جيل جديد من التطبيقات الإلكترونية في السيارات

يؤمن وضع سمات شخصية على تواصل السائقين بها

TT

في مخزن تم تحويله إلى «مختبر»، في ضاحية «ساوث أوف ماركت» الراقية في سان فرانسيسكو، التي تضم بعضا من أكبر الأسماء في عالم التكنولوجيا. أخذ بعض الحضور بالجلوس حول طاولات عمل طويلة، وبدأوا بثني لوحات دوائر كهربائية صغيرة ولحام أجزائها، وربط شرائح وأجهزة ترانزستور، مع محاولة عدم إلحاق الضرر بالإلكترونيات.

كل ذلك حدث ضمن «ورشة تقنية» بهدف تطوير تطبيقات إلكترونية خاصة بالسيارات، أوضح خلالها تي جيه جيولي وسوديبتو أيك، الباحثان من «سيليكون فالي لاب» التابع لشركة «فورد موتور» لإنتاج السيارات، لمجموعة من مطوري البرامج كيفية استخدام «أوبن إكس سي»، وهو منصة مصدر مفتوح (معتمدة على برنامج «لينوكس») أنتجتها شركة «فورد» من أجل تطوير برنامج تصفح للإنترنت داخل السيارة.

* متصفح السيارة يهدف «أوبن إكس سي» OpenXC بالأساس «إلى التنميط السريع والاستكشاف الذاتي» من قبل الأفراد، حسب جيولي. وعلى عكس منصة النظام المعلوماتي الترفيهي «إس واي إن سي» في سيارات «فورد»، التي تملك واجهة برمجة تطبيقات خاصة بها وعملية تطوير التطبيقات، فإن «أوبن إكس سي» مصمم لتشجيع المطورين على تجربة تطبيقات السيارات التي لن تجرؤ شركة «فورد» نفسها مطلقا على تخيلها. وحسب جيولي، كانت «فورد» بحاجة إلى «إنشاء نظام يسمح للأفراد بالقيام بشيء مختلف تماما عما كان يمكن أن نفكر فيه أو نعتزم القيام به».

وتنهال على الباحثين أسئلة من الأفراد المشاركين في الورشة عن مدى إمكانية إدخال نظام «أوبن إكس سي» في السيارة.

* «هل يمكننا التسلل إلى النظام المعلوماتي الترفيهي»؟ لا، يقول جيولي، فـ«الأنظمة المعلوماتية الترفيهية هي أكثر الأنظمة الإلكترونية تعقيدا وقوة في أي سيارة، ومن ثم، إذا كنت تقوم بالأمر على الوجه الصحيح، فإن هناك طنا من تطبيقات الأمن حوله».

* ثم طرح سؤالا آخر: «هل حركة البيانات في اتجاه واحد؟» يجيب جيولي قائلا: «نعم». ويأتي السؤال: «إذن، ما الفائدة منه؟» يسارع جيولي في الجواب: «ثمة كثير يمكنك القيام به بمجرد معرفتك ما يمكن للسيارة أن تفعله في الوقت الحقيقي.

* تطور سريع إن التطبيقات تتطور بشكل أسرع من السيارات. ويدرك صناع السيارات أنهم يواجهون التحديات مع التطبيقات. فمع تصميمهم السيارات لتكون أكثر اتصالا ببعضها البعض – من خلال أنظمة معلوماتية ترفيهية، مع الهواتف الذكية، ومع خدمة هواتف خلوية مباشرة – سوف يبدأ السائقون بشكل طبيعي في التعامل مع سياراتهم كأي جهاز جوال آخر، إذ سيرغبون في إضفاء طابع شخصي عليها، وسوف يودون التواصل معها، وسوف يرغبون في استخدام تطبيقات جنبا إلى جنب معها. إن عالم تطوير التطبيقات السريع والمغامر لا يتناغم بشكل جيد مع عالم تطوير السيارات الحذر الأبطأ حسبما يقول مارك بويادجيس، كبير المحللين والمديرون بشركة «آي إتش إس»، مشيرا إلى شركتي «فورد» و«جنرال موتورز»، أكثر الشركات تقدما في تطوير التطبيقات: «هذه الشركات لا تنتج تطبيقات، بل تبيع سيارات». قد تستغرق شركات صناعة السيارات، التي تتولى مسؤولية تصميم سيارات آمنة موثوق بها، عدة أعوام كي تتمكن من جعل أنواع التكنولوجيا الحديثة ترى النور. ويعتبر ذلك دهرا بالنسبة لزمن إنتاج التطبيقات.

يتحرك مصنعو السيارات بحذر لسبب بالطبع: إذا قمت بتنزيل تطبيق سيئ واخترق هاتفك، فهذا مجرد أمر يثير الغضب. لكن إذا قمت بتنزيل تطبيق معيب داخل سيارتك، فربما يكون هذا خطأ فادحا.

سوف تسمح البرامج مفتوحة المصدر لشركة «فورد» بابتكار واختبار تكنولوجيا ما بشكل أسرع. غير أنه ليس من المبالغة تصور مستقبل قريب يقوم المستخدمون فيه بتقييم نظام تطبيقات السيارات بالطريقة نفسها التي قد يقيمون بها أي جهاز جوال آخر. إذا لم تدعم السيارة التطبيقات التي يريدها المستخدمون، فربما يختارون سيارة أخرى تقوم بذلك.

