محاولات جدية لتحسين جودة صوت الهواتف الجوالة

تدني نوعيتها يزيد من استخدام قنوات الاتصال الإنترنتية والرسائل النصية

TT

صوت الاتصالات بالهواتف الجوالة يبدو مريعا، وقد تدنت نوعيته أو جودته مع مرور السنين، خلافا لتطور التقنيات العصرية الأخرى، لتصل أحيانا إلى حد تحول مستخدمي الهاتف إلى الصياح والتلعثم، وعدم فهم مَن في الطرف الآخر. وأسباب ذلك كثيرة ومعقدة، وتعود إلى التقنية السمعية السيئة التي تقطع الصوت إلى أجزاء ومقاطع. وعندما يجري بعد ذلك بث هذه المقاطع عبر اتصال مزدحم، يضيع بعضها، وما يبقى منها الذي يصل إلى الطرف الآخر، يكون مشوشا وغير كامل، أشبه باستخدام لعبة على شاكلة هاتف.

لكن الحل يبدو في الأفق، ففي عام 2010، كان من المفترض للجيل المقبل من الشبكات الهاتفية أن يحول المكالمات إلى وجهتها من دون أي تأخير. وفي عام 2011 كانت شبكات «إل إي تي» التي تدعى أحيانا «4 جي» أي الجيل الرابع، وشيكة الظهور، وتعمل مع هواتف أفضل التي من شأنها تحسين نوعية الاتصالات. لكن تبين بعد ذلك أن الأمر كان مكلفا، وأكثر صعوبة مما توقعته شركات الخدمات الهاتفية، مما جعلها لا تكمل المشروع.

* صوت عالي النقاء اليوم تحوم في الأفق تقنية جيدة النوعية على شكل صوت «إتش دي» HD عالي الوضوح والنقاء. ورغم أن هذه التقنية واعدة، لكن الخبراء غير متأكدين أنها ستصل إلينا قبل أن نتحول غالبيتنا إلى استخدام «سكايب»، و«غوغل فويس»، أو التوقف عن إجراء المكالمات الهاتفية نهائيا.

وصوت «إتش دي» هذا هو تعبير صناعي للجمع بين انضغاط صوتي أفضل (أي ضغط البيانات الرقمية لكي تأخذ حيزا أقل)، والمجال الواسع العريض للترددات الصوتية، والأجهزة الهاتفية، للوصول إلى صوت أفضل مع إلغاء الضجيج. وصوت «إتش دي» هذا يوسع صوت الهاتف الجوال من نحو أربعة أوكتاف octave (مجموعة من ثمانية وحدات) إلى أكثر من سبعة. وهذا قريب جدا من الصوت البشري الحقيقي، الذي نسمعه عادة يبلغ عشرة أوكتاف.

والنتيجة مكالمات أفضل، وضجيج أقل في الخلفية، مع الأمل بتأخر زمني أقل، ونوعية جيدة كجودة الخطوط الأرضية، أو ربما أفضل.

وكانت «تي موبايل» الشركة الأولى التي طرحت صوت «إتش دي» على شبكاتها. والصوت هذا يعمل حاليا، ولكن مع بعض المحاذير، منها أن يكون الطرفان المتكلمان يستخدمان خدمة «تي - موبايل»، وأن يكونا يستخدمان هاتفا يدعم صوت «إتش دي»، وبالتالي يتوجب لهذا الغرض أن يدعم برنامج الانضغاط المحدد الذي تستخدمه شركة الخدمات الهاتفية.

والهواتف المزودة بكل هذه التقنية هي «آي فون 5»، والأنواع الجديدة من هذا الهاتف، و«سامسونغ غالاكسي إس 3»، والنسخ الجديدة منه، و«إتش تي سي وأن لاين»، وبعض أنواع الهواتف الأخرى القليلة. وبذلك، إن كان أفراد العائلة كلهم يملكون الهواتف الجديدة هذه، ويستخدمون شبكة «تي - موبايل»، يمكنهم التمتع باتصالات جيدة عالية النوعية.

