كتب إلكترونية وآلات ذكية تسابق الإنسان

تقنيات جديدة تزيح المنتجات القديمة

TT

من الكتب الإلكترونية إلى الطباعة الثلاثية الأبعاد، ثمة تقنيات بدأت تحل محل التقنيات القديمة مدمرة الأسواق الحالية، وهي:

1. قارئات الكتب الإلكترونية: يبدو أن الموت البطيء للكتب المطبوعة يؤدي إلى المزيد من الضحايا، فقد قامت محلات «بارنس آند نوبل» بإزالة الزاوية المستقلة المخصصة للكتب. والآن شرعت تتلقى مكانها الكتب الإلكترونية. وعلى الرغم من رفض الناس لهذه الكتب في البداية، على أنها أسلوب متدن للقراءة والمطالعة، فإن مبيعاتها بدأت تقفز فجأة، بحيث يتوقع أن تصل قيمتها إلى ملياري دولار العام المقبل. وكانت شركات بيع الكتب، ومنها «أمازون» قد أطلقت قارئات إلكترونية مثل «كيندل فايرا»، بيد أن الخسائر بين صفوف بائعي الكتب استمرت ولم تتوقف، إذ أعلنت مؤسسة «بوردرس» الأميركية إفلاسها، أخيرا، كما أن «بارنس آند نوبل»، باتت تخسر حاليا أيضا على الرغم من أنها كسبت حصة 26 في المائة من سوق الكتب الإلكترونية، عن طريق جهازها القارئ الإلكتروني «نوك».

والرسالة واضحة هنا، وهي أن القارئات اللوحية تمثل المستقبل. ولا يتوقف ذلك عند حدود مخازن الكتب. ومع قيام كتاب ومؤلفين غير معروفين ببيع ملايين من الكتب الإلكترونية، فإن هذه الموجة شرعت تنشر الفوضى والبلبلة في أوساط الناشرين، والمتعاطين في قضايا الأدب، وبالنسبة إلى قوائم الكتب التي كانت تعمل في السابق كبوابات للمواد التي نقرأها.

* طباعة مجسمة 2. طباعة مجسمة: التغيرات في التقنيات لها أسلوب في التغلغل عند المستخدمين. وهذا ما حصل بالنسبة إلى الطباعة بالأبعاد الثلاثة، ففنون التشكيل المعقد للأجسام عن طريق تشييد الأجسام من البلاستيك، أو المواد الأخرى، طبقة طبقة، وجدت تطبيقاتها الأولية في الأسواق الحديثة. لكن الطباعة الثلاثية الأبعاد، شرعت تجد لها استخدامات بشكل متزايد في الصناعات والمنتجات الرئيسية.

فهنالك مثلا طابعة «برنتبوت» الثلاثية الأبعاد التي طورها المخترع بروك درم. وهي مصممة لاستخدامها في المنزل، وسعرها يقل عن 300 دولار. فما الصناعات التي ستتوقف إذن عندما يصبح بمقدور أي شخص الطباعة من جهاز يقع قرب آلة تحضير القهوة بالمنزل، وعندما تكون معادلات التصاميم الشائعة متوفرة على الإنترنت؟ من بين هذه الصناعات التي ستتأثر شركات صنع ألعاب الأطفال، ومنتجو قطع الاستبدال المكلفة، وحتى شركات الشحن التي تقوم حاليا بنقل السلع المنتجة.

3. تقنيات رقمية استهلاكية: بالنسبة إلى التقنيات التناظرية القديمة، فإن الرقميات تعني الاضطراب والبلبلة. فقط خذ في الاعتبار ما حصل لصناعات الساعات السويسرية، مع وصول الساعات الرقمية الرخيصة. وما سببته الآلات الحاسبة الصغيرة للشركات التي تنتج آلات الجمع الميكانيكية.

والآن جاء دور شبكات المراقبة التلفزيونية ذات الدوائر المغلقة، التي تستخدم في عمليات المراقبة والرصد في المتاجر الكبرى، والفنادق، وغيرها. ويعتمد نظام هذه الشبكات على الكاميرات التي تبث إشارات تناظرية إلى غرف مراقبة تقوم بتسجيلها على شرائط. والآن حلت محلها نظم رقمية تماما، تقوم بإرسال إشاراتها عبر الإنترنت، بغية الاطلاع عليها من أي مكان. وكانت هذه التقنية تعتبر في وقت من الأوقات متدنية، لكن مبيعاتها الآن في أوجها، إذ إن نحو 30 في المائة من سوق التلفزيونات ذات الدوائر المغلقة التي تقدر بنحو 9 ملايين دولار قد انتقلت إلى التقنية الرقمية، استنادا إلى شركة «آي إم إس» لأبحاث السوق.

والفوضى التي تعم التقنيات غالبا ما تترك الشركات ذات التسويق الكبير مفلسة. وهذه هي الحالة بالنسبة إلى شبكات المراقبة التلفزيونية ذات الدوائر المغلقة، كما يقول كريستيان ساندستورم الباحث في «راتيو إنستيتيوت» في ستوكهولم لمجلة «تكنولوجي ريفيو»؛ فالشركة الرئيسية حاليا في بيع شبكات الفيديو الرقمية الخاصة بالمراقبة، هي «أكسس كوميونيكيشنس»، التي لا خلفية لها تتعلق بالصناعة الأمنية، في حين أن شركات راسخة الجذور، مثل «بيلكو» و«بوش»، شرعت تخسر حصتها في الأسواق.

* آلات ذكية 4. ماكينات الجينات: لقد سمعنا الكثير عن الكلفة العالية لفك رموز الحامض النووي. وقد كلف فك الرموز الأولى للجينات البشرية عام 2001 أكثر من ثلاثة مليارات دولار. لكن الكلفة اليوم لا تتعدى الـ10 آلاف دولار.

ورافق مثل هذه الآثار الطبية العميقة ارتباك في سوق تسلسل الحمض النووي التي تقدر قيمتها بـ1.5 مليار دولار. فالشركات الجديدة لهذه التقنية هي شركات مثل «أيون تورينت»، وجهازها المسمى «بيرسونال جينوم ماشن». والأخير هو واحد بين جيل سريع ورخيص لفك رموز الحمض النووي الذي شرع يحل محل الآلات المكلفة السابقة التي تستخدم تقنية المواصفات الذهبية التي تدعى «الكهربة الهلامية الشعرية». والماكينات الجديدة هذه هي من كيمياء مختلفة، وهي أقل دقة، وتقرأ الحمض النووي بأجزاء أقل. ولكن مع تحسن أداء هذه الآلات الأخيرة السريعة، فإن الصناعة هذه تعرضت إلى تغيرات كثيرة، أحدها أن الكثير من الباحثين باتوا لا يشترون آلات التسلسل الوراثي، ويلجأون بدلا من ذلك، عندما يحتاجون إلى فك رموز الحمض النووي، إلى إرسال عينة منه بالبريد إلى المختبرات، وتلقي النتائج بعد أيام قليلة.

5. آلات ذكية: الكومبيوترات ليست ذكية كالأشخاص، لكن بالنسبة إلى نخبة من التطبيقات، فإنها تقوم بعمل أفضل. والسؤال الكبير هنا ما الذي سيحصل إذا ما أصبحت الكومبيوترات جيدة كالأشخاص للقيام بالأعمال العادية مثل تشخيص الأمراض؟ ومثال على ذلك كومبيوتر «واطسون» من «آي بي إم» الذي تغلب على البشر في برنامج الألعاب «جيوباردي». وفي عام 1950 اقترح ألان تيورينغ، أنه يمكن الحكم على الجهاز هذا بـ«الذكاء» إذا كانت إجاباته عن الأسئلة الموجهة إليه تستطيع خداعك وتجعلك تعتقد أنها صادرة عن إنسان، وقد اقترب «واطسون» جدا من عبور هذا الامتحان.

ونحن سلفا شرعنا نتفاعل مع وسائل المساعدة الأوتوماتيكية على الهاتف التي تتعرف على أوامرنا الصوتية، كما أن برمجيات مثل «سيري»، أداة التحكم الصوتي في «آي فون» من «أبل»، شرعت تنقل مثل هذه التفاعلات إلى مستوى جديد. وسواء تحسن أداء أجهزة الكومبيوتر، أو قمنا نحن بتخفيض مستوانا البشري، فإن ذكاء الآلات قد يكون المعطل، أو المخرب الأكبر.