وصل الأجهزة الإلكترونية من دون أسلاك

كومبيوترات نقالة وسماعات وكاميرات الفيديو وآلات طباعة تتواصل بتقنيات «بلوتوث» وبمستوى عال من الأمان

TT

قمت هذا الأسبوع بثلاثة أعمال بطولية متقدمة تقنيا وخارقة في نفس الوقت، بحيث ستجد صعوبة في تصديق هذه القصة. أولا ـ استجمع قواك ـ قمت بإرسال ملف من كومبيوتر إلى آلة طباعة. ثانيا، نسخت ملفا من كومبيوتر إلى آخر. وأخيرا قمت بعملية تزامن بين جهاز كومبيوتر محمول كفا وبين كومبيوتر كبير نقال. وجرى كل هذا في عالم الاتصالات اللاسلكية. في الوقت الذي كنت تقرأ فيه عن انفعالاتي لدى القيام بهذه الأعمال العادية جدا، ربما كنت تشك في إني استنشقت الكثير من روائح الكومبيوتر الجديد، لكن تمهل، فأنا لم اذكر حتى الآن التفاصيل الصغيرة التي جعلت هذه العمليات رائعة: لم تكن الأجهزة التي ذكرتها متصلة ببعضها بشكل متجسد فعلا، فلم يكن الكومبيوتر متصل بآلة الطباعة ولم يكن الكومبيوترين الآخرين مثقلين بالأسلاك المعدنية، وبالاضافة الى ذلك كان الجهاز المحمول كفا يبعد حوالي 25 قدما (7.5 متر) عن الكومبيوتر المحمول.

* «السن الزرقاء»

* كانت كل هذه الأجهزة مجهزة بمرسلات صغيرة جدا مصممة لعمليات الاتصال اللاسلكية بين الأجهزة الإلكترونية على بعد مسافات تقدر بثلاثين قدم (تسعة أمتار). وتعد هذه الأجهزة أول موجة مما يسمى بمنتجات «بلوتوث» Bluetooth التي أطلقت على اسم ملك دنماركي عاش في القرن العاشر، لا بد انه كان يكره اكتظاظ الأسلاك.

تعد تقنية بلوتوث فكرة ملهمة، فهي تمثل نظرية عظيمة تهدف إلى استخدام «سلك» عام وغير مرئي لإيصال أي شيء بأي شيء. والأشعة تحت الحمراء لا تستطيع القيام بهذه المهمة لأنها تعمل لمدى قصير جدا، كما تتطلب تقابلا مباشرا بين المعدات. حتى بالنسبة لتقنية «واي فاي»WI FI التي تعتبر شبكة اتصال لاسلكية معروفة ليست مناسبة لمهمة التخلص من الأسلاك، لأنها تكلف كثيرا فضلا عن أنها تستهلك طاقة كبيرة لتشغيل الأجهزة المحمولة كفا مثل الكومبيوترات والهواتف الجوالة.

وزرعت بلوتوث الامل لدى الكثير من خبراء التكنولوجيا، عندما تعهد ممثلو صناعة الإلكترونيات بمستقبل يتم فيه الاستغناء عن الأسلاك المجمعة وراء الكومبيوترات داخل المكاتب. بيد أن منتجات بلوتوث استغرقت وقتا طويلا قبل أن تظهر في الأسواق بالإضافة إلى أن النماذج الأولى كانت لا تتوافق مع الاجهزة، مما جعل الهدف منها بدون معنى. وباختصار أطلقت إشاعات مبالغ فيها قبل ولادة هذه الأجهزة. كما فقد الملايين من المولