الرسائل النصية.. بوابة الصم إلى العالم الخارجي

إضافة إلى لغة الإشارات الواسعة الانتشار

TT

الهواتف التي سهلت استخدام الرسائل النصية القصيرة خلال العقد المنصرم، غيرت بهدوء من حياة الملايين من الأشخاص الصم الذين لا يسمعون. فقد ولت الأيام الماضية التي كان فيها الأصم يقصد منزل أحدهم ليرى إن كان موجودا أم لا، فيما تقوم الزوجات بإرسال الرسائل النصية لأزواجهن الصم الموجودين في الدور السفلي من المنزل، تماما مثلما يصرخ الأشخاص العاديون الذين يسمعون عادة منادين على أزواجهم.

ويندمج المراهقون الصم الذين هم في سن العاشرة عادة مع المجموعات الصغيرة، لأنهم يواظبون بهمة على تبادل الرسائل النصية مثلهم مثل الآخرين من الطلاب في المدارس.

والذي يزور المدارس الأميركية الخاصة بالصم، ومنها مدرسة ألاباما للصم، فإنه سيلاحظ علامات الثورة الحاصلة هناك التي لم يلاحظها الكثير من الأشخاص الذين يسمعون. فجميع الطلاب في مدرسة «تالاديغا» يملكون على الأقل جهازا لإرسال النصوص، وبعضهم يملكون اثنين. وفي وقت الغداء يقوم هؤلاء التلاميذ المحرومون من نعمة السمع بطلب أطباق الهامبورغر والبطاطا المقلية عن طريق الرسائل النصية.. فقط اطبع ما تريده ليظهر ذلك على شاشة الطلبات.

* جيل أصم إلكتروني

* ولأول مرة يظهر جيل من الأشخاص الذين لا يسمعون، ويتواصلون مع العالم بهذا الأسلوب مستخدمين الهواتف الجوالة، مثل «بلاك بيري»، أو «آي فون» الذي يستخدمه نحو 260 مليون شخص في الولايات المتحدة. ولا تتخيل مات كوشي مثلا، التي تقوم بإرسال النصوص وتلقيها طوال حياتها، مطلقا اليوم الذي لا تستخدمها فيه. وتقول هذه المعلمة في المدرسة البالغة من العمر 29 سنة «كان علينا استخدام القلم والورقة للتواصل» وفقا لما أوردته وكالة «أسوشييتد برس».

أما والتر ريبلي (54 سنة)، مدير الرياضة في المدرسة، فقال إنه من دون جهازه اليدوي عليه أن يعود إلى الاعتماد على الآخرين، حتى بالنسبة إلى عمليات التواصل الأساسية. لكن إرسال النصوص هو أقل تعبا وجهدا. ويضيف «لم أعد أعتمد على الأشخاص الذين يسمعون، فقد جعلني هذا الأمر أكثر استقلالية، ولم أعد أطلب من الأشخاص الاتصال نيابة عني.. فالطلب من الآخرين قد يكون محبطا جدا».

ولا تزال كوشي وريبلي يستخدمان لغة الإشارات والمترجمين خلال المقابلات، كما أن الأشخاص الصم لا يزالون يفضلون بشكل عام لغة الإشارات لدى التكلم وجها لوجه، فهي أسلوب أسرع وأكثر تعبيرا من النقر على الحروف على لوحات المفاتيح الصغيرة.

ولأجيال مضت كان الصم يتواصلون مع الغير بلغة الإشارات، مثل الإيماءات، وقراءة الشفاه، والكتابة. ثم سمحت الخطوط الهاتفية باستخدام آلات «تيليبرينتر» (TTY) التي يمكن للصم استخدامها لإرسال الرسائل المطبوعة إلكترونيا. يقول ريبلي الذي كان أباه وأمه وأشقاؤه وشقيقاته جميعا من الصم «لقد كنا نملك واحدة منها في المنزل لنستخدمها جميعا، وكنت آنذاك في سن العاشرة. وكان لدينا خط هاتف خاص لاستخدامها».

ولا تزال الآلات الموصولة بالأجهزة الأرضية مستخدمة، رغم تطور الخدمات كوجود مشغلين يقومون بالترجمة للصم خلال الأحاديث الهاتفية، إضافة إلى المكالمات الهاتفية الفيديوية والبريد الإلكتروني. لكن المعنيين بشؤون الصم يقولون إن الحياة شرعت تتغير بسرعة بعد عام 1999 عندما طرح جهاز «بلاك بيري» من قبل الشركة الكندية «ريسيرتش إن موشن».

وكان ران غوردن (54 سنة)، الذي يعمل أيضا بالمدرسة، قد حصل على جهازه الأول لإرسال النصوص قبل سبع سنوات. وقال «بالتأكيد فقد غير حياتي كلها. فقد بات بمقدوري إجراء الاتصالات في أي وقت أرغبه. وإرسال مثل هذه النصوص أمر سريع وبغاية الكفاءة».

* لغة إشارات إلكترونية

* والمؤكد أن المزيد من التقدم في التقنيات قد يجعل الاتصالات حتى أكثر سهولة. والكثير من الصم متلهفون لمعرفة ما إذا كان برنامج الدردشة الفيديوية على هاتف «آي فون 4» الجديد سيعمل جيدا بالنسبة إلى لغة الإشارات، كما تقول دافني كيث في مخزن «فيريزون» قرب مدرسة ألاباما هذه. في الوقت نفسه يعمل فريق هندسي من جامعة واشنطن على عمل جهاز لبث اللغة الأميركية للإشارات عن طريق الفيديو عبر شبكات الجوال.

وثمة الكثير من الأشخاص الصم يتزودون بهواتف للبيانات فقط، يعتبرون من أفضل زبائن كيث. والكثير من شركات الهواتف الجوالة في أميركا، بما فيها «فيريزون وايرليس» و«إيه تي آند تي»، أضحت تقدم خططا خاصة لخدمة الصم.

وتملك «فيريزون كومينيكيشنس»، وهي الأكبر في أميركا لتقديم الخدمات اللاسلكية، خطة للنصوص فقط، مقابل 54.99 دولار شهريا، تشمل إرسال رسائل النصوص من دون أي قيد، فضلا عن تصفح الشبكة، واستخدام البيانات والبريد الإلكتروني.

ولسهولة استخدام النصوص جزئيا بالنسبة للصم، فثمة القليل من المدن الأميركية، بما فيها سنسناتي، قامت باعتماد النصوص كأسلوب للقبول بالمكالمات الطارئة. فالصم والأشخاص الذين يعانون إعاقة بالسمع، عليهم الاتصال برقم معين بدلا من 911 الخاص بالطوارئ في أي حال.

وكان إحصاء أجرته الجمعية اللاسلكية «سيتا» من ولاية واشنطن قد وجد أن هنالك 257 مليون جهاز يدوي داعم للبيانات التي هي قيد الاستخدام في الولايات المتحدة في العام الماضي، صعودا من 228 مليونا في العام الذي سبقه، منها 50 مليون هاتف ذكي، أو يدعم الأجهزة الرقمية الشخصية (PDA) لاسلكيا.