الكومبيوترات الجسدية.. آفاق واعدة لمساعدة الملايين

مقابلة مع أول شخص «سايبورغ» في العالم وضعت له نظارة إلكترونية

ستيف مان يرتدي نظاراته الإلكترونية
TT

يوصف ستيف مان من قبل الكثيرين على أنه أول «سايبورغ – cyborg» (وهو المصطلح الذي يعني جسما حيا تقنيا معلوماتيا أو بيوإلكترونيا، بيونيا). وفي هذا الشخص تعمل بعض الوظائف الطبيعية ميكانيكيا أو إلكترونيا، فهو يستخدم الكومبيوترات التي يمكن ارتداؤها، لمساعدة نظره، وذلك منذ سنوات السبعينات من القرن الماضي. وهو يضع حاليا شاشة عرض فوق عينه اليمنى متصلة بجهاز كومبيوتر وإنترنت. وهو في السطور التالية يبحث في ما يسميه «الواقع التأملي» (mediated reality)، وكذلك في الحرب الدائرة بين أجهزة الكومبيوتر القابلة للارتداء المنتجة من «أبل» و«غوغل»، و«آر آي إم»، وفي واجهة التفاعل والوصل بين الكومبيوتر والدماغ.

* كومبيوترات جسدية

* وردا على سؤال حول ما إذا كان هو أول رجل «سايبورغ» في العالم، أجاب: «نعم، فإذا نظرت إلى تاريخ الأجهزة التي يمكن ارتداؤها، فقد دعيت بأبي الأجهزة الكومبيوترية القابلة للارتداء، أو بأنني أول (سايبورغ) في العالم. بيد أن تعريف الكومبيوترات القابلة للارتداء هو تعريف ضبابي في حد ذاته، فمنذ آلاف السنوات كان الناس في الصين يضعون عدادا حول أعناقهم، الذي كان في الواقع كومبيوترا قابلا للارتداء».

وفي ما يخص تحولنا جميعا إلى «سايبورغ» قريبا، رد قائلا: «من الواضح أننا نتجه نحو هذا المنحى. فالذي تخيلته في السبعينات كان ذلك الشيء الذي يوضع كنظارة فوق العين اليمنى لترى العالم من خلالها، لتقوم هذه النظارة بعد ذلك بإعادة شكل الأشياء التي يمكن رؤيتها».

وسألناه، خلافا للهواتف الذكية، إلى أين يجب علينا النظر بأجهزتنا، وهل ستنظر الأجهزة القابلة للارتداء إلينا، فأجاب: «هنالك بحث يظهر أن النظارة الزجاجية هي زجاج ينظر إلى الأشخاص، لكن الكومبيوترات القابلة للارتداء حاليا هي أشخاص تنظر إلينا، وهذا ما يجعلها مدهشة. كما أن استخدام الكومبيوترات القابلة للارتداء يتغير مع كل شخص. فعندما تصبح هذه الأدوات أسلوبك في الرؤية، أو كوسيلة مساعدة على الرؤية، فهي الطريقة التي ترى بها العالم. فيؤدي استخدامك إياها إلى مساعدة الذاكرة، فإنها تصبح دماغك. خذ فقط في الاعتبار المصاب بمرض ألزهايمر الذي لا يستطيع تذكر الأشياء، فهذا الشخص سيستخدم هذا الجهاز كدماغ وكمساعد للذاكرة».

وحول ما إذا كان بالإمكان ارتداء هذا الكومبيوتر في الطائرة لدى الإقلاع والهبوط، أجاب: «إنهم يدققون في هذا الأمر، وأنا أملك كل المستندات والأوراق الثبوتية في ما يتعلق بذلك، لكن لديهم وسائل للكشف والتأكد منها». وحول المحافظة على الخصوصيات عندما يكون الجميع مرتديا نظارات بكاميرات، رد بالقول: «أدعو ذلك بالمراقبة. فإذا التقينا أنا وأنت في مقهى، وكان في جيبك مسجل صوتي، فما الفرق بينك وبين شخص يملك ذاكرة فوتوغرافية، ويمكنه تذكر كل كلمة قيلت أثناء الحديث؟ لكن إن كان هنالك طرف ثالث يقوم بالتنصت علينا، فهذا يعتبر أكثر خرقا للخصوصية».

* نظارات كومبيوترية

* وعما إذا كان قد غير نظارته التي يرتديها عبر السنين، أجاب: «نعم، لقد تغيرت أجهزتي كثيرا عبر السنوات. ففي أواسط الثمانينات كانت أجهزتي مرهقة ومتعبة، فقد كانت هنالك رزمة كبيرة أحملها على ظهري، مع نظام لخوذة على الرأس. وكانوا يوقفونني مرارا. أما جهازي الجديد فهو نحيف وصغير جدا، ويبدو كأي منتج عادي آخر».

وحول ما إذا كانت النظارة الحالية الآن متصلة جسديا فيه، رد قائلا: «نعم، يمكن وصل الجهاز إلى الشبكة الدماغية، كما يمكن وصلها إلى واجهة التفاعل والتواصل بين الدماغ والكومبيوتر. لكنني عادة أوصلها بدماغي. لقد شكلنا رابطة صغيرة ناشئة تدعى (interaxon.ca)، حيث أجرب ما يسمى (العمليات الحسابية «الحوسبة» عن طريق التحكم بالأفكار)، فأنا أقوم بتطوير التقنيات التي تتيح لفاقدي النظر الرؤية».

وسألناه: «هل تقوم شركات الكومبيوتر بإنتاج نسخ من هذه النظارة؟»، فأجاب: «نعم، ستكون على شكل (أبل غلاس)، و(غوغل غلاس)، و(آر آي إم غلاس)، فجميع هذه الشركات تعمل على نظارة كهذه. وأعتقد أن الجميع سيقوم بذلك، بحيث سنشهد حرب نظارات، بدلا من حرب هواتف ذكية».

وردا على سؤال حول من أين جاءت كلمة «نظارة» لوصف هذا الكومبيوتر القابل للارتداء، قال: «نحن نستخدم كلمة (نظارة) لوصف تقنية (آي تاب) أيضا، لأنه إذا نظرنا إلى شخص يضع (آي تاب)، فهو يبدو وكأنه يضع نظارة على عينيه. فـ(آي تاب – EyeTap) هو جهاز ومبدأ وفكرة كذلك».

وحول ما إذا كان هذا هو الواقع المعزز على أعيننا، رد قائلا: «لا، الواقع المعزز وحده لا يمكنه العمل. فالنظارة تكون وسيطا لعالمنا، فهي لا تقوم فقط بتعزيزه، فأول الأمور التي ينبغي على الناس إدراكها هي أن الواقع المعزز لا يعني شيئا، فهو مجرد شيء يقذف الأمور إلى الأعلى، للحصول على كمية زائدة ومعينة من المعلومات التي ندعوها الواقع الوسيط». وحين سألنا عن الواقع المتأمل (mediated reality)، أجاب بقوله: «مثال على ذلك، أمر عرضته منذ 15 سنة، استبدال الإعلانات التي أراها عبر نظارتي وتغييرها. فأنا لا أدخن، وبذلك يمكنني ترشيح الإعلانات التي لا أريدها الخاصة بالسجائر وتجريد الذي لا أرغب فيه منها. فأنا هنا لا أقوم بأي عملية للتعزيز والإضافة، بل أقوم فعليا بإخراج شيء أيضا، إنه الواقع المتضائل، أو المتلاشي».

* خدمة «نيويورك تايمز»