هاتفان جديدان.. بسمات باهرة

«نوكيا» و«إتش تي سي» تطرحان تصاميم مطورة بنظام «ويندوز فون»

هاتف «إتش تي سي» الجديد
TT

في عالم التقنية، تنجح بعض الشركات - ولا سيما «مايكروسوفت» - في التوصل إلى أهم ابتكاراتها واختراعاتها عندما تكون في موقف حرج. ففي الشهر الماضي، كشفت «مايكروسوفت» النقاب عن نظام تشغيل «ويندوز فون 8»، وهي النسخة الأحدث والأجمل على الإطلاق من برمجياتها البالغة الوضوح والمخصصة للهواتف الجوالة المزودة بشاشات تعمل باللمس.

ولكن لسوء الحظ، قال لي مدير قسم المنتجات في «مايكروسوفت»: «نواجه مشكلة خاصة بالوعي»، وهو ما يعني أن أحدا لا يشتري الهواتف المزودة بنظام التشغيل ويندوز. وحيث لا يوجد مشترون لهواتف الويندوز، لا يقوم أحد بالتالي بتصميم التطبيقات الخاصة بها، ولذا نستطيع بسهولة التنبؤ بمستقبل هذا النظام.

* هواتف رائعة

* وعلى الرغم من ذلك، لم تستسلم «مايكروسوفت» مطلقا، ففي الشهر الحالي، تم إزاحة الستار عن اثنين من الهواتف الجوالة الرائعة والمزودة بنظام تشغيل «ويندوز 8»: هاتف «نوكيا لوميا 920» (Nokia Lumia 920) (الذي يباع نظير 100 دولار مع عقد جديد من متاجر «إيه تي آند تي»)، وهاتف «إتش تي سي 8 إكس» (HTC Windows Phone 8X) (الذي يبلغ سعره 200 دولار في متاجر «إيه تي آند تي» أو «فيريزون» أو «تي - موبايل» الأميركية).

ولكن الأمر المضحك حقا بشأن «نوكيا» و«إتش تي سي» أنهما من الشركات العملاقة التي تراجعت كثيرا في الآونة الأخيرة، حيث ظلت نوكيا تحتل المرتبة الأولى بين صانع الهواتف الجوالة في العالم على مدار 14 عاما متصلة. ولكن الأمور تغيرت كثيرا في الوقت الراهن، حيث باتت «نوكيا» تحتل المركز السابع عالميا وقامت بفصل عشرات الآلاف من العاملين لديها. وعلى الجانب الآخر، تكافح شركة «إتش تي سي» في سوق الهواتف الجوالة حاليا، حيث انخفضت مبيعاتها من الهواتف الذكية بنسبة 36 في المائة في العام الحالي مقارنة بالعام الماضي.

ومن المثير للاهتمام حقا أن «إتش تي سي» و«نوكيا» قد لجأتا إلى «مايكروسوفت» لإنقاذهما، والعكس صحيح أيضا، فهل ستكون المعادلة الآن بهذا النحو: خاسر + خاسر = رابح؟

* تصاميم متميزة

* وفي الواقع، قد يكون هذا أمرا صحيحا، فالهاتفان الجديدين يتمتعان بالكثير من الأشياء المشتركة، التي يأتي في مقدمها تلك الروعة التي يتمتعان بها بالفعل. أما الأمر الآخر فقد تم تزويد الجهازين بشاشات أكبر وأكثر وضوحا من شاشات «ريتينا» الشهيرة المستخدمة في هواتف «آي فون»، حيث تم تزويد «إتش تي سي» و«نوكيا» بشاشات من قياس 4.3 بوصة و4.5 بوصة على التوالي بدرجة وضوح 1280 × 720 بيكسل وكثافة بكسل تصل إلى 341 و332 بكسل في البوصة المربعة.

يتميز كلا الهاتفين بجزء خلفي وحوافّ مستديرة الشكل، مما يجعلهما مريحين بشكل غير عادي أثناء الحمل (تسهل هذه الانحناءات أيضا من عملية إخراج الهاتف من جيبك بالصورة الصحيحة).

يأتي كلا الجهازين بألوان زاهية اختيارية ومعالج شديد السرعة، وكلاهما يدعم شبكات اتصالات الجيل الرابع «4 جي إل تي إي» (وهو ما يعني التمتع بإنترنت فائق السرعة) في المدن المتوافرة فيها تلك الخدمة.

وبالإضافة إلى ذلك، يدعم كلا الهاتفين تقنية الشحن اللاسلكي، حيث تم تزويد الجهازين بإمكانية الشحن المغناطيسي. فعندما تعود إلى منزلك في نهاية اليوم، وترمي المفاتيح على الطاولة، يمكنك وضع الهاتف على منصة الشحن اللاسلكي (اختيارية في مقابل 50 دولارا) وسوف يخبرك صوت خافت بأن الجهاز يقوم بعملية الشحن، على الرغم من عدم وجود أي أسلاك.

