عزف موسيقي.. بتحريك اليدين في الهواء

جهاز ألعاب «كينيكت» يتبع حركة الجسم ويحولها إلى ألحان

TT

لا يقف روس ماسشماير ضد الآلات الموسيقية القديمة أبدا، لكنه يعتقد أن من الصعب العزف عليها. وخلال عمله كطالب على وشك التخرج في كلية الفنون المرئية بنيويورك، صنع آلة موسيقية من الهواء الرقيق، فقد قام باستخدام جهاز ألعاب «كينيكت» (Kinect) من «مايكروسوفت»، بحيث تقوم كاميرات هذه الآلة هذه بتتبع حركات جسمه وتحويلها إلى نوتات موسيقية. وتمكن من النقر على هذه الأوتار الهوائية، كما لو أنه يقوم بالعزف على القيثارة.

ويقول ماسشماير: «إن الآلات التقليدية معقدة جدا. إذ إنك لست بحاجة إلى معرفة كيفية إنتاج نوتة منها فحسب، بل يتطلب الأمر أيضا معرفة كيفية إنتاجها بسرعة بشكل تتابعي. ولكي تصبح موسيقيا من الدرجة الأولى، ينبغي عليك معرفة جميع التحركات الصغيرة الضرورية للوصول إلى الأداء الحسن».

ومنذ إطلاقها في الخريف الماضي، أسرت «كينيكت» خيال جميع الذين يقومون بالتجارب، بدءا من المبرمجين إلى الذين يطورون الروبوتات، مرورا بالسمكرية. وكان الباحثون قد استخدموا منذ أمد طويل زوجا من الكاميرات والحسابات الخوارزمية، لكن عبء العمل الأكبر كان يقع على آلة «مايكروسوفت». لكن «كينيكت» كانت الأسلوب الأول المنخفض الكلفة الذي استوعب المعلومات الثلاثية الأبعاد الخاصة بالعالم المحيط.

ونظرا إلى أن «كينيكت» رخيصة الكلفة وسهلة التشغيل، باتت هذه التجربة متبعة أكثر، وشرع الناس يتشاركون ببرامجها ويقدمون حصيلة تجاربهم هذه مستخدمين مواقع مثل «kinecthacks.net».

وكانت «مايكروسوفت» قد طورت جهازا كملحق للعبة «إكس بوكس»، مع طاقة كافية مشيدة داخلها لتعقب حركات الأشخاص والأجسام التي أمامها بالأبعاد الثلاثة. وتستخدم «كينيكت» التي تكلف 150 دولارا كاميرا بضوء الأشعة تحت الحمراء لا يُرى بالعين المجردة.

ويقوم الأشخاص، وكذلك تقوم الأجسام المختلفة في الغرفة، بعكس هذا الضوء لتقوم الكاميرا بتحليل النمط الصادر منه غير المرئي. وبذلك تقوم بتركيب مشهد ثلاثي الأبعاد للغرفة مع تعقب الأشخاص داخلها.

* آلات موسيقية

* وقام الآلاف من الأشخاص باستخدام «كينيكت» لإنتاج آلات موسيقية، وأعمال فنية، أو مشاريع أخرى. ويمكن العثور على الكثير من هذه الجهود في مواقع مثل «kinecthacks.net» أو «kinecthacks.com» أو «hackaday.com».

وغالبا ما تقوم هذه المواقع بتوجيهك إلى القيام بهذه الأمور بنفسك. وكان البعض قد أنتج برنامجا لإعادة تشغيل الموسيقى، التي يتحكم بها الصوت لأغراض التلفزيون، والتلوين على الشاشة، بواسطة تعقب الأثر المائي الذي ينساب من قدمك أينما سرت، وتنفيذ فنون الرسوم المتحركة التي توضع داخل إطارات الصور، كما في أفلام «هاري بوتر»، وكيفية تحويل أي سطح إلى جهاز قراءة يعمل باللمس المتعدد.

ويبدو أن الفنانين هم الجماعة الأكثر الذين تأثروا بالجهاز، ربما لأنه لا يوجد الكثير من الإثارة في تحريك الساعدين للتلاعب بالأشياء الأخرى.

وفي أحد صفوف إلكسندرا وولف في جامعة «كارنيغي ميلون»، قامت الطالبة ببرمجة «كينيكت» لتعقب حركاتها، وإضافة دوامة من الأضواء الملونة التي تتعقبها على الشاشة. وقالت: «كنت أتعقب الرسم الظلي نظرا لأن آلة (كينيكت) تملك القدرة على جعل المستخدم يتعقب البيانات. وبالإمكان القيام بذلك عن طريق الرؤية الواضحة على الكومبيوتر، لكن ذلك يستغرق زمنا طويلا، ويتطلب الكثير من الرموز المكثفة، لكن لم يستغرق الأمر هنا سوى خمس دقائق».

* عالم من الإيماءات

* وأي شخص لديه عمل جديد يقوم به عن طريق «كينيكت»، يمكنه من ممارسة التجارب مع هذه الأدوات التي شرعت تنتشر وتتكاثر. وبعض رزم هذه الأدوات تتطلب قدرة برمجة معقدة، لكن غيرها سهلة وبسيطة. ومن هذه المساعي السهلة تنزيل طقم العدد «فليكسيبل أكشن»، و«أرتيكيليتد سكيليتون تولكت» Flexible Action and Articulated Skeleton Toolkit من جامعة «ساوثرن كاليفورنيا» التي تحول الإيماءات الطبيعية إلى إرشادات خاصة ببرنامج الكومبيوتر «بي سي». ويقوم طقما المعدات هذان بمحاكاة النقر على لوحة المفاتيح، مما يسهل الاستخدام لأي كان، لأن لوحة المفاتيح هي واجهة تفاعل شائعة الاستخدام.

وقام فريق باستخدام لعبة شعبية هي «World of Warcraft» (عالم الطائرات الحربية) لإنتاج سلسلة من الإيماءات التي تقابل الضرب على لوحة المفاتيح.

فالانحناء إلى الأمام مثلا يتحول إلى الكبس على زر «W»، الذي يمثل عادة السير إلى الأمام في اللعبة هذه.

ويقوم المستخدمون بتبادل لوائح من هذه الإيماءات التي تعمل جيدا بالنسبة إلى الكثير من رزم البرمجيات المختلفة.

فاستخدام أداة مثل هذه يسهل جدا برمجة أي برنامج يستجيب إلى لوحة المفاتيح. والكثير من مجموعات الصور على سبيل المثال، لها عروض «سلايدات» خاصة لدى النقر على مفتاح وضع المسافة بين الكلمات. وهكذا، فإنه من السهل ترتيب أي إيماءة، كالتلويح باليد مثلا، بغية التحول إلى الصورة الأخرى.

ولموقع مشروع جامعة «ساوثرن كاليفورنيا» منتدى خاص، حيث يقوم الأشخاص عبره بتبادل لوائحهم التي تتضمن الرزم الشائعة للبرامج والألعاب. وتقدم المدونة «kinecteducation.com» أيضا عددا من الاقتراحات لاستخدام هذه الرزم في الصفوف التعليمية.

وكل هذه الإثارة لم تذهب من دون أن تلاحظها «مايكروسوفت»، التي أطلقت أخيرا طقم تطويرها الخاص بالبرمجيات لخدمة المستخدمين غير التجاريين. وتقوم هذه العدد بمساعدة قطاع واسع من التجارب فيما يتعلق بالأتمتة المنزلية، والفنون، والإنتاج. وكان جيرارد روبيو قد عمل مع اثنين من أصدقائه، هما راوول نيفز وجوردي باري في برشلونة لتشييد آلة نسخ ثلاثية الأبعاد تقوم بمسح أي بند من جهاته الثلاث، عن طريق ثلاثة أجهزة «كينيكت»، ومن ثم إرسال النموذج المستحصل إلى طابعة ثلاثية الأبعاد.

وقد يكون بمقدور شخص أن يقف في مركز دائرة، ويتحول إلى تمثال خلال دقائق.

ويقوم الفنانون بدمج هذه الأداة مع أجهزة عرض وبطاقات صوتية لتحويل الأسلوب الذي نحرك به أجسامنا إلى أداء معين. فقد قام بيتر مورتون، وهو مبرمج أسترالي بالتعاون مع صديق لتشييد محاكاة لمشهد من فيلم «بيغ» «Big» حيث يقوم بطلاه توم هانكس وروبرت لوغيا بعزف مقطوعات على البيانو بأقدامهم عبر حصيرة أرضية تمثل لوحة مفاتيح ذات مستشعرات. لكن نسخة «كينيكت» لم تتطلب أي مستشعرات أرضية، لأنها تراقب حركة الأقدام.

وقام هذا الفريق باستخدام برنامج من «OpenKinect.org»، كما كتب برنامجه الخاص بلغة «بايثون» لاستخلاص موقع الأقدام وتحويلها إلى موسيقى. وذكر مورتون أن برنامج «أوبن كينيكت» هذا، المفتوح بات يتطور بسرعة ليصبح أكثر مرونة وقدرة على الدعم، محررا المبرمجين، بغية أن يتمكنوا من القيام بتجاربهم ويصبحوا منتجين.

وأضاف أن هذا النطاق الواسع من التنوع والعروض التي أنتجت حتى الآن لم تكن متوقعة من «مايكروسوفت»، ولا من أحد غيرها.

* خدمة «نيويورك تايمز»