لسنوات طويلة، عمل أفضل نظام موسيقي شعبي من «أبل» حتى الآن على الشكل التالي: تقوم بشراء الملفات الموسيقية من مخزن «آي تيونز»، ليجري تنزيلها على جهازك الكومبيوتري، فإذا رغبت في الاستماع إليها على الطريق، تقوم بوصل جهاز «آي بود»، أو هاتف «آي فون» إلى الكومبيوتر هذا لنسخ الملفات عليه.
لكن شركة «أمازون» التي ينافس مخزنها الموسيقي مخزن «أبل»، تعاني من مشكلتين على هذا الصعيد. الأولى، هي أن تكون مكتبتك الموسيقية مبعثرة بشكل سيئ. فلدى شرائك أغنية جديدة من المنزل، لا يمكنك الإصغاء إليها في المكتب، إذا لم تقم على الأقل بنسخها يدويا. فقد تقوم بشراء أغنية على هاتفك، لكنها لا تصبح على جهازك الكومبيوتري، ما لم تقم بمزامنتها. أما إذا كانت مكتبتك الموسيقية كبيرة، فلا تستطيع سوى ملء حيز صغير منها على هاتفك. والمشكلة الثانية، رغبة «أمازون» في قيام المزيد من الأشخاص بشراء الموسيقى من مخزنها بدلا من «آي تيونز».
* خدمات ذكية
* وكشفت «أمازون»، شركة المبيعات على الشبكة، النقاب مؤخرا عن مجموعة ذكية من البرمجيات والخدمات التي تحل هاتين المشكلتين، ولتقدم بعض الحوافز الجيدة بغية جذب النظر إليها. وتقوم الفكرة على أنه بدلا من تخزين المجموعات الموسيقية على الكومبيوتر، يجري تخزينها على الشبكة، أو بكلمة أخرى على «السحاب» المعلوماتي، وبذلك يمكن الإصغاء إليها من أي كومبيوتر، سواء كان في المنزل، أو العمل، أو لدى الأصدقاء، وذلك عن طريق الدخول إلى صفحة الشبكة الخاصة بذلك، التي تدعى «مشغل أمازون السحابي» (أمازون كلاود بلاير/ Amazon Cloud Player). كما يمكن أيضا الإصغاء إلى أي شيء من مجموعتك الموسيقية، عن طريق هاتف «أندرويد». وبذلك لا تحتاج هنا إلى إجراء عمليات النسخ واللصق والمزامنة، لأن موسيقاك متوافرة دائما من أي مكان، ومن دون الحاجة إلى إجراء أي تخزين على الهاتف ذاته.
* مشغل موسيقي شبكي
* والمشغل السحابي هذا بسيط، سلس، ويسترجع الموسيقى بوضوح، بحيث لا يختلف أبدا عما هو موجود في «آي تيونز». كما يمكن ترتيب لوائح الموسيقى هناك والبحث بينها. كذلك يمكن سحب الأغاني إلى لوائح التشغيل، أو إعادة تشغيلها عن طريق وظائف «التغيير والتعديل والإعادة». أيضا يمكنك تنزيل الأغاني من هناك إلى جهازك الكومبيوتري، أو إلى سائر الأجهزة الأخرى. وجودة الصوت هنا ممتازة لأن سرعة البث الحي تبلغ 256 كيلوبت في الثانية، لما يخص الملفات الأصلية.
كذلك هنالك تطبيق للتحميل الذي يتيح لك إرسال ملفاتك الموسيقية الموجودة على جهاز «ماك» أو «بي سي» إلى هذه المكتبة السحابية على الشبكة، بحيث تتوافر هذه الأغاني أيضا من أي مكان أنت موجود فيه. وهذا التطبيق من الذكاء بحيث يحافظ على أغانيك بالأسلوب الذي نظمتها بموجبه في «آي تيونز»، أو «ويندوز ميديا بلاير».والتطبيق بالنسبة إلى هواتف «أندرويد» مشابه، ويقدم زرين، أحدهما للإصغاء لمجموعتك الموسيقية على الشبكة، والآخر لتشغيل الملفات الموسيقية الموجودة على الهاتف. ولا توجد طريقة للدمج بينهما لإنتاج لائحة تتضمن بعض الأغاني من المصدرين على سبيل المثال. كل ذلك يحصل مجانا من دون مقابل، لكن ليس إلى هذا الحد. فالأغاني هي ملفات كبيرة، وهذه إحدى مميزات فكرة «أمازون السحابية». فنقل هذه الملفات الموسيقية الثقيلة إلى الإنترنت، من شأنه تحرير مساحات كبيرة من أجهزة الكومبيوتر والهواتف.
للشروع في هذا المشروع تقدم «أمازون» لكل شخص 5 غيغابايت من مساحات التخزين المجانية تكفي لنحو 1200 أغنية من مقياس «إم بي3». لكن يمكن شراء المزيد من مساحات التخزين التي تكلف دولارا واحدا للغيغابايت الواحدة في السنة. فإذا كنت تملك مجموعة من الأغنيات بحجم 50 غيغابايت مثلا، فأنت تدفع مبلغ 50 دولارا سنويا. لكن هذا المبلغ يصبح كبيرا في النهاية، مثل ألف دولار مقابل ألف غيغابايت، مما يعني أن من المغري دفع 15 دولارا شهريا لحفظ وتخزين كمية غير محدودة من الموسيقى في مواقع مثل «رابسودي».
