نظم مطورة لمنزل المستقبل

أجهزة تتواصل بالإنترنت مع مثيلاتها ومع الإنسان

صورة لنظام «سمارت سنس موشن» الذي يقوم عند ربطه بمركز «سمارت ثنغس» بتحفيز نشاط الأجهزة الإلكترونية عند حدوث حركة بالقرب منه
TT

طالما كان بيت المستقبل، مع كل ما يملكه من روبوتات تساعد على الحياة اليومية، والأجهزة الكهربائية الأوتوماتيكية، جزءا من عالم الخيال العلمي، لكن خبراء عالم التقنيات مصممون على تحويله إلى واقع حقيقي.

وقريبا كما تبدو «رؤية» هؤلاء الخبراء، ستكون جميع تجهيزات الحديقة والحمامات متحكما بها عن طريق لمسة على الهاتف الذكي، فقبل أن تطأ قدمك باب المنزل سيكون بالإمكان إغلاق نظام الأمان، وتشغيل مرشاش (دوش) الحمام، والشروع في تدفئة الغرف، وتسخين فرن الطهي.

* إنترنت الأشياء إن فكرة تجهيز كل مرافق البيت بمستشعرات ووصلها بالشبكة التي غالبا ما يطلق عليها «إنترنت الأشياء»، كانت تدور في الرؤوس منذ سنوات. لكن الإعلان الصادر أخيرا بأن «غوغل» في طريقها إلى تسديد مبلغ ثلاثة مليارات دولار، للاستحواذ على شركة «نيست» صانعة المنتجات المنزلية المتواصلة مع الإنترنت، من شأنها أن تبلور وضع مثل هذه السوق الناشئة، وتسلط الأضواء عليها.

وهكذا فإن «غوغل» ترينا أن إنترنت الأشياء ليس بدعة، أو صرعة ستمر مرور الكرام، وفقا لجايسون جونسون كبير المديرين التنفيذيين في «أوغست»، الشركة الصانعة للأقفال الذكية، التي يجري التحكم بها عن طريق تطبيق على الهاتف الذكي. «إنها صناعة شرعية، وأنا سعيد بأن الشركات الكبيرة شرعت تأخذها على محمل الجد»، كما يضيف.

وحتى اليوم كانت الشركات الصغيرة هي التي تتخذ الكثير من الخطوات الكبيرة في هذا المجال، فشركة «سمارت ثنغس» الناشئة في واشنطن العاصمة، تقوم ببيع طقم من المستشعرات الصغيرة التي يمكنها رصد مستويات الرطوبة، والتحري عن الحركة. و«كناري»، الشركة التي مقرها نيويورك، تعمل حاليا على نظام فيديوي أمني يقوم بإرسال تحذيرات لدى ملاحظته تغييرا كبيرا في درجة حرارة جو المنزل، ونوعية الهواء، أو وجود حركة ما، وغيرها.

وتستعد الشركات الكبيرة أيضا لأداء دور في هذا المجال، إذ تعرض شركات الكابلات، بما فيها «تايم ورنر كايبل»، و«إيه تي آند تي»، و«ستايبلس»، نظما موصولة بالمنازل، تشمل أجهزة ومصابيح وتدار كلها عن طريق تطبيقات على الهواتف الذكية. ويبدو أن «أبل» أبدت اهتماما بهذا الموضوع أيضا، إذ يمكن نظامها «إير بلاي» هاتفها «آيفون» لكي يتحول إلى أداة للتحكم عن بعد.

وحتى طلاب المشاريع من الرأسماليين ركبوا هذه الموجة مستثمرين نحو 500 مليون دولار في المنتجات الموصولة بالأجهزة الذكية وشركاتها، منذ بداية عام 2012.

الدافع وراء كل هذه الشركات واضح للغاية، لأنه من المتوقع أن يصبح حجم السوق العالمية للمنتجات المنزلية الموصولة بالإنترنت 40 مليار دولار، خلال السنوات الخمس إلى السبع المقبلة، وفقا إلى جين مانستر المحلل في مؤسسة «بايبر جافري».

لكن هناك أكثر من عامل المال في اللعبة هذه، فلأجل احتلال موقع كبير في الموجة الثانية من التطورات في عالم الكومبيوتر، والمنتجات التقنية الاستهلاكية المرتبطة به، يتوجب على الشركات الداخلة إلى هذا المجال تذليل عقبات كثيرة في هذه السوق الاستهلاكية المتقلبة.

* منازل إلكترونية لقد كان الكثير من الحماس والإثارة الأولية تجاه المنتجات المتصلة بالإنترنت موجها نحو المنتجات الكومبيوترية التي توضع على الجسم، أو يمكن ارتداؤها، كالساعات الذكية، ورباطات قياس اللياقة البدنية والحالة الصحية. ولكن مع تزايد قدرات هذه المستشعرات، وتدني أسعارها، اتجهت قدرات هذه الأجهزة الذكية إلى مكان آخر أيضا، ألا وهو ما نتحدث به الآن.

وأحد التحديات هنا هو أن تأسيس المنزل الموصول إلكترونيا هو عملية مكلفة، فحاليا على الأقل تكلف المنتجات الذكية أضعاف ما تكلفه نظيراتها العادية التقليدية. ومثال على ذلك، فإن أجهزة تحري وجود الدخان وغاز أول أكسيد الكربون واكتشافه، من إنتاج شركة «نيست»، تكلف نحو 129 دولارا، في حين تكلف مثيلاتها من إنتاج الشركات الأخرى 40 دولارا أو أقل.

العامل الآخر هو أن الكثير من الأشخاص شرعوا يترددون في إضافة المزيد من التطبيقات والخدمات الرقمية إلى حياتهم، كما أن الكثير من المنتجات المتوفرة في الأسواق اليوم لا تعمل معا بسلاسة وتجانس، لأن كل الشركات الكبرى هنا تتنافس لأن تقدم الخدمات الغالبة.

ثم هنالك سيل المعلومات والبيانات التي تولدها الكثير من هذه الخدمات، مما يجعل مستخدميها غير قادرين على استيعابها أو فهمها، خصوصا أمام هذا الطوفان الهائل من التحذيرات والتنبيهات. ومع ذلك تعتقد الكثير من الشركات أن هذه التشكيلة الواسعة من المنتجات، ووفرة المعلومات والبيانات التي تقدمها الممكن فهمها، هي عامل مفيد لزيادة المبيعات، وأن المستهلكين في نهاية المطاف سيحاولون الالتفاف حولها.

يبقى القول إن الأجهزة المنزلية الموصولة إلى الأجهزة الجوالة الذكية تواجه تساؤلات أيضا حول أمنها وحفاظها على الخصوصيات، إذ يمكن للص أن يستهدف نظريا قفلا ذكيا لمنزل، أو نظامه الأمني. ومثال على ذلك الأسئلة الكثيرة المثارة حول المعلومات الكثيرة التي تجمعها هذه المنتجات، التي يمكن استخدامها واستغلالها من قبل الشركات التي صنعتها.

وكانت شركة «أوغست» التي تعمل على تطوير أقفال ذكية قد أوقفت شحنها، قبل التأكد من أن النظام هو أمين من الخروقات. وعلى الرغم من أن الشركة تلقت آلاف الطلبات، فإنها توقفت عن تسليمها قبل إجراء فحوصات واختبارات مكثفة من قبل خبراء الأمن الذين سيقومون بالبحث عن أي ضعف في البرمجيات.

* خدمة «نيويورك تايمز»