وتقوم شركة «سبرينت» تدريجيا بإضافة صوت «إتش دي» إلى شبكتها، فقد أعلنت عن ذلك في العام الماضي، ولم تفعل شيئا كثيرا حيال ذلك لبضعة شهور، لكن كبير مديريها دان هيس أعلن أخيرا، أن هذا الصوت وصل إلى مائة سوق من أسواقها، بما فيها نيويورك، وشيكاغو، ودالاس، وميامي، تمهيدا لمخطط يغطي الولايات المتحدة برمتها، ويبدأ في أواسط العام الحالي. لكن هيس ذكر أن صوت «إتش دي» سيعمل فقط في الاتصالات التي تجري ضمن شبكة «سيرينت» عبر هواتف تدعم ذلك، نظرا لأن الشركة تستخدم شبكتها القديمة، وتقنية الانضغاط، لإجراء المكالمات بصوت «إتش دي». وهذا من شأنه تضييق مجال الهواتف التي تدعم ذلك بصورة أكثر، نظرا لأن الهواتف القديمة من «آي فون»، مثل «آي فون 5» على سبيل المثال، لا تدعم تقنية الانضغاط لدى «سبرينت»، لكن الجديدة منها تفعل ذلك.

أما بالنسبة إلى شركة «إيه تي أند تي»، و«فيريزون» فلا تزالان تنتظران. فقد ذكرت الأولى في يناير (كانون الثاني) الماضي أنها ستشرع باستخدام صوت «إتش دي» في العام الحالي، في حين لم تأتِ «فيريزون» على ذكر صوت «إتش دي» إلا نادرا، واكتفت مرة بالقول فقط «في وقت ما عام 2014»، ولدى قيام الشركتين بإضافة هذه الخدمة، فإنه من المحتمل أن يجري ذلك ضمن «الصوت عبر إل إي تي».

* قنوات صوتية ورغم كل هذه الفوضى والاضطراب، يعدّ صوت «إتش دي» تقنية قياسية عادية، استنادا إلى جمعية «جي إس إم» التي تمثل مشغلي الهواتف الجوالة عبر العالم، والتي وضعت قوانين وأحكاما للشبكات وصانعي الهواتف اليدوية الراغبين في استخدام شعارها «صوت إتش دي»، بحيث ندرك جميعنا أننا نستخدم الشيء ذاته.

وفي هذا الصدد يقول ديفيد هاتون مدير المجموعة لشؤون التقنية في حديث نقلته «نيويورك تايمز»، إنه إذا كان جميع شركات الخدمات الهاتفية ومنتجي الهواتف يستخدمون تقنيات متطابقة، «فلا يوجد سبب أن لا تكون تعمل مع جميع الشبكات التي تدعم شعار صوت (إتش دي)».

وفي عام 2011، وجدت «جاي دي باور وشركاؤها» في استطلاع لها أن نوعية المكالمات قد توقفت عند حد معين، مقارنة مع استخدام البيانات والرسائل النصية. ولاحظت الدراسة اتجاها متزايدا نحو استخدام الرسائل النصية، وهو أمر لا يدعو للدهشة، في ضوء تدني جودة المكالمات، والتشويش الحاصل بالسمع، وانقطاع المكالمات فجأة.

وتتعرض شركات الخدمات الهاتفية أيضا إلى ضغط من قبل وسائل الاتصال الأخرى، مثل «سكايب»، و«غوغل فويس»، وتدعم الأولى سلفا صوت «إتش دي» بالنطاق العريض، ويبدو الصوت مدهشا إذا كان الاتصال جيدا. فإذا كنت تملك هاتف «4 جي» فيمكنك استخدام «سكايب» للاتصالات والحصول على تجربة جيدة من الاتصال الهاتفي العادي. و«مايكروسوفت» التي تملك «سكايب» قد قامت بدمجه مع لوحة مفاتيح هاتفية في «ويندوز 8.1»، مما يمكن أي هاتف «ويندوز» تجاوز خدمة شركة الهاتف تماما.

والاتصال الهاتفي عن طريق «سكايب» يستخدم برنامج البيانات في الهاتف، بدلا من الدقائق أثناء المكالمات، وشركات الهاتف لا ترغب في ذلك، بل ترغب في التحكم بالصوت والبيانات عن طريق شبكاتها، مما يعني أنها لا ترغب في تعطيل خدماتها الهاتفية.