قواعد قمرية لنقل طاقة الشمس إلى الأرض

تلتقط أشعة الشمس وتحولها إلى موجات مايكروويف توجه إلى آلاف أجهزة الاستقبال الأرضية * «ناسا» منشغلة بأبحاث البيولوجيا الفضائية والعودة إلى القمر ليست من أولوياتها

TT

إذا كانت فكرة استخدام الطاقة الشمسية المشعة عن طريق القمر تبدو ضربا من الجنون، فلابد من الأخذ بعين الاعتبار هاتين الميزتين لها : إنها مصدر غير ملوث، ومتجدد للطاقة. ويعتقد الفيزيائي والباحث المحنك في تقنيات العصر الفضائي دافيد كريسوال أن هذا النوع من الطاقة سيزود جميع البشر على الكرة الأرضية بالطاقة الكهربائية في غضون اقل من خمسين عاما. ويقول كريسوال الذي يشغل أيضا منصب مدير معهد «عمليات النظم الفضائية» في جامعة هيوستن الاميركية، «نعتبر ان اشعاع الطاقة من القمر أمرا غريبا، ولكن ارسال الطاقة المشعة يماثل استخدام مثل استخدام رادار كبير».

ويقترح كريسوال استخدام نظام طاقة شمسية قمرية Lunar Solar Power Systems LSP أو (ال اس بي) يحول القمر الى تقديم الخدمة التي يقدمها القمر الصناعي الجاهز، حيث تقوم قواعد على القمر تبنى بالدرجة الأولى من مواد توجد على سطحه، بالتقاط أشعة الشمس وتحولها إلى موجات بترددات موجات المايكروويف العالية توجه بدورها إلى عشرات الآلاف من أجهزة الاستقبال على الأرض سواء أكان الطقس ممطرا أم مشمسا.

* طاقة من القمر

* وتوقع كريسوال في دراسة نشرت اخيرا في مجلة «الفيزيائي الصناعي» أن يقوم مشروع أولي بإرسال طاقة تجارية في غضون عشر سنوات بالاستفاد من تقنيات طورت في السبعينات. وكان يفكر في تصميم نظم طاقة تعتمد على القمر منذ عشرين عاما، كما طرح احتمالات استخدام الطاقة من القمر لأول مرة في المعرض الذي نظمته وكالة الفضاء الاميركية «ناسا» عام .1984 ويؤكد كريسوال أن أشعة الطاقة الأرضية ـ القمرية ليست ضربا من الخيال العلمي مشيرا في ذلك إلى التلسكوب الراديوي في مرصد اريسيبو في بورتو ريكو الذي يقوم بإرسال صور من القمر بموجات الرادار. ويقول باحثون آخرون في هذا المجال ومن أبرزهم النائب السابق جون غلين، الذي كان أول من قام بدورة فضائية حول الأرض، «لا تتوقع أن تكون أشعة القمر متوفرة بمجرد النقر على مفتاح كهربائي في أي لحظة. فان استخدام الطاقة القمرية ليس رخيصا». ويقدر كريسوال أن تبلغ كلفة مشروع عرض توظيف الطاقة القمرية نحو ستين مليار دولار. من ناحية أخرى يقول بول لومان، وهو باحث جيوفيزيائي في وكالة ناسا، «من حيث المبدأ فان المشروع عملي تماما، لكن المشكلة تكمن في التكاليف». يشار إلى أن لومان، الذي يعد أول باحث جيولوجي يعين في «ناسا» منذ 1959، ساعد في التخطيط لبعثات «ابولو» التي ارسلت رجالا إلى القمر جلبوا معهم عينات من تربته، قضى الباحثون سنوات عديدة في إجراء أبحاث عليها. وتعود آخر رحلة إلى القمر الى ثلاثين سنة مضت. ويتطلب بناء محطة طاقة قمرية إرسال بعثة أخرى لكن لا أحد يعتزم العودة إلى القمر في أي وقت. ويضيف لومان «أما بالنسبة لناسا فان موضوع القمر قد وضع جانبا في الوقت الذي تتجه فيه كل الجهود إلى علم البيولوجيا الفضائية». أما بالنسبة لجون غلين الذي تطوع للمشاركة في بعثة المحطة الفضائية عام 1998 فهو لا يعتقد أن الأمر سيكون سهلا لتمويل هذا المشروع، اذ يقول «حاليا نواجه صعوبات في تمويل محطة الفضاء الدولية بما في ذلك مشاريع أبحاثها المهمة. إن مسألة الرجوع إلى القمر بهدف بناء محطات لتوليد الطاقة ستكون عملية باهظة جدا».

وفي المقابل، لم تثن التكاليف الباهظة والتحديات من عزم كريسوال لإرسال فنيين ومعدات إلى القمر إذ يقول «لا نعتزم ارسال معمل بحجم معامل «جنرال موتورز» إلى القمر، بل آليات بحجم تلك التي تستخدم في بناء الطرقات أي ما يقابل نحو 10 أو 20 مرة حجم عربات «لونار روفر» القمرية.

ويقوم أحد زملاء كريسوال حاليا بتصميم آلات قمرية سيتم نقلها من الأرض في المستقبل. ويؤكد أن قواعد الطاقة القمرية التي يقدر عددها ما بين 20 و40 ستبنى بالدرجة الأولى من مواد موجودة على سطح القمر مثل السليكون والألومنيوم والحديد التي يمكن استخراجها من تربة القمر لتصميم خلايا قمرية.

ويعتقد كريسوال أن تكاليف ومستوى تطور نظام الطاقة الشمسية القمرية يعتمد على ذكاء الباحثين في تطبيق قدراتهم الصناعية وليس على تكاليف نقل المعدات إلى سطح القمر.

ويقترح مارتن هوفورت وهو باحث فيزيائي في جامعة نيويورك، كان قد نشر دراسات حول طريقة التقاط الأقمار الصناعية للطاقة الشمسية، أن حاجة الأرض الملحة للطاقة خلال القرن الحالي تجعل مشروع كريسوال يستحق البحث. ويقول هوفورت ان «ما بين 30 و40 بالمائة من الشعوب على الأرض غير متصلة بمحطات توليد الطاقة، ولذا قد تكون الطاقة المشعة المرسلة من الأقمار الصناعية أو القمر، إلى الشعوب في الدول النامية وسيلة لدفع مبدأ توزيع الطاقة الى الامام».

* خدمة ناشيونال جيوغرافيك: خاص بـ«الشرق الأوسط» =