التعريف بموجات الراديو، وبإمكانها إجراء اتصال عبر مسافة تصل لقرابة نحو 10 أمتار، كما أنها متوافقة مع الأنظمة العاملة بتقنية تعريف تردد الراديو من دون اتصال، لكن الأجهزة العاملة بتقنية «اتصالات المجال القريب» يمكنها إرسال واستقبال بيانات، وهو أمر يتيح إضافة تطبيقات كثيرة جديدة عندما يمزج بينه وبين القوة الحسابية الآلية للهاتف الذكي.

في هذا الصدد، يقول ديدير سيرا، مؤسس «إنسايد كونتاكتلس»، الشركة المصنعة للأقراص والبرنامج الخاص بأجهزة «اتصالات المجال القريب»: «أعتقد أن عام 2011 سيشكل نقطة تحول بالنسبة لـ(اتصالات المجال القريب)، عندما سنشهد توافر عدد كبير لهذه الهواتف داخل الولايات المتحدة». وأضاف أن شحن منتج يقوم على أجزاء صلبة تتعلق بـ«اتصالات المجال القريب» بكميات ضخمة يستغرق من أي شركة نحو 18 شهرا، مضيفا، في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو» الصادرة عن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، أن «العمل بدأ على هذا الصعيد منذ قرابة 9 شهور».

يُذكر أن تجارب على نطاق صغير جرت بالفعل بالعديد من المدن الأميركية في السنوات الأخيرة؛ إذ طرحت في أواخر عام 2007، شركة «سبرينت» هواتف «سامسونغ» بتقنية «اتصالات المجال القريب» سمحت للأفراد باستخدام وسائل النقل وسداد مبالغ في المتاجر. وتجري «فيزا» الآن تجارب في نيويورك ولوس أنجليس، من بين مدن أخرى، لجهاز من إنتاج «ديفايس فيديليتي» يجري إدخاله في الفتحة الموصلة بذاكرة الهاتف لمنح الهاتف قدرات «اتصالات المجال القريب».

من ناحيتها، أعلنت «نوكيا»، أكبر شركة مصنعة للهواتف في العالم، في يونيو (حزيران) الماضي، أن جميع الهواتف المحمولة التي تنتجها ستجري إضافة قدرات «اتصالات المجال القريب» عليها في عام 2011. أما «سامسونغ»، فعملت على اختبار هواتف لبعض الوقت، بينما تدور شائعات واسعة النطاق حول إعداد «أبل» جهاز «آي فون» مزودا بـ«اتصالات المجال القريب».

من الممكن أن تتمتع «أبل» بمميزات على الشركات الأخرى المصنعة للهواتف، حسبما ذكرت أفيفاه ليتان، المحللة لدى «غارتنر» المتخصصة بتقنيات الصيرفة والسداد. وقد شاركت مؤخرا في وضع تقرير حول الاستراتيجية الممكنة لمدينة كوبرتينو في كاليفورنيا حول الانتقال لأنظمة سداد الأموال من دون اتصال.

* «آي فون» جديد

* وقالت ليتان: «تتمتع (أبل) بالفعل بنظام مغلق خاص بها على (آي تيونز) يمكنه العمل كجهاز تحويل مالي. إنهم لا يرغبون في التحول إلى مصرف - قد يتمثل السبيل الذي تحصل من خلاله على مال في حسابك على «آي تيونز» عبر بطاقة الائتمان الخاصة بك أو البطاقة المصرفية أو حساب مصرفي - وإنما سيتعاملون مع عملية السداد».

وأضافت ليتان أنها تتوقع أن تكشف الشركة عن «آي فون» بتقنية «اتصالات المجال القريب» العام المقبل، مشيرة إلى عدد من براءات الاختراع التي تقدمت الشركة بطلب للحصول عليها، وتعيينها مؤخرا عددا من الموظفين ذوي الخبرة بهذا المجال.

من ناحية أخرى، ينبغي أن تكون جميع الهواتف المستقبلية العاملة بتقنية «اتصالات المجال القريب» متوافقة مع أنظمة السداد اللاسلكية وأنظمة النقل الحالية التي تقرها المصارف وغيرها، مثل أنظمة النقل المستخدمة في بوسطن ولوس أنجليس. إلا أن هذه البنية التحتية ليست واسعة النطاق على نحو كاف لجعل هذا الأمر نقطة البيع الرئيسية للهواتف العاملة من دون اتصال، حسبما أوضح سيرا.

* اتصالات بين الأجهزة

* وتتيح «اتصالات المجال القريب» إنجاز أكثر من مجرد السداد، مثل التمكن من تبادل معلومات عبر نقر هاتفك بهاتف شخص آخر بصورة خفيفة. ويتوقع أن تتوصل الشركات المصنعة في نهاية الأمر إلى سبيل لربط الهاتف بهاتف آخر وجهاز، بما يجعل من الممكن نقر جهاز «بلوتوث» في هاتف كي يتم اتصال فوري بينهما.

من ناحيته، قال محمد عواد، من «إن إف سي فورم»، وهي منظمة معنية بتحديد الاعتبارات التفصيلية المتعلقة بـ«اتصالات المجال القريب»: «أعتقد أن الكثيرين سيرون قيمة في هذا الأمر. يمكنك نقر هاتف في آلة طبع أو حاسب آلي متنقل ليحدث اتصال بينهما. إن الأمر سلس للغاية». على الرغم من إمكانية استخدام «اتصالات المجال القريب» في نقل بيانات تصل إلى 424 كيلوبايت في الثانية - مما قد يعتبر كافيا لنقل وثيقة لطبعها - فإنها تعمل في أفضل حالاتها كآلة «مساعدة» لإقامة اتصال «بلوتوث» أو «واي - فاي». ويعمل «إن إف سي فورم» بالفعل على ضمان جودة الموجة الأولى من أجهزة «اتصالات المجال القريب» لطرحها بالسوق الأميركية، طبقا لما ذكره عواد. وأضاف: «لقد شهدنا تدفق مجموعة من المنتجات اليوم».

إلا أن سيرا أوضح أن مصنعي الهواتف الذكية يعتمدون بشدة حاليا على مطورين يشكلون أطرافا ثالثة. وأضاف: «لكي تنجح (اتصالات المجال القريب)، يجب أن يتركز اهتمام الصناعة على التطبيقات وتسمح للمطورين المبدعين بطرح أفكار وتطبيقات يرغب بها المستخدمون. ومن بين الأمثلة على ذلك: تطبيقات تكوين الشبكات الاجتماعية التي تسمح للأفراد بتبادل المعلومات أو ممارسة ألعاب، الأمر الذي قد يلعب دورا مهما في إكساب التقنية شعبية».

لكن جان لويس كارارا، من شركة «غيمالتو» الأمنية المصنعة لأقراص البطاقات ذكية وبطاقات «إس آي إم»، أكد أن «اتصالات المجال القريب» مؤمنة. وأضاف: «إن الناس سيهتمون بتأمين هواتفهم، ومعلوماتهم الشخصية، وبيانات السداد الخاصة بهم»، مشيرا إلى أن «اتصالات المجال القريب» ربما تزيد جاذبية الهواتف الذكية أمام الـ«هاكرز». وأشار إلى أن «الفيروسات المنتشرة عبر الهواتف الذكية تشهد تناميا بالفعل حاليا».