تبدو فكرة إنتاج أغراضك الخاصة من البلاستيك مستخدما تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد جذابة جدا! تصور أن بمقدورك أن تطبع هداياك التي تقدمها بالمناسبات الخاصة، في منزلك، فإذا كنت تبحث عن لعبة خاصة، فلا حاجة مطلقا لزيارة محلات بيع الألعاب، بل يمكنك بنفسك تنزيل ملف عن تصاميم سيارات السباق من مكتبة للألعاب على الإنترنت وإرسالها إلى طابعة ثلاثية الأبعاد.. أو ربما يمكن تعديل هذه اللعبة حسب مواصفاتك أولا عن طريق فتح ملف موجود ضمن برنامج للنماذج البسيطة الثلاثية الأبعاد، وإضفاء بضع لمسات قليلة عليه. هذا هي الرؤية المستقبلية.. لكن الواقع شيء مختلف تماما! فهناك أمران يحولان دون جعل الطابعات الثلاثية الأبعاد من أن تصبح منتشرة، أولهما فني، والآخر يتعلق بنقص في الخيال والتصور. وكما هو الحال بالنسبة إلى أجهزة «بي سي» اللوحية، فإن الطباعة الثلاثية الأبعاد كانت تنتظر لحظة مجيء «آي باد» لتأتي جميع الأمور سوية.
* حبر بلاستيكي نفاث
* وعن طريق استخدام أسلوب شبيه بتقنية الحبر النفاث، يمكن للطابعات الثلاثية الأبعاد تشييد أي جسم تقريبا عن طريق طباعته مستخدمة حبرا بلاستيكيا ذائبا، أو أي مواد أخرى، طبقة طبقة. وأسعار مثل هذه الأجهزة التي كانت تكلف سابقا 100 ألف دولار وأكثر، باتت متوفرة للهواة بسعر يقل عن 1500 دولار، كما أن نماذج منها بأسعار 500 دولار ليست بعيدة أبدا. ويقول تيري هولرز المستشار الرئيسي في «هولرز أشوشيتس» لأبحاث السوق ورئيسها، إن الأصناف الرخيصة من هذه الطابعات هي في حدود 100 إلى 200 دولار لاستخدامها من قبل الأطفال». طبعا عليك بشراء «الحبر» لهذه الطابعات الثلاثية الأبعاد. واليوم تبلغ كلفة التشغيل 2.50 دولار للبوصة المربعة الواحدة من المواد المستخدمة. وهذا الأمر ما يزال مكلفا لدى مقارنته مثلا بالأشكال البلاستيكية التي تنتج بالجملة، عن طريق القولبة بالنفث، لكنه ليس سيئا بالنسبة إلى إنتاج الأشكال، حسب المواصفات الخاصة، أو بالنسبة إلى إنتاج نموذج واحد مطلوب.
وهنالك أيضا المزيد من الاستخدامات العملية للتقنية هذه. فقد نتصور وجود مكتبات قطع الغيار التي هي شائعة على الشبكة تماما، مثل كتيبات الإرشاد «بي دي إف» الخاصة بالمنتجات الاستهلاكية. فإذا احتجت إلى خرطوم ملحق بمكنسة كهربائية من ماركة «سيرز» مثلا، قم بتنزيل ملف هذه القطعة من Searspartsdirect.com وأرسلها إلى طابعتك. ومثل هذا النظام البيئي الخاص بالحاجيات ليس متوفرا اليوم، لكن الجماعات السكانية على الشبكة شرعت سلفا في تشييد كل أنواع الأشكال التي أضحت متوفرة مجانا لأغراض تنزيلها في مواقع مثل «أوتوديسك 123 دي»، و«غاليري»، و«ثنغسفيرس».
بيد أن طابعات اليوم الثلاثية الأبعاد ما تزال سوقا لها طابعها الخاص، ففي عام 2010 بيع منها 5978 وحدة منها فقط، مقارنة بعشرات الملايين من الطابعات الثنائية الأبعاد، وفقا لما نقلته مجلة «بي سي وورلد» عن «هولرز أشوشيتس» و«آي دي سي».
