تقنية أوتوماتيكية.. للتعرف على الوجوه

تتعرف على التعابير والبسمات وتلائم الشبكات الاجتماعية

TT

خرجت شركة ناشئة بتقنية جديدة بإمكانها توفير القدرة لأي موقع شبكة، أو تطبيق، للتعرف على الوجوه وتمييزها، بل وحتى تمييز تعابيرها. وفيما يرى البعض هذه التقنية متطفلة، ترى «فيس دوت كوم»، الشركة التي تقف وراءها، أن غالبية مستخدميها لا يمانعون في التعرف عليهم بصورة أوتوماتيكية على الشبكة.

وجوه سعيدة وحزينة

* مع تحسن برنامج المرئيات في الكومبيوتر، أضحى برنامج التعرف على الوجوه أكثر شيوعا. ومع تحميل ملايين الصور على خدمات مثل «فيس بوك» يوميا، فإن بمقدور هذه التقنية جعل الخدمات الاجتماعية أكثر ملاءمة، وقد تؤدي إلى أنواع جديدة من الخدمات والتطبيقات، لكن ستكون لها طبعا مضاعفات واضحة على صعيد الحفاظ على الخصوصيات.

وكانت «فيس دوت كوم» قد وفرت منذ سنة تقريبا تقنيتها لمطوري البرامج، ممكنة إياهم من البناء والتشييد على مواقع الشبكة، أو التطبيقات التي لها صلة بذلك. وتقوم الشبكة، أو التطبيق، بإرسال الصور التي يمكن تحميلها من قبل المستخدمين على خوادم «فيس دوت كوم» لأغراض المعالجة، ثم تلقي التفاصيل التي تشمل أماكن وجود وجوه معينة، وجنسها، وما إذا كانت تتماشى مع الصور الأخرى المخزنة من قبل «فيس دوت كوم» أم لا. وكان قد جرى مؤخرا تحديث هذه الخدمة بحيث يمكنها قياس مزاج الشخص وتصنيفه إن كان سعيدا، أو حزينا، أو متفاجئا، أو غاضبا، أو طبيعيا، أي لا هذا ولا ذاك. وبمقدور التقنية اكتشاف البسمات، لكنها حاليا اكتسبت القدرة أيضا على تصنيف ما إذا كانت شفاه الشخص مغلقة، أو منفرجة، أو على وشك أن تطبع قبلة. ومثل هذه المميزات قد تستخدم أوتوماتيكيا لإضافة المزيد من العناوين المفصلة للصور، أو تحدي الأشخاص لإظهار مزاج معين عبر تعابيرهم.

وبعد ثلاثة أيام من إطلاق هذه المميزات الجديدة شرع أحد المواقع على الشبكة في استخدام خاصية «فيس دوت كوم» للتعرف على الأمزجة. فـ«موودباتل» هو موقع على الشبكة يقوم بسؤال الزائرين المزودين بكاميرات شبكة «ويبكام» عن الدخول في منافسات للحصول على أقصى التعابير المرتبطة بعواطف معينة.

مليارات الصور

* ويقول جيل هيرش، المدير التنفيذي في «فيس دوت كوم»: «خلال الشهر الماضي قمنا بمعالجة أكثر من ملياري صورة مختلفة». وأضاف أن هذا العدد في تزايد مستمر. وكان نحو 20 ألف مطور قد قاموا بالاشتراك في تقنية «فيس دوت كوم» هذه، بحيث أضحى بمقدورهم معالجة 5000 صورة في الساعة مجانا، وما يزيد على ذلك، لقاء أجر معين.