إنه لشيء رائع حقا، ولكنه سيصبح أكثر روعة إذا لاقت هذه الطريقة الجديدة رواجا بين المستهلكين. فقد يأتي اليوم الذي توجد فيه أسطح مخصصة للشحن في المقاهي والمطارات وغرف الفنادق.

* حافظة إلكترونية

* تم تزويد كلا الجهازين أيضا برقاقة «إن إف سي»، أو تقنية الاتصال بالمجال قريب المدى، وهو ما يعني أن هذه الهواتف تستطيع القيام بمهام أخرى عندما تقوم بالضغط عليها. يبشر مستقبل هذه التقنية بإمكانية قيام الشخص بالنقر على الجهاز للدفع مقابل شيء ما قام بشرائه أو النقر لتحميل الإعلانات الترويجية الموجودة على الحافلات التي تحتوي على تقنية الاتصال قريب المدى أو النقر على هاتفين معا لنقل الصور أو العناوين أو النقر على الجهاز لـ«إقران» أجهزة مكبرات الصوت المزودة بتقنية البلوتوث بالهواتف.

* نقائص ومآخذ

* ولكن من الناحية العملية، هناك بعض المزايا التي تنقص الجهازين، حيث يستلزم استخدام البلوتوث وغيره من التقنيات لاستكمال الاتصال، فضلا عن أن مبادرة «مايكروسوفت» القادمة «تاب - تو - باي» تأتي غير متوافقة مع المبادرة التي أنفقت عليها «غوغل» ملايين الدولارات لإنشائها في صناديق الدفع عبر البلاد. ولكن لا يسعنا دوما إلا أن نأمل في حدوث الأفضل.

وعلى الرغم من أن هاتف «إتش تي سي 8 إكس» هو الأصغر حجما بين الهاتفين، فإنه يبدو قزما أمام جهاز «آي فون»، حيث إنه أكثر عرضا وطولا وسمكا وأثقل وزنا من «آي فون». وإذا قمت بشراء الجهاز من متاجر «فيريزون»، سوف تتمتع بتجربة أفضل وأسرع على الإنترنت في عدد أكبر من المدن مقارنة بهاتف «نوكيا»، المتاح فقط في متاجر «إيه تي آند تي».

يتميز الجزء الخلفي من هاتف «إتش تي سي» بسطح خشن إلى حد ما، لذا تقل احتمالات سقوط الهاتف من يدك، مقارنة بهاتف «نوكيا» الذي يتمتع بخلفية لامعة. يمتلك الهاتف أزرارا - للتشغيل والصوت والكاميرا - نحيفة ومتناغمة مع جسم الهاتف، ولكنك قد تكون بحاجة إلى استخدام شيء رفيع للضغط عليها.

هناك مبعث قلق آخر في هذا الهاتف، ألا وهو فتحة بطاقة الذاكرة، حيث يمتلك الطراز الأساسي من الجهاز الذي يباع لقاء 200 دولار ذاكرة بسعة 16 غيغابايت غير قابلة للزيادة. (تقوم متاجر «إيه تي آند تي» ببيع نموذج آخر لقاء 100 دولار بسعة تخزينية تبلغ 8 غيغابايت فقط غير قابلة للزيادة أيضا). ولكن ما الذي تستطيع تطبيقات الهاتف القيام به إن لم تكن هناك مساحة تخزين كافية للتطبيقات والصور والموسيقى ومقاطع الفيديو؟

وفي بعض الأحيان، تكون بطارية هاتف «إتش تي سي 8 إكس» قاب قوسين أو أدنى من الانتهاء عندما تصل إلى البيت بحلول الليل لتناول العشاء، حيث تكفي البطارية لثماني ساعات من التحدث فقط، فضلا عن أنه لا يمكن إزالتها بطبيعة الحال.

يتغلب هاتف «نوكيا لوميا 920» على هاتف «إتش تي سي» في فئة تلو أخرى، حيث يصل عمر بطارية «نوكيا» إلى 10 ساعات من التحدث، في حين يبلغ سعره 100 دولار في مقابل 200 دولار لهاتف «إتش تي سي». وفي ما يتعلق بسعة التخزين، تبلغ سعة تخزين هاتف «نوكيا» 32 غيغابايت في مقابل 16 فقط لـ«إتش تي سي»، فضلا عن احتوائه على بلوتوث من نسخة 3.1 في مقابل 2.1. أما بخصوص حساسية الشاشة، فيمكن استخدام هاتف «نوكيا» أثناء ارتداء القفازات في يدك.

* تطوير «نوكيا» متميز

* يربح هاتف «نوكيا» المقارنة أيضا في ما يتعلق بوحدة الـ«جي بي إس» المزودة، حيث تأتي كل تطبيقات الخرائط المستخدمة في هواتف «ويندوز فون» من «نوكيا» (نظرا لأنها تمتلك شركة «نافتك» التي تعد واحدة من أكبر شركتين في العالم في مجال بيانات الخرائط). وتعتبر خرائط «نوكيا» جيدة بالفعل، حيث تستطيع إظهار الحركة المرورية والتصوير الجوي والنقل العام وغيرها من الأمور، فضلا عن أنها لا تواجه أيا من المشكلات التي يعاني منها تطبيق «أبل» للخرائط. يسمح لك هذا التطبيق بتحميل بيانات الخرائط على هاتفك الجوال، حتى يتسنى لك البحث والتنقل عندما تكون غير متصل بشبكة الإنترنت أو لا ترغب في دفع رسوم تجوال فلكية.