* آفاق محتملة
* ولكن ما هو المطلوب لهذه التقنية لكي تصبح سلعة رئيسية سارية؟ إن الدعم الكامل للألوان الكاملة قد يساعد. فغالبية طابعات اليوم تنتج الأشكال بلون واحد في كل مرة. كما يتطلب الأمر عددا وأدوات أفضل. فعملية التصميم والتحرير ليست ودية كما يجب بالنسبة إلى المستهلك. وفي حين أن تنزيل الأجسام المصممة سلفا هو أمر سهل للغاية، إلا أن إنتاج ملفات تصاميم جديدة ثلاثية الأبعاد، أو تحرير الحالية منها لإنتاج أشكال قابلة للتطبيق، ما يزال أمرا معقدا، لأن الأشكال المعقدة تتطلب أدوات خاصة بالمحترفين، التي يصعب على غيرهم استخدامها. وبالتالي هنالك القليل من الحلول الوسط اليوم، على الرغم من أن المنتجين يبذلون جهدهم لتسهيل مهمة الأدوات والعدد المعقدة، وجعل العدد البسيطة الرخيصة أكثر قدرة على الأداء، وأكثر صداقة للمستخدم.
وبمقدور المستخدمين استحصال نسخة من الشكل المطلوب للطباعة الثلاثية الأبعاد، عن طريق استخدام عملية مسح ثلاثية الأبعاد تدعى «الهندسة الفوتوغرافية»، لكنها تتطلب معدات إضافية وبرمجيات، وهي ليست سهلة الاستخدام بالنسبة إلى الشخص العادي القاطن في منزله. لذا يشك بعض المحللين من قيام مثل هذه السوق للطباعة المنزلية الثلاثية الأبعاد، ويعتقدون بدلا من ذلك أن مكاتب للخدمات ستقوم بإنتاج مثل هذه القطع والأجزاء المصممة حسب المواصفات الخاصة، كملحقات لأجهزة أخرى، أو قائمة بحد ذاتها، أو على شكل ألعاب.
وهكذا باتت الطابعات الثلاثية الأبعاد في المنزل بضاعة تنتظر أن تصبح رائجة في الأسواق، وقد لا يكون اليوم بعيدا عن أن يصبح برنامج التشغيل حدسيا أو تخمينيا، سهل الاستخدام، عندما تصبح محلات طباعة الأجسام بالأبعاد الثلاثة، محلات تطبيقات للطباعة هذه، وعندها تقوم خدمات التحرير على الشبكة المرتبطة بهذه المحلات، بتفصيل بند مختار حسب مواصفاتك الخاصة وإعادة هذا الملف إليك لطباعته نهائيا في المنزل، أو المكتب. وفي هذه الحال لا يتوجب عليك تغيير الملف بنفسك إذا لم ترغب في ذلك. كما لا يتوجب عليك الانتظار 3 إلى 5 أيام، لكي يقوم مكتب الخدمات بإنجاز المهمة هذه، وإعادة شحن البضاعة إليك.
إن تحويل الطباعة الثلاثية الأبعاد إلى سلعة استهلاكية قد يساعد في تنمية الأعمال عن طريق استخدام الطابعات الثلاثية الأبعاد هذه من قبل المسوقين والأشخاص الآخرين غير المدربين على أعمال التصاميم الصناعية، أو على خبرات استخدام أدوات وضع النماذج الثلاثية الأبعاد المتطورة. فالطلب على منتجات مثل هذا النوع من الطباعة هو في تزايد مستمر، استنادا إلى هولرز، الذي أضاف أن الجميع سيشعر بأثر الطباعة هذه بشكل أو بآخر، فهو يقارن حالتها اليوم بصناعة شبه الموصلات في الستينيات من القرن الماضي، فالجميع يدرك أنها ستكون صناعة كبيرة في يوم قريب.