ويقول هيرش إن شركة «فيس دوت كوم» التي مضت عليها أربع سنوات، باتت مربحة الآن، لكنه أقر بأن التعرف على الوجوه يثير بعض التحفظات حيال المحافظة على الخصوصيات لدى الكثيرين. فالشهر الماضي، أرغمت «فيس بوك» على الاعتذار من مستخدميها بعد إدخالها مزية استخدام التعرف على الوجوه لمعرفة الأصدقاء الظاهرين في صورة ما لتسريع عملية تمييزهم وعنونتهم. وهذه المزية مشابهة تقريبا لتطبيق «فيس بوك» الذي أطلق سابقا من قبل «فيس دوت كوم»، على الرغم من أن هيرش رفض التعليق لدى سؤاله من قبل مجلة «تكنولوجي ريفيو» الأميركية، عما إذا كانت شركته قد وفرت مثل هذه التقنية التي تكمن وراء قدرة «فيس بوك» على التعرف على الوجوه، أم لا.

مخاوف خرق الخصوصية

* وتملك «غوغل» أيضا برنامجا معقدا للتعرف على الوجوه، لكنها كانت حذرة في القول إنه لا يستخدم في التطبيق الجوال «غوغل غوغلز» الذي يتعرف على الأشخاص الملتقطة صورهم عن طريق كاميرا الهواتف، أو خدمة «سيرتش باي إيميج» التي أطلقت مؤخرا.

وتقول كيلي غيتس، الأستاذة في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو التي يستعرض كتابها الأخير كيفية تطور تقنية التعرف على الوجوه وتبنيها واستيعابها، إن القلق الناشئ من هذه التقنية مرده بالدرجة الأولى إلى ارتباطها بالأمن والاستطلاع. وهذا الأمر، إضافة إلى أن التقنية هذه تترابط مع جزء خاص جدا من جسم الإنسان، يجعل من السهل كتابة عناوين مخيفة حول ذلك، وفقا لغيتس.

على أي حال فإن لتقنية التعرف على الوجوه فوائد جمة في عالم العلاقات الاجتماعية على الشبكة. «إذ يبدو أنه ثمة حاجة إلى مثل هذه التقنية التي قد تساعد في ذلك»، على حد قول غيتس، وأضافت «لقد تعودنا على أمور مثل شروع عنونة الصور بالظهور بشكل جذاب بحيث يمكن أتمتتها». وهي تعتقد أن فائدة هذه الخدمات، مثل «فيس دوت كوم»، ستكون كافية لغالبية الناس للقبول نهائيا بمبدأ التعرف على الوجوه، كقبولهم بالتقنيات الأخرى التي أطلقت في البداية مخاوف حول الخصوصيات.

ويجادل هيرش بالقول إنه بات هنالك تحول في السلوك تجاه التعرف على الوجوه. فقد جرى القبول بهذه التقنية في برنامج نظم سطح المكتب للتعرف على الصور من «أبل» و«غوغل». وأشار إلى أن المهم هو التأكد من أن الأشخاص يشعرون بأنهم مسيطرون على التقنية. ومثال على ذلك، يمكن لخدمة «فيس دوت كوم» الاتصال بـ«فيس بوك» لمعرفة من هم أصدقاؤك بالصورة، لكنها قد تطلب أذنا للوصول إلى بيانات «فيس بوك»، وبالتالي الإذعان لترتيبات الخصوصية الخاصة بالمستخدم. ومع ظهور هذه التقنية في الكثير من الأماكن، سيعجب الناس بفكرة الخدمات التي تتعرف عليهم، وعلى أصدقائهم، استنادا إلى هيرش.

وتضيف غيتس أن التقنية التي تتعرف على المزاج، أو التعبيرات، هي أقل نضوجا ودقة من تقنية التعرف على الوجوه، كما أن التطبيقات الخاصة بها لا تزال غير واضحة. ومن المحتمل أن تعمل تقنية «فيس دوت كوم» بشكل أفضل مع التعبيرات المصطنعة، لا الطبيعية منها. لكن مع ذلك يبقى هذا الأمر مفيدا. «فالأمر شبيه بالرموز التعبيرية من حيث إنها تعبيرات عاطفية مبسطة، لكنها تقوم بالغرض في عالم التواصل»، على حد قولها.