سوق أجهزة الكومبيوتر اللوحية تزدحم بمنتجات جديدة

تصاميم متنوعة في أحجامها وخصائصها وأسعارها

TT

ربما كان من حق هواة التسوق في موسم أعياد الميلاد الذين ينوون شراء جهاز كومبيوتر لوحي هدية هذا العام أن يشعروا بالذعر قليلا، فإذا نظرت إلى الأجهزة اللوحية المتوافرة على شبكة الإنترنت أو في متجر الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية، فربما تصاب بالدوار عند الاختيار من بين عشرات «المستطيلات» النحيلة ذات الشاشات التي تعمل باللمس، التي يأتي كل واحد منها بمختلف الأحجام والخصائص والأسعار والتطبيقات.

وقد كان من المفترض أن تكون الأجهزة اللوحية بديلا بسيطا لسوق الكومبيوتر الشخصي «بي سي» المنتفخ، وهو ما كان صحيحا حين كان «الجهاز اللوحي» مرادفا لجهاز «آي باد»، إلا أن هذا هو أول موسم أعياد ميلاد يواجه فيه «آي باد» منافسين صنعوا لأنفسهم أرضية صلبة في السوق، حيث طرحت شركتا «أمازون» و«غوغل» أجهزة كومبيوتر لوحية في الوقت المناسب تماما كي تلحق بسباق التسوق، ونتيجة لهذا يقول كثير من المستهلكين والمحللين إن السوق الجديدة لأجهزة الكومبيوتر الخالية من لوحة المفاتيح تسير بخطى حثيثة نحو أن تصبح مثيرة للحيرة بقدر ما كان الكومبيوتر الشخصي التابع للمدرسة القديمة.

* اختيارات جديدة

* تقول سارة روتمان إيبس، التي تدرس اتجاهات مستهلكي أجهزة الكومبيوتر لدى شركة «فوريستر»: «الأمر المختلف في ما يتعلق بموسم أعياد الميلاد هذا، وهو أن المستهلكين ليست لديهم مساحة أكبر للاختيار فحسب، بل إنها في الواقع اختيارات جيدة. لقد كان هناك كثير من أجهزة (آي باد) الطموحة ولكن من دون بدائل حقيقية عالية الجودة، أما الآن، فهناك العديد منها». وأضافت أنه «على الرغم من أن توافر الاختيارات يعتبر أمرا جيدا بالنسبة للمستهلكين، فإنه أيضا يجعل التسوق (محيرا ومعقدا)».

وما زال «آي باد» يهيمن على السوق بحصة تبلغ 50 في المائة، وذلك حسب أرقام الربع الثالث التي تم الحصول عليها من شركة «آي دي سي» للأبحاث، وإن كان ذلك الرقم يمثل انخفاضا عن نسبة 60 في المائة العام الماضي. وتحتل أجهزة «سامسونغ» المركز الثاني بحصة سوقية تبلغ 18 في المائة، تليها شركة «أمازون» في المركز الثالث بنسبة 9 في المائة، بينما تحل شركة «أسوس» التي تصنع جهاز «غوغل نيكسوس7» اللوحي، رابعة بنسبة 8.6 في المائة من السوق.

إلا أن شركة «غوغل»، التي تحقق الغالبية العظمى من إيراداتها من الإعلانات عبر الإنترنت، ما زالت متخلفة عن الركب في سوق الأجهزة اللوحية، رغم أن مبيعات جهازها «نيكسوس7» تقترب من المليون جهاز شهريا، وذلك وفقا لما أعلنته شركة «أسوس»، ونحو 98 في المائة من زيارات صفحات الإنترنت المتعلقة بالأجهزة اللوحية تأتي من أجهزة «آي باد»، وذلك بحسب ما أعلنته شركة «أونسوايب» المتخصصة في النشر الرقمي. وتود شركة «غوغل» أن تحقق المزيد من تلك الزيارات، بالإضافة إلى المزيد من المشترين للتطبيقات والوسائط المعروضة في متجرها الإلكتروني «غوغل بلاي»، وهو نفسه ما تسعى إليه شركتا «أمازون» و«مايكروسوفت».

ويقول هيروشي لوكهايمر، وهو نائب رئيس شركة «غوغل» لهندسة نظام «آندرويد»: «أول قرار تتخذه هو: ما البيئة التي أعمل بها، وهل أريد متجر ومحتوى (آندرويد بلاي) أم شيئا آخر؟ أي ‘ن التأكيد على أهمية البيئة المحيطة لا يمكن أن يكون من قبيل المبالغة».

* تصاميم متلاحقة

* غير أن القرارات بعد ذلك لا تزال معقدة. فلنقل مثلا إنك تريد جهازا لوحيا يمكنه العمل بنظام تشغيل «غوغل آندرويد»، فهناك جهاز «نيكسوس7»، وهو جهاز لوحي حجمه 7 بوصات من إنتاج شركة «أسوس»، وجهاز «نيكسوس10»، وهو جهاز لوحي حجمه 10 بوصات من إنتاج شركة «سامسونغ»، ثم هناك جهازا «سامسونغ غالاكسي تاب2 10.1» و«سامسونغ غالاكسي نوت10.1» (وينبغي عدم الخلط بينه وبين جهاز «سامسونغ غالاكسي نوت2»، وهو عبارة عن هاتف ذكي حجمه 5.5 بوصة)، ناهيك بالعشرات من أجهزة «آندرويد» اللوحية التي تصنعها شركتا «لينوفو» و«توشيبا» وغيرهما.

