هوية مزدوجة للهاتف الجوال.. واحدة للعمل والأخرى للأغراض الشخصية

تقنية جديدة للحفاظ على أمن الشركات

TT

تعمل الكثير من الشركات على تطوير تقنية جديدة تقوم بفصل الاتصالات الخاصة على الهاتف الذكي عما هو متعلق بالعمل، فقد رغبت شبكة «إيه تي أند تي»، ثاني كبرى الشركات الأميركية في الحجم، وشركة «كوالكوم» المسيطرة على سوق المعالجات الخاصة بالهواتف الذكية، منح هاتف المستخدم هوية مجزأة. وتقوم كلتا الشركتين بشكل منفصل باعتماد تقنية تجعل الهاتف الذكي أمينا للغاية، لجعل مديري قسم تقنيات المعلومات سعداء ومطمئنين، لكنها تتيح في الوقت ذاته تركيب تطبيقات لتصفح الشبكة.

* الشخصي والمكتبي

* وستقوم «إيه تي أند تي» بإطلاق نسختها من هذه التقنية التي ستدعى «توغل» (Toggle)، على هواتف «أندرويد» خلال هذا العام. وستستخدم «سامسونغ» جهازا هاتفيا مركبا عليه نظام «توغل»، بحيث إذا جرى النقر مرتين على زر تشغيل الصفحة الأساسية (المدخل) يمكن التقليب بين النمط الشخصي وذلك الخاص بالعمل. ويتصرف النمط الشخصي كما لو أنه هاتف عادي، ويكون تماما تحت تحكم مستخدمه. أما نمط العمل فيبدو كما لو أنه هاتف منفصل بسطح مكتب خاص به، وبمجموعة تطبيقات، ويكون مؤمنا بكلمة مرور سرية. وتكون مهامه مقيدة وفقا لسياسة الشركة المتعلقة بممارسة تقنية المعلومات. وتكون جميع البيانات المخزنة، أو التي جرى تكوينها بموجب نمط العمل، سواء كانت بريدا إلكترونيا أو اتصالات أو عمليات تنزيل من الشبكة، مشفرة ويمكن شطبها ومحوها من بعيد، إذا ما سُرق الهاتف أو فُقد.

«الناس راغبون في استخدام هواتفهم الذكية وأجهزتهم اللوحية لأغراض العمل، لكن مثل هذا الإجراء من شأنه تعقيد الأمور بالنسبة إلى دوائر تقنيات المعلومات»، كما يقول كريس هيل العامل في مجموعة «أدفانسد موبلتي سوليوشنز» التابعة لـ«إيه تي أند تي». فـ«(توغل) يساعد في حل المشكلة بأسلوب بسيط ومعقول» كما يؤكد.

وكان الرواج في استخدام الهاتف الذكي الذي أطلقه هاتف «آي فون» من «أبل» قد سبب زيادة حادة في عدد الأشخاص الذين يستخدمون أجهزتهم الجوالة الخاصة في العمل. وهي ظاهرة يطلق عليها أحيانا «اجلب جهازك الخاص»، التي يشار إليها بالإنجليزية «Bring Your Own Device» أو «BYOD». وكانت الأجهزة الجديدة قد جعلت هاتف «بلاك بيري» العادي الذي تزود الشركات موظفيها به يبدو ضعيف الأداء بعدما خرجت تلك الأجهزة الجديدة بتطبيقات تعزز من الإنتاجية.

* حماية تقنية

* تقنية «توغل» من «إيه تي أند تي» هي الاسم التجاري الجديد لتقنية طورتها «إنتربرويد»، الشركة الناشئة إلى مقرها نيويورك، التي أطلقت هذه التقنية، وفقا لتجربة مغلقة في أوائل العام الحالي. وتستمر «إنتربرويد» في تطوير منتجها الخاص، كما يقول أحد مؤسسيها ألكسندر تروبي. وبمقدور مستخدمي «أندرويد» الاشتراك في استخدام «إنتربرويد» التي هي مجانية الآن.

ويعمل تروبي وزملاؤه أيضا مع شركة «كوالكوم» صانعة الشرائح الإلكترونية التي أجرت تغييرات على تصاميم معالجات الهواتف والأجهزة اللوحية المقبلة، بغية زيادة دعم مساعي «إنتربرويد». إذ «سنقوم بالاندماج والتكامل مع مجموعة (سنابدراغون) من المعالجات، بحيث يمكننا تخزين مفاتيح التشفير، التي تقوم بتأمين بياناتنا، في السيليكون»، كما يوضح تروبي. وهذا ما يعالج إحدى نقاط الضعف، حيث يمكن سرقة البيانات من الهاتف أثناء العمل على نمط العمل، إذا ما نجح المهاجم في الحصول على مدخل للهاتف، واستخلص مفاتيح تشفير «إنتربرويد»، أو «توغل» المخزنة حاليا في ذاكرة الهاتف. لكن تخزين مثل هذه المفاتيح في معالج الجهاز بدلا من الذاكرة يجعل مثل هذه الهجمات أكثر صعوبة، وفقا لتروبي الذي يرى أنها كافية حتى لإرضاء أمن الدوائر العسكرية.

وتنشيط نمط العمل في جهاز يشغل «توغل» أو «إنتربرويد» يتيح الدخول إلى مجموعة من التطبيقات الأساسية الخاصة بالبريد الإلكتروني، وتصفح الشبكة، وإدارة المحتويات. وتخطط «إنتربرويد» لإطلاق مخزنها الخاص من التطبيقات لإتاحة المجال أمام مديري تقنيات المعلومات لتركيب التطبيقات من بعيد على هواتف الموظفين. ويأمل تروبي ورفاقه كذلك في تشجيع المطورين على المساهمة بالتطبيقات، «فنحن نزود هذه المنصة لفريق ثالث من المطورين الذين سيكونون قادرين على وراثة تشفيرنا وعامل الأمن هذا وتركيبهما في تطبيقهم الخاص بهم»، وفقا لتروبي.

والحقيقة القائلة إن شركتين مؤثرتين مثل «إيه تي أند تي» و«كوالكوم» تقومان بدعم تقنية «إنتربرويد» سيمكن أن تصبح مثل هذه المزية أمرا شائعا بالنسبة إلى الكثير من الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية، بيد أن مثل هذا المسعى لا يعمل بالنسبة إلى «آي فون»، أو «آي باد» اللذين لا يسمحان لتطبيق واحد أن يعمل داخل الثاني. كما أن لـ«أبل» توجهات خاصة بالتطبيقات التي تحول دون تكرار أو استنساخ واجهة تفاعل «أبل» الافتراضية.

يقول تويبي إن لـ«إنتربرويد» علاقة جيدة بـ«أبل»، وهو يأمل أن يؤدي ذلك لكي تسمح الأخيرة بنظام الشخصية المزدوجة. لكن تعمل «إنتربرويد» حاليا على تطبيق لـ«آي فون» أكثر بساطة، الذي يجعل لائحة الاتصالات الخاصة بالعمل أكثر أمانا، «فنحن في كل الأحوال نلاحظ طلبا أكثر على النمط المزدوج على هاتف (آي فون)، ومستخدمونا الحاليون على أجهزة (أندرويد) يرحبون بهذا المسعى»، يضيف تروبي ملاحظا أن تطبيقا خاصا بأجهزة «آي باد» التي يمكن اختراقها، يدعى «آي يوزر»، قد طبقت مثل هذا النظام وحصلت على «رد فعل ممتاز».

ويقول مايك سابيين من مؤسسة «أوفيوم» للأبحاث إن مشكلة «اجلب جهازك الخاص» هي جدية للغاية بحيث تستقطب انتباه «أبل». وتشير أبحاث مؤسسته إلى أن 35% من الأشخاص يستخدمون حاليا أجهزتهم الخاصة لأغراض العمل. ويضيف أن الرقم قد يكون أعلى من ذلك بكثير، نظرا لأن الكثير من الأشخاص يقومون بذلك ضد سياسة شركاتهم.

ويتابع سابيين قائلا في حديث لمجلة «تكنولوجي ريفيو»: «باعتقادي أن الاتجاه هذا هو من الحجم بحيث إن (أبل) قد تجد حلها الخاص بها، ربما بالاشتراك مع بعض الشركاء المهمين»، مشيرا إلى أن «إنتربرويد» قد تمنح هواتف «أندرويد» مكسبا إضافيا منافسا لأجهزة «أبل»، في عيون بعض المستهلكين ومديري دوائر تقنيات المعلومات في الشركات.