ومثل هذا التخزين جيد حتى لأكثر من الملفات الموسيقية. فـ«الجزء 2» من إعلان «أمازون» هو «القرص الصلب السحابي» (كلاود درايف) الذي يشبه «آي ديسك» من «أبل»، أو مايكروسوفت سكاي درايف»، الذي يمكن أن تخزن عليه كل الأمور كالصور، والمستندات المكتبية، وأي شيء ترغب في دعمه بغية استرجاعه في ما بعد من أي كومبيوتر آخر. وحتى لو لم تستخدم أيا من مميزات «أمازون» الموسيقية هذه، فإن وجود 5 غيغابايت على قرص افتراضي على الشبكة، هو مفاجأة سارة لمن يرغب في ذلك. وللتخفيف من الكلفة العالية لأسعار التخزين السحابي تقدم «أمازون» بعض العروض الخاصة. ومثال على ذلك إذا اشتريت ألبوما من مخزن «أمازون» الموسيقي يجري توفير مساحة إضافية لك للتخزين السحابي تصل إلى 20 غيغابايت لعام واحد من دون مقابل. وهكذا فإن أي أغنيات تشتريها من «أمازون» لا تحسب في محدودية التخزين، فإذا بدأت بـ5 غيغابايت مجانية واشتريت 20 أغنية تظل لديك 5 غيغابايت مجانية.
* مقارنة الخدمات
* تبقى الإشارة إلى أنك إن كنت تفضل مبدأ «أمازون» للتخزين على الشبكة، فقد تضطر مرغما إلى اللجوء إلى التخزين في «أبل» للأسباب التسعة التالية:
* المشغل السحابي «كلاود بلاير» متوافر فقط في الولايات المتحدة.
* ثمة الكثير من النظم المشابهة متوافرة من شركات أصغر مثل «راديو» و«أوديو غالاكسي» و«سبوتيفاي» و«أوديو بوكس» و«غروف شارك». وكلها تقدم خدمات «أمازون» ذاتها بأسعار أقل. لكن كلا منها يعاني من بعض المآخذ والعيوب. من هنا فإن حجم «أمازون» ومركزها يوفران الكثير من الثقة في ديمومتها.
* يقال إن «أبل» و«غوغل» تعملان على إيجاد خدمات مماثلة.
* مخزن «إم بي3» من «أمازون» ليس غنيا ومكتمل المميزات والصفات كمخزن «أبل».
* من الرائع أن الأغاني التي تشتريها من «أمازون» لا تؤثر في سعة المخزون المتوافر لك مجانا، لكن لسوء الحظ لا تدخل الأغاني التي اشتريتها قبل أسبوعين في هذا العرض.
* لا يوجد تطبيق مشغل سحابي بالنسبة إلى هواتف «آي فون»، أو «آي بود»، أو «آي باد»، بل إن هذا متوافر فقط بالنسبة إلى هواتف «أندرويد». ولا يصرح أحدهم بتاتا لماذا لا يوجد تطبيق موسيقي من «أمازون» بالنسبة إلى أجهزة «آي»، وربما قد يكون ذلك عائدا إلى كون نظم «أمازون» تتنافس مباشرة مع مخزن «أبل» وبرمجياتها.
* ليس معروفا بالضبط كم هي سليمة ملفاتك الموسيقية على صعيد الحفاظ على خصوصياتها، لأن شروط الاتفاق مع «أمازون» تنص على أنه «لنا الحق في الدخول على حسابكم والكشف عليه، والاحتفاظ بالمعلومات والملفات الموجودة فيه، ولا نضمن ألا يكون عرضة للاختلاس، أو الفقدان، أو التلف، وألا نكون عرضة للمسؤولية إن حصل ذلك. فأنت الوحيد المسؤول على المحافظة على أمن ملفاتك، وحمايتها ودعمها».
* يبدو أن «مشغل أمازون السحابي» قد جاء في الوقت غير المناسب أبدا، في الوقت الذي تزدهر فيه النشاطات الكومبيوترية على الهاتف الذكي. فقد ولى عصر خطط البيانات غير المحدودة الكمية. وأوقفت «إيه تي آند تي» كل «الإنترنت الذي تحتاجه مقابل 30 دولارا شهريا»، كما ستنتهي الخطة المشابهة من «فيريزون» قريبا. فالملفات الموسيقية من شأنها أن تستهلك التخصيصات الشهرية المحدودة بسرعة. كما لا تفكر أن مشغل «أمازون» السحابي يعني إمكانية الإصغاء إلى ألحانك في أي وقت تشاء. فالإصغاء إليها مقيد بالأماكن التي تتوافر فيها فقط النقاط الساخنة من شبكات «واي فاي».
* قد تجد نفسك من دون موسيقى عندما تكون في قطارات الأنفاق، أو محلقا بالطائرات، أو في أي مكان لا توجد فيه إشارات جوالة، أو نقاط إنترنت ساخنة، ما لم تكن محتاطا لذلك عن طريق تنزيلها مسبقا على هاتفك، أو الـ«لاب توب».
* خدمة «نيويورك تايمز»