وقد قامت شركة «مايكروسوفت» هي الأخرى بطرح جهاز لوحي هذا العام، وهو «سارفيس»، وشركة «أمازون» لديها جهازا «كيندل فاير» و«فاير إتش دي»، وشركة «بارنز آند نوبل» لديها جهازا «نوك إتش دي» و«إتش دي بلاس». وحتى بعد أن يختار المتسوقون جهازا من هذه الأجهزة، فإنه يكون لديهم مزيد من الاختيارات التي يتعين عليهم القيام بها، مثل ما إذا كانوا يريدون دفع 15 دولارا إضافية مقابل الحصول على امتياز عدم مشاهدة الإعلانات على جهاز «كيندل فاير».

وحتى شركة «أبل»، التي كانت تفخر على الدوام بامتلاكها خطوط إنتاج بسيطة، أصبحت الآن تطرح أجهزة «آي باد» الجديد و«آي باد2» الأقدم و«آي باد ميني». وإذا حسبت كميات المخزون المختلفة والاختيارات من البيانات الخلوية أو مجرد تقنية «واي فاي» وحدها، ستجد أن هناك في الأساس 14 طرازا من «آي باد» كي تختار من بينها. ومما يزيد من تعقيد عملية اتخاذ القرار في ما يتعلق بالمكونات الإلكترونية أن الأجهزة اللوحية المختلفة تتصل بمتاجر مختلفة على الإنترنت للحصول على التطبيقات والموسيقى والفيديوهات. فإذا كنت قد كونت تشكيلتك الخاصة من الموسيقى والتطبيقات على أجهزة «أبل»، فإن شراء جهاز «آندرويد» لوحي قد يعني البدء من الصفر، والعكس صحيح.

وهذا الاتساع الهائل في كم المنتجات ليس أمرا جديدا على سوق وصلت إلى مرحلة النضج، كما يعلم أي شخص سبق أن وقف أمام جدار تغطيه بالكامل أجهزة التلفزيون داخل المتاجر الكبرى، إلا أن بعض شركات الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية التي كانت تمنح مستهلكيها الكثير جدا من الخيارات قد أصبحت في مأزق، وذلك طبقا لما ذكره شاو وو، وهو محلل لدى شركة «ستيرن أغي»، ومن بين هذه الشركات شركة «موتورولا موبيليتي» التي تحاول إنقاذ نشاطها في مجال الهواتف الجوالة عن طريق تقليص مجموعتها التي تضم 27 جهازا، وشركة «ريسيرش آند موشن» التي تقدم مجموعة معقدة من هواتف «بلاك بيري» بأسماء مثيرة للحيرة، مثل «بلاك بيري تورش 9810» و«9850» و«9860».

«آي باد» الشعبي وتقول روتمان إيبس إن الاختيار التقليدي بالنسبة للمستهلكين غالبا ما يكون جهاز «آي باد»، مضيفة: «إنه منتج مجرب عمليا، وهو يأتي مصحوبا بهالة الجودة التي تحيط بماركة (أبل)، وهو سابق بسنوات في ما يتعلق بتوافر التطبيقات المتعلقة به». غير أن أجهزة «آي باد» أغلى بكثير من الأجهزة اللوحية الأخرى، حيث يتراوح سعرها من 330 دولارا لأرخص جهاز «آي باد ميني» إلى 830 دولارا لجهاز «آي باد» سعة 64 غيغابايت ومزود ببيانات خلوية وتقنية «واي الفاي». وتقول شركتا «غوغل» و«أمازون» عن أجهزتهما اللوحية إنها تقدم أفضل قيمة، ويبدأ سعر جهاز «نيكسوس7» من 200 دولار، في حين يبدأ سعر جهاز «كيندل فاير» من نحو 160 دولارا.

وتقول شركة «مايكروسوفت» إن جهاز «سرفيس»، الذي يبدأ من سعر 500 دولار، أفضل في إنجاز العمل لأنه يمكنك توصيل ماوس به، والكتابة بسهولة أكبر عن طريق لوحة مفاتيح إضافية وغطاء، واستعمال بعض تطبيقات برنامج «أوفيس». غير أن روتمان إيبس تقول إن التصميم الجريء لبرمجيات ومكونات جهاز «مايكروسوفت» اللوحي الجديد قد يكون محيرا للغاية بالنسبة لمستخدمي نظام «ويندوز»، الذين يكونون في الغالب أقل دراية بالتكنولوجيا، وقد علقت على ذلك بقولها: «بالنظر إلى نوعية من يرغبون في شراء جهاز لوحي يعمل بنظام (ويندوز)، فإن التعقيد لا يكون شيئا جيدا». وبالنسبة لكثير من الناس، فإن العامل الأكبر الذي ينبغي التفكير فيه عند اختيار جهاز لوحي هو: إلى أين يأخذهم بمجرد أن يقوموا بتشغيله؛ أي ما الخدمات والتطبيقات ومتاجر بيع الكتب والموسيقى التي يمكنهم استخدامها.

* خدمة «نيويورك تايمز»