«تدرك شركتا (فورد) و(جنرال موتورز) أن نمط الحياة المعتمد على الاتصال يكمن داخل السيارة ويحتاجون للتكيف معه»، هذا ما يقوله بويادجيس. ومع ورش عمل «أوبن إكس سي» (التي تقام عبر أنحاء الولايات المتحدة من خلال «تك شوب»)، تدعو «فورد» المطورين إلى محاولة إصلاح الأخطاء والعيوب بحرية. ويقول بويادجيس إن «شركتي (فورد) و(جنرال موتورز) تتزعمان عملية تطوير التطبيقات في السيارة بطريقة تختلف تماما عن تلك التي يتبناها صناع سيارات آخرون». ويضيف: «إنهما تطرحان برمجيات ومنصات مرجعية».

يقول رون مونتويا محرر لموقع إدموندز لاستشارات المستهلكين: «دائما ما طور مصنعو السيارات تكنولوجيا داخل شركاتهم أو بالتعاون مع المسوقين، الأمر الذي يمكن أن يستغرق أعواما». ويضيف: «سوف تسمح البرامج مفتوحة المصدر لشركة (فورد) بابتكار تكنولوجيا واختبارها بشكل أسرع».

* تصميم التطبيقات بالعودة إلى «تك شوب» في سان فرانسيسكو، سوف تحرك لوحات الدوائر الكهربائية التي صنعها المشاركون مقياسا أشبه بتاكومتر (أو عداد سرعة المحرك)، مزود بواق بلاستيكي وإبرة مصنوعة من قبل طابعات ثلاثية الأبعاد بالموقع. يعمل هذا المقياس الارتجاعي Retro Gauge كشاشة عرض للكثير من تطبيقات «أوبن إكس سي»، حيث تقدم تقييما مرئيا لكل شيء بدءا من عدد اللفات في الدقيقة إلى زاوية عجلة القيادة خاصتك.

يشتمل برنامج «أوبن إكس سي» على مكونين رئيسيين: تطبيق «أندرويد» يسمح لك بتطوير برامج، وواجهة جهاز تتصل بمنفذ «أو بي دي الثاني» OBD - II (علامات مميزة على لوحة القيادة) في سيارة. تستخدم الواجهة «بلوتوث» في إرسال البيانات إلى جهاز الكومبيوتر المحمول أو جهاز «أندرويد» اللوحي الذي يشغل تطبيق «أوبن إكس سي». يتصل المقياس الارتجاعي بالكومبيوتر المحمول أو بجهاز لوحي عبر «يو إس بي».

يتمثل حقل التجارب بالنسبة لتطبيقات ومقاييس المشاركين في الورشة في سيارة «فورد فوكس إلكتريك» التي تقف على مقربة منا. يقدم باحثا فورد، جيولي وأيك، بعض التطبيقات البسيطة للمطورين لاستخدامها في حالة ما إذا لم يكونوا قد انتهوا من تطوير التطبيقات خاصتهم بعد. وعلى سبيل المثال، باستخدام أحد التطبيقات، يستطيع المطورون تحويل عجلة القيادة بالسيارة ومشاهدة عرض زاوية العجلة على شاشة LED على المقياس الرجعي Retro Gauge.

يعرض الموقع الإلكتروني الخاص بمنصة «أوبن إكس سي بلاتفورم» التابعة لشركة «فورد» حاليا 19 نوعا من البيانات التي يمكن أن يقرأها تطبيق «أوبن إكس سي»، بما في ذلك عزم دوران نقل الحركة، ووضع ماسحات الزجاج الأمامي ومستوى الوقود.

ولدى سؤاله عما إذا كانت ستتاح أي بيانات إضافية، أجاب جيولي: «أجل». إنه متلهف تماما كبقيتنا. يقول جيولي في حديث نقله موقع «تك هايف» الإلكتروني: «هذا بحث يسمح لنا بالإدلاء بمجموعة جريئة من البيانات. سوف ننتج هذا المصدر المفتوح ونكشف عن البيانات».

إن تخصيص ساعات عدة لتصنيع جهاز قياس يستنزف وقتا من عملية الترميز، لكن جيولي يقول إنه يساعد المطورين في التعرف على إمكانات «أوبن إكس سي». ويضيف: «حينما يمتلك الناس شيئا ماديا يمكنهم توصيله بالسيارة، ويرون أن ثمة تواصل فعلي بين الجهاز والسيارة، تسيطر عليهم مشاعر الابتهاج».

وليس من المؤكد ما إذا كان سينتهي الحال بأي من تطبيقات هؤلاء المطورين إلى سيارة «فورد» أم لا. يؤكد جيولي على أن «أوبن إكس سي» ليس مصمما لتطوير منتجات. ويقول: «ما نقوم به من خلال عملية البحث هو تطوير شيء، كسر الحواجز، والتأثير على المنتج النهائي». ويضيف: «إن التطبيق سيساعدنا على التعرف على الدروس التي يمكن أن نتعلمها من (أوبن إكس سي)، وكيف يمكننا أن نترجمها في صورة منتج».

وماذا عن هذا التواصل ثنائي الاتجاه، المحظور، والمرغوب بشدة في الوقت نفسه. لا يستبعد جيولي ذلك بشكل كامل. ويقول: إن «تطبيق سلوك فعلي على السيارة هو شيء نبحث عنه بالفعل».