الأمر الوحيد الذي لا يوفره تطبيق الخرائط هو إرشادات الملاحة الناطقة، وعلى الرغم من ذلك توفر «نوكيا» تطبيقا يدعى «نوكيا درايف»، الذي يقوم بإضافة إرشادات ناطقة جيدة للغاية، وهي النقطة الأخرى التي يحسمها هاتف «نوكيا لوميا 920» لصالحه في مقابل هاتف «إتش تي سي».

يتمتع كلا الهاتفين بكاميرا جيدة للغاية، حيث تم تزويد هاتف «إتش تي سي» بكاميرا 8 ميغابيكسل، تقدم ألوانا أفضل في الإضاءة الجيدة، ولكنها تواجه الكثير من الصعوبات في الإضاءة الخافتة. وعلى الناحية الأخرى، تؤدي كاميرا «نوكيا» ذات 8.7 ميغابيكسل أداء جيدا للغاية في الضوء الخافت حتى من دون استخدام الفلاش.

وفي الواقع، أنت تدفع المال من أجل التمتع بكل المزايا التي تقدمها «نوكيا» في هاتفها، ولكن أحد العيوب التي يعاني منها هذا الهاتف هو الضخامة. يبلغ طول الهاتف 4.9 بوصة، تماما مثل جهاز «إتش تي سي»، ولكنه أكثر عرضا وسمكا وأثقل وزنا بكثير، حيث يبلغ وزنه 6.5 أوقية، وهو ما يجعله أثقل بنحو 46 في المائة من هاتف «إتش تي سي» و62 في المائة من هاتف «آي فون». ولذلك، إذا وقع منك هذا الهاتف عن طريق الخطأ، يمكنه حقا كسر إصبع قدمك.

وإذا كنت لا تبالي بوزن الجهاز، فهاتف «نوكيا» هو الأفضل (لم أقم بتجربة إعادة التشغيل التلقائي التي أبلغ عن حدوثها بعض أوائل مستخدمي الجهازين، ولكن شركة «مايكروسوفت» أكدت أنها تحقق في الأمر). يتمتع كلا الهاتفين بأحدث التقنيات العالمية، والتصميم الرائع ونظام تشغيل «مايكروسوفت» المذهل للهواتف الجوالة. وإذا كنت تعتقد أن أنظمة تشغيل «مايكروسوفت» مستنسخة وعديمة الروح ومتضخمة وتعاني من المميزات الإضافية، فسوف يغير نظام تشغيل «ويندوز فون» من رأيك بسرعة.

لقد مر على «مايكروسوفت» الكثير من المواقف المشابهة من قبل، حيث تقتحم هذه السوق بعد أعوام طويلة من تربع منافستها «أبل» على القمة. وعلى الرغم من أنها تقوم بعمل رائع، فإن «مايكروسوفت» لم تستطع تقديم نظام بيئي سريع بالصورة الكافية لتقترب من هذه الصدارة.

* نظام «ويندوز فون»

* وعلى الرغم من إمكانياته الرائعة، سوف يخذلك عالم «ويندوز فون» في أمرين أساسيين. أولا الحديث: يستجيب هذا النظام للأوامر الأساسية - مثل «اتصل» و«اكتب» و«ابحث» (على الإنترنت) و«لاحظ» و«افتح» (تطبيقا معينا) - ولكنها لا تستطع التعرف حتى على علامات الترقيم. الأمر الأسوأ من ذلك هو أن النظام لا يستطيع تحويل الصوت إلى نص، على العكس من الهواتف التي تستخدم نظام «أندرويد» أو «أبل»، حيث إن الإملاء هو إحدى الخواص الرئيسية في الهواتف التي لا تحتوي على لوحات مفاتيح، لذا فلا يمكن للشخص تجاهل هذا العيب. ثانيا التطبيقات: تقول «مايكروسوفت» إن متجر التطبيقات الخاص بها يحتوي على 120,000 تطبيق الآن، وهو ما يعد تقدما ملحوظا، ولكن لا يزال المتجر ينقصه الكثير من التطبيقات الهامة.

لا تزال «مايكروسوفت» وشركاؤها يترنحون على الحافة، فقد تمكنوا من تحقيق التميز، ولكن الأمر متروك الآن لقوى السوق. فإذا كانت الريح مواتية فسوف يتمكنون من رفع حصتهم السوقية، التي تبلغ الآن 4 في المائة فقط، ببعض النقاط المئوية، أما إذا جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن فسوف يتلاشى نظام تشغيل «ويندوز فون» وينضم إلى غيره من الأنظمة التي واراها النسيان، مثل «زيون» و«كين» فون وغيرهما الكثير.

* خدمة «نيويورك تايمز»