واجهات التفاعل المستقبلية.. هل تصبح «مايكروسوفت» السباقة في تطويرها؟

ستعمل باللمس والصوت والإيماءات

TT

قبل خمس سنوات كانت جميع الشركات الأميركية الكبرى الصانعة لنظم تشغيل الكومبيوتر تخطط لامتلاك واجهة التفاعل المستقبلية الخاصة بمستخدمي أجهزة «بي سي». وكانت هذه الأداة المستقبلية هي نظام «واجهة المستخدم التفاعلية» (يو آي UI) المتعددة اللمس، التي تعتمد على الإيماءات، والحركات الجسدية، لإنتاج بديل جيد بشعور لمسي يحل محل لوحات المفاتيح والماوس غير السلسة والمرنة أحيانا.

اللمس المتعدد

* وفي عام 2007 شقت واجهة التفاعل الجديدة هذه طريقها بشكل جيد. وقامت كل من «مايكروسوفت» بطرح مثل هذه الواجهة، و«أبل» بطرح جهاز «آي فون»، و«غوغل» بطرح نظام «أندرويد».

وعلى الرغم من أن «مايكروسوفت» كانت الأولى التي تسوق بضاعتها، فإن «أبل» كانت الرائدة في مسألة اللمس المتعدد. فجهازا «آي فون» و«آي باد» ساهما كثيرا في جعل واجهات التفاعل المتعددة اللمس المنحى الرئيسي من أي منتج آخر. وعندما يقوم الأشخاص بوصف هذا النوع من نظام «يو آي» user interface، تكون الإجابة المساعدة بأنها شبيهة بواجهة تفاعل «آي فون»، لكون الجميع يدركون ماذا يعني ذلك. فعلى صعيد التجارة والأعمال، تمكنت «أبل» من جني أرباح كبيرة من تقنية اللمس المتعدد. ومن المتوقع أن يكون المكسب الكبير التالي من نصيب «مايكروسوفت» أيضا.

ويقول الكثير من المستخدمين إنهم لن يتخلوا أبدا عن لوحات المفاتيح الطبيعية، والسبب لأنهم يعتقدون أن المستقبل يحمل في طياته الكثير من الطباعة، كما هو الحال اليوم. وفي يومنا هذا نقوم بطباعة كل الأشياء، من بريد إلكتروني، إلى المستندات والوثائق، إلى عناوين المواقع الإلكترونية، أما بالنسبة إلى أجهزتنا الجوالة، فنقوم بإرسال الرسائل النصية بشكل جنوني. لكن القيام بكل هذه الطباعة على لوحة مفاتيح افتراضية على الشاشة، هو أمر غير مريح.

تحكم صوتي وإيمائي

* وأعتقد أنه سيكون لنا في المستقبل لوحات مفاتيح، على الرغم من أنها ستكون مصنوعة من البرمجيات، بدلا من البلاستيك والنوابض. لكن غالبيتنا لن تستخدمها كثيرا. والسبب أن الإدخال والتلقين الأساسيين سيكونان عن طريق التحكم الصوتي الشبيه بتقنية «سيري»، أو أسلوب الإملاء الشبيه بنظام «دراغون». وسيجري التواصل بـ«الأوامر» عن طريق الإيماءات، عن طريق لمس الشاشة، أو عن طريق تحريك أيادينا بالهواء.

وفي يومنا هذا نستخدم بريدنا الإلكتروني كالتالي: نجلس أولا أمام جهاز الـ«بي سي»، ونستخدم الماوس لفتح تطبيق البريد الإلكتروني عن طريق النقر المزدوج، أو عن طريق النقر مرتين لفتح متصفح الشبكة وطباعة موقع العنوان الإلكتروني URL لخدمة بريدية موقعها السحاب. ثم النقر على الرسالة الأولى في صندوق البريد الوارد، بغية تصفحها وقراءتها، قبل النقر على زر لشطبها وإلغائها. ثم النقر مجددا للاطلاع على رسالة أخرى، قبل النقر مرة أخرى على زر الإجابة وطباعة الجواب، والنقر أخيرا على زر «الإرسال». وتدور العملية برمتها حول لوحة المفاتيح والماوس.

لكن بعد خمس سنوات من الآن هكذا ستجري العملية هذه ذاتها: سيكون جهاز الكومبيوتر «بي سي» عبارة عن شاشة تلفزيون ضخمة مركبة بزاوية معينة، بحيث يكون أسفل الشاشة على مستوى الخصر، وأعلى الشاشة بمستوى عظم الترقوة. ويقوم هذا الجهاز بالحلول محل الجهاز المكتبي تماما. فعندما تكون متوجها نحو الجهاز تقول له: «افتح البريد الإلكتروني». وحالما تجلس تكون تنظر على الرسالة الأولى التي وصلتك. وبحركة تماوجية من يدك، تجري أرشفة الرسالة وفتح الرسالة التالية. أما الإجابة عنها فتتم عن طريق القول «الجواب»، ثم استتباع ذلك بنص الرسالة، وبعد ذلك بالأمر الصوتي «أرسل». ولدى الانتهاء من ذلك كله يجري إغلاق التطبيق بإيماءة شبيهة بتلك التي تطلب فيها من أحدهم مغادرة الغرفة. ولا يوجد هنا ماوس، ولا لوحة مفاتيح طبيعية، ولا حتى لوحة مفاتيح على الشاشة. كما يظل هنالك خيار استخدام أمور أخرى، مثل هاتف «آي فون» عن طريق الإيماءات المتعددة اللمس.

لقد أصبحنا جميعا نألف واجهات التفاعل العاملة باللمس. لكن عامل الصوت شرع يتطور بسرعة. ولكن من الذي سيطور مثل هذه التقنية؟

برمجيات «مايكروسوفت»

* هنا يأتي دور «مايكروسوفت»، كما يقول مايك إليغان المحلل في مجلة «كومبيوتر وورلد» الإلكترونية، إذ يبدو أن لهذه الشركة مشروع «كينيكت فور ويندوز» الذي يرأسه كريغ إيسلر. فالجميع يعلم أن «كينيكت» هو أداة ضبط تعمل بتحري الإيماءات الحركية، خاصة في لعبة «إكسبوكس 360». وهي تعمل بشكل جيد جدا، وبكلفة متدنية، موفرة متعة كبيرة. كما أنها مزودة أيضا بخاصية الأوامر الصوتية التي ما زالت بدائية.

بيد أن إيسلر فجر قنبلة أخيرا بالقول إنه سيجري إطلاق «كينيكت» الخاصة بـ«ويندوز» في أوائل العام المقبل. وستعتمد نسخة «بي سي» على تقنية «إكسبوكس» لكنها سيجري تحسينها عن طريق الأجهزة والمعدات والبرمجيات، استنادا إلى إيسلر.

وبصورة خاصة، ستكون نسخة «ويندوز» من «كينيكت» أصغر حجما، وستقوم بتسجيل الإيماءات القريبة من الشاشة، وهي إمكانية يدعوها مهندسو «مايكروسوفت» بـ«عقدة، أو نقطة الالتقاء القريبة». وهي بالطبع ستدير جهاز «بي سي» بدلا من نظام للألعاب.

والمثير في «كينيكت» الخاص بأجهزة «بي سي»، هو ما الذي سيستطيع المطورون من الفريق الثالث أن يقوموا به عن طريقه. فتقنية «كينيكت» هذه الخاصة بلعبة «إكسبوكس 360» باتت حلم كل السمكريين، وهواة القرصنة، والباحثين، والمخترعين، رغبة منهم في تسخيرها لأغراضهم واختراعاتهم الخاصة.

وكانت «مايكروسوفت» قد أطلقت أخيرا برنامجا جديدا يدعى «كينيكت اكسلريتور»، الذي هو برنامج تموله لأغراض عشرة مشاريع جديدة ناشئة تختارها الشركة. وسيتلقى كل مشروع يجري اختياره، 20 ألف دولار، مع بعض الدعاية والترويج له. وسيمتد برنامج «كينيكت اكسلريتور» على حساب برنامج «تيك ستارس» الذي يمول مشاريع أولية لناشئين، ويتضمن خدمات توجيهية.

ويعني كل ذلك أنه في العام المقبل، لن نتوقع فقط أن تجري إدارة أجهزة «بي سي» عن طريق إيماءات «كينيكت» فحسب، بل سيكون بمقدورنا أيضا ابتياع مجموعة من التطبيقات التي تستغل واجهة التفاعل هذه.

ولا يمكن تصور ما قد يعني ذلك، فقد تستطيع ممارسة أعمال معقدة كالتي تشاهدها أحيانا في السينما، أو ممارسة ألعاب تشبه «كينيكت»، ولكن على أجهزتك الـ«بي سي».

وقد يكون أهم تطبيق هو برنامج يقوم بتفسير لغة الجسد، والإيماءات غير المقصودة، لتدرك ما تقوم به، وما تستطيع أن تفعله. ومثال على ذلك، ماذا لو يتمكن جهاز «بي سي» أن يبلغك متى تكون فيه على الهاتف، أو تنظر إلى خارج الشاشة، أو عدد الأشخاص الذين ينظرون إليها أيضا، ومن هم؟

وهكذا نحن ننظر قدما إلى بيئة كومبيوترية يمكن التحكم بها باللمس، والصوت، والإيماءات الهوائية، التي ستظهر في نهاية المطاف في جميع المنصات الكبرى، وقد تكون «مايكروسوفت» هي السباقة في هذا المجال.