«لايون».. نظام تشغيل جديد من «آبل» بمميزات متطورة

قد يستقطب هواة التقنيات أكثر من المستخدم العادي

TT

قد يكون من المؤلم تصميم نسخة جديدة من نظام تشغيل مضى عليه بعض الوقت وأضحى أكثر نضوجا، فكيف تضيف إليه كمية جديدة كافية من المميزات بغية اجتذاب الزبائن الراغبين في التحديث، من دون تعبئة هذا العمل بالمواد غير الضرورية؟ وكيف تقوم بالترميم الكافي لجعل هذا التحديث مثيرا وجذابا، من دون تنفير الأشخاص غير الراغبين في التغيير؟

فمع نظام التشغيل «ماك OS X 10» المعروف بـ«لايون» (Lion) ذهبت «آبل» بالأمور إلى حد الفلسفة. فقد اتبعت نمطا قديما لـ«آبل» في التزام ما هو جذاب ومتطور، وبالتالي التخلص بقسوة في ما تعتبره من التحف القديمة البالية. وهذا أمر جيد بالنسبة إلى أولئك الراغبين في الأمور الجذابة والمتطورة، وليس كذلك بالنسبة إلى أولئك الذين يمقتون تغيير لون طعامهم.

حتى الأسلوب الذي يجري فيه تركيب «لايون» هو أمر متطرف، إذ يمكن تنزيله فورا من مخزن تطبيقات «ماك»، مقابل 30 دولارا. كما يمكن شراؤه على قرص، أو داخل علبة. فهو بسعة تنزيل 4 غيغابايت. وإذا كان التواصل مع الإنترنت بطيئا للغاية، أو كان الاشتراك الشهري بالإنترنت مقيدا جدا، يمكن تنزيله من مخزن «آبل»، أو شراؤه على ذاكرة فلاش (يو إس بي)، ابتداء من أواخر شهر أغسطس (آب) المقبل.

* عناصر جذابة

* هنالك بعض العناصر الجذابة في النظم التي تعمل بالتنزيل فقط، إذ لا ضرورة إلى طباعة أرقام تسلسلية، ولا خطط عائلية لشرائها، فرسم 30 دولارا الذي سددته يغطي الكثير مما تستطيع امتلاكه من «ماك». كما أنه لا حاجة هناك إلى أقراص لكي تخزنها وتبحث عنها لاحقا، فإذا احتجت إلى إعادة تنزيلها يمكنك تنزيل النسخة الأخيرة الأحدث. غير أنه إذا كان تحديث «لايون» يعني أي شيء، فهو يعني «آي باد» قبل أي شيء آخر.

لكن ما الذي جعل «آي باد» ضربة موفقة جدا؟ هنالك عاملان في الواقع. العامل الأول: البساطة، إذ لا توجد نوافذ يتداخل بعضها في بعض، فكل تطبيق يشغل شاشة برمتها. كما لا توجد هنالك أوامر «الحفظ»، فكل الأشياء تحفظ أوتوماتيكيا. ولا توجد هنالك ملفات ومجلدات، ولا لوائح وظائف ومهمات. وكل التطبيقات موجودة في مكان واحد هي الشاشة الرئيسية (المدخل). العامل الثاني: الشاشة المتعددة اللمس. يمكن التجول في أنحاء الشاشة عن طريق مسح زجاجها الأمامي، والتكبير والتصغير عن طريق القرص وزم الأصابع، وتدويرها عن طريق ليّها.

وفي «لايون» استطاعت «آبل» أن تذهب بعيدا بحيث بات بمقدورها جلب هذين العاملين إلى أجهزة «ماك» الأخرى، كما أن نمط الشاشة الكاملة يجعل البرنامج يغطي الصفحة برمتها، من حافتها إلى الحافة الأخرى، من دون وجود فسحة خاصة بلف الصفحة نزولا أو صعودا، أو وجود لوائح للوظائف والمهمات، أو الفوضى الخاصة بتداخل بعض حافات النوافذ في بعض، فهي عملية منعشة ومفيدة، خصوصا في أجهزة اللابتوب، نظرا لأنك تشعر بالشاشة كبيرة فعلا.

كذلك فإن عملية الحفظ الأوتوماتيكي تغنيك عن مهمة تذكر الكبس على مفتاح «حفظ» أثناء استغراقك في العمل. وثمة أوامر جديدة في شريط (حيز) العناوين التي من شأنها إعادة الوثيقة التي تعمل عليها إلى حالتها الأولى، أو الأصلية، أو إقفالها على نسخة معينة، ثم استدراج نسخ منها يمكن التلاعب بها باتجاهات مختلفة.

وهنالك حتى برنامج جديد «لونشباد» (Launchpad)، الذي هو نسخة من الشاشة الرئيسية (المدخل) في «آي باد»، مع أيقونات لتطبيقات موزعة بشكل متناسق ومتساوٍ، أو صفحات قابلة للتبادل تفتح بنقرة واحدة.

ولكن ماذا عن العامل الثاني، الشاشة العاملة باللمس؟ إن أجهزة الكومبيوتر العاملة باللمس لا تعمل جيدا، فقضاء يوم بأكمله وأنت ممدود الساعد تعمل على أزرار افتراضية وضوابط صغيرة على سطح عمودي قائم، هو عمل مضنٍ، فالتخدير والألم الكبيران اللذان تشعر بهما لاحقا يعرفان بـ«ساعد الغوريلا»، غير أن «آبل» شيدت ما تعتبره حلا أفضل، ألا وهو السطح الأفقي المتعدد اللمس، الذي هو عبارة عن رقعة اللمس الموجودة في أجهزتها اللابتوب، والسطح الأعلى لماوسها الحالي.

* اللمس المتعدد

* من هنا نرى أن في «لايون» ما يشبه اللمس المتعدد، فالقرص بالأصابع الأربع يشغل «لونشباد»، والقرص بالإصبعين لتدوير الشاشة، ومسحها إلى الأعلى بثلاث أصابع لفتح «Mission Control»، الذي هو عبارة منظومة من الصور المصغرة التي يمكن النقر عليها التي تظهر جميع البرامج والنوافذ المفتوحة، وهكذا.

* تحذير: قم بكرّ الصفحة إلى الأعلى عن طريق جر الإصبعين إلى الأعلى، كما هو الحال في «آي باد»، وهذا أمر معقول، كما يمكن أيضا كر الصفحة يسارا ويمينا عن طريق الجر يمينا ويسارا أيضا. لكن هذا الأمر قد يستغرق يومين لوقف عملية الكر بالاتجاه الخاطئ، لعملية نقوم بها منذ عقود.

لكن هل عمليات «آي باد» المطبقة في «ماك» ناجحة؟ هنالك أخبار سارة، وأخرى سيئة، وبعد ذلك سارة أيضا. الخبر السار هو أنه حالما تعلمت كل هذه الأمور فهل تعمل؟ إن عملية المسح إلى الجانب بالأصابع الثلاث تأخذك من تطبيق الشاشة الكاملة تماما إلى التطبيق التالي، بشكل حيوي تماما، كما لو أن أحدهم يتعامل مع بطاقات الشاشات الكاملة. فرقعة فتح الجهاز قد تلائم هواة التقنيات بشكل أفضل إذا كانت جاهزة تنتظر، وليس البرنامج الذي يتوجب عليك فتحه يدويا في كل مرة. بيد أن عمل «لايون» خلاف كل ذلك، فهو عمل سلس مرن ومُرضٍ.

الخبر السيئ أن الكثير من وعود «آبل» هو نوع من التمنيات، فالمميزات مثل نمط الشاشة الكاملة، والحفظ الأوتوماتيكي، وتدوير الشاشة وتكبيرها وتصغيرها تعمل عادة وفقا إلى برامج «آبل». لكن يتوجب على تطبيقات الشركات الأخرى مثل «وورد» و«فوتوشوب» أن تقوم بتحديث هذه الخاصيات الجديدة لتضمها إليها.

الخبر الجيد الأخير هو أنه يمكن تجاهل كل ذلك، فإذا فضلت ما أنت عليه فلا حاجة إلى تعديل التطبيق للحصول على نمط الشاشة الكاملة، أو استخدام مميزات اللمس أو فتح تطبيقات «لونشباد»، بل يمكن حتى إقفال خاصية اتجاه الكر المعاكس. فـ«آبل» لا تملي شروطها في كيفية القيام بالأشياء.

* خاصيات أخرى

* مع ذلك يمكن الحصول أيضا على عشرات من الخاصيات الأخرى مقابل 30 دولارا، وبعضها رائع. فنافذة «إير دروب» (AirDrop) مثلا تظهر الأيقونات الخاصة بأجهزة «ماك» القريبة التي تشغل «لايون». ويمكن نقل الملف فقط عن طريق سحبه وإسقاطه في الأيقونة الملائمة الخاصة بجهاز «ماك». ولا يتوجب عليك القلق أيضا بالنسبة إلى الأذون الخاصة بترتيبات المشاركة. فقط اكبس على زر الموافقة «OK» ليكتمل العمل.

وقد جرى إعادة الكثير من التطبيقات لكي تبدو أفضل شكلا، أو حتى أكثر شبها بـ«آي باد» على الأقل، أو للانتفاع أكثر بنمط الشاشة الكاملة. وبعض الخدمات كالبريد يظهر أيضا بعض التطور على صعيد التصميم، أو علامات التأشير على الملفات التي يمكنها أن تحل محل لائحة الملفات الكاملة التي تضيع الكثير من المساحة. وهناك أيضا «آي كول» (iCal)، ودفتر العناوين الذي يظهر الكثير من العناصر المهمة المخفية عادة، مثل ما هو مسجل على التقويم اليومي، أو عناوين المجموعات لسبب غير وجيه.

من الأشياء الحسنة الأخرى إمكانية سحب ملف ووضعه في آخر يحمل الاسم ذاته لتقوم «آبل» بدمج محتوياتهما. كما يمكن تعديل حجم النافذة عن طريق سحبها من أي حافة أو طرف. وتساعد «المعاينة المسبقة» (Preview) إضافة التوقيع على وثائق «بي دي إف» بسرعة وسهولة، وهو الإمضاء الذي قمت بتسجيله عن طريق كاميرا جهاز «ماك».

وتقدم مزية «استئناف العمل» (Resume) مهمة فتح جميع البرامج والنوافذ كما كانت عليه وقت إقفال الجهاز. كما يمكن لبرنامج «الهجرة» جلب جميع ملفاتك، وعناوينك، ويومياتك المسجلة على التقويم، والبريد الإلكتروني، وصور «بيكاسا» من «ويندوز بي سي»، ووضعها جميعها في المكان المناسب في «ماك». وبإيجاز فإن مبلغ 30 دولارا يبدو تافها أمام كل هذه التحسينات، وإن كان الأمر لا يخلو من بعض التعقيدات الضئيلة التي ستحاول «آبل» تذليلها في «لايون»، قبل إطلاقها لـ«ماكOS X 10.7» الذي سيكون أكثر إثارة وسرعة وقوة، مع خلوه من الفيروسات.

* خدمة «نيويورك تايمز»