الإنترنت.. مصدر خطر على الحركة الجوية

متسللون إلكترونيون قد ينجحون في اختراق نظام تتبع الطائرات

TT

بدأت صفارات الإنذار تدوي في قمرة القيادة بمنتصف الرحلة في تحذير واضح بأن الطائرة على وشك تصادم، ولذا قام الطيار بفحص نظام التتبع ورأى طائرة مقبلة، وهبط بالطائرة إلى مستوى منخفض، ومع ذلك اصطدمت الطائرة بطائرة أخرى. واكتشف المحققون بعد ذلك أن الطيار كان يهرب من «شبح» ما؛ أي طائرة من طائرات وهمية أنشأها المتسللون الإلكترونيون (الهاكرز) الذين يعيثون فسادا في السماء. ورغم أن هذا سيناريو خيالي، فقد حذر خبراء القوات الجوية الأميركية من إمكانية حدوثه إذا ما استغل المتسللون الثغرات الأمنية الموجودة في تقنية مراقبة الحركة الجوية.

* نظام مراقبة فضائي

* وفي ما يتعلق بجوهر هذه القضية، فإن هناك تقنية تسمى «نظام المراقبة التلقائي التابع - الإرسال» Broadcast الذي يعرف اختصارا بالرمز (ADS-B)، وهو النظام الذي اعتمدته منظمة الطيران المدني الدولي في عام 2002. ويتم نشر هذه التقنية بشكل تدريجي في جميع أنحاء العالم. وهي تتفوق على الأنظمة التي تعتمد على الرادار، التي يعتمد عليها المراقبون والطيارون لمعرفة مكان وسرعة الطائرات في المناطق المجاورة لهم.

يذكر أن أنظمة الرادار التقليدية القائمة على الأرض باهظة الثمن ولا تتميز بدقة كبيرة في تحديد مكان الطائرة، فضلا عن البطء في حساب سرعة الطائرات. وربما يكون الأسوأ من ذلك كله هو عدم قدرتها على تعقب الطائرات فوق المحيطات بسبب مداها المحدود.

وعلى الجانب الآخر، يقوم «نظام المراقبة التلقائي التابع» هذا باستخدام إشارات نظم «جي بي إس» الفضائية للملاحة الجغرافية حتى يقوم ببث معلومات عن هوية الطائرة ومكانها وارتفاعها وسرعتها إلى شبكات المحطات الأرضية والطائرات الأخرى المجاورة بشكل مستمر. وبهذه الطريقة، يعرف كل فرد مكان الآخر.

ويقوم «نظام المراقبة التلقائي التابع» بنقل المعلومات في شكل نبضات غير مشفرة بهدف جعل النظام أبسط وأرخص من حيث التنفيذ، مما يجعل الباحثين في معهد سلاح الجو الأميركي للتكنولوجيا في قاعدة «رايت باترسون» الجوية في ولاية أوهايو غير راضين عن ذلك.

ويحذر الباحثون دونالد ماكالي وجوناثان بوتس وروبرت ميلز من أنه يمكن اعتراض الإشارات غير المشفرة من قبل الهاكرز أو التشويش عليها بسهولة.

ويقول الباحثون إن مواطن الضعف «قد يكون لها عواقب وخيمة بما في ذلك الارتباك وتصادم الطائرات وتحطمها إذا ما استغلها الأعداء». وقد نشر بحثهما في «المجلة الدولية لحماية البنية التحتية الحرجة».

* هجمات مدمرة

* وهناك هجوم يطلق عليه الباحثون اسم «عائق منخفض» وهو هجوم التشويش على جهاز استقبال «نظام المراقبة التلقائي التابع» (المشابه لجهاز استقبال الهاتف الجوال) عن طريق وضع جهاز إرسال إذاعي منخفض الطاقة بالقرب منه، مما يجعل المراقبين غير قادرين على تحديد مكان الطائرة. وهناك هجوم أكثر قوة وهو «حقن طائرة شبح»، ويقوم هذا الهجوم بمحاكاة شكل البيانات المستخدمة في «نظام المراقبة التلقائي التابع» بهدف خلق إشارات وهمية، سواء على شاشة التحكم الأرضية أو على شاشة التعقب التي يعتمد عليها الطيار. ويقول برندان كيلي، وهو رئيس السياسات بهيئة الخدمات الوطنية للنقل الجوي في المملكة المتحدة في حديث لمجلة «نيوسانتست» العلمية البريطانية: «إننا على بينة من الأبحاث التي قامت بها القوات الجوية الأميركية وعملنا لبعض الوقت مع السلطات والوكالات البريطانية والأوروبية لفهم هذه القضايا والعمل على حلها».

ومع ذلك، فقد صرحت إدارة الطيران الفيدرالية، التي تخطط لتشغيل «نظام المراقبة التلقائي التابع» بشكل كامل في جميع أنحاء الولايات المتحدة بحلول عام 2020، بأن الاختبارات التي استكملتها في عام 2009 تظهر أن «نظام المراقبة التلقائي التابع» لا ينطوي على مخاطر أكثر من تلك الموجودة في أنظمة الرادار. وقال المتحدث باسم إدارة الطيران الفيدرالية: «إدارة الطيران الفيدرالية لديها عملية شاملة لإدارة المخاطر بهدف مواجهة المخاطر المحتملة كافة لنظام المراقبة التلقائي التابع، بما في ذلك التشويش المتعمد».

إلا أن فريق الباحثين لم يقتنع بذلك وطلب الاطلاع على بيانات الاختبار في إدارة الطيران الفيدرالية، وهي البيانات التي رفضت الإدارة الإعلان عنها حتى الآن بسبب مخاوف أمنية. ويتفق فريق الباحثين على أن هناك ما يبرر مثل هذه المخاوف، ولكنهم أصروا على وجوب تقديم ضمانات إضافية لنظام المراقبة التلقائي التابع. وقالوا إنه يتعين الوصول لطرق جديدة لتوثيق الرسائل بين الطائرات وأبراج المراقبة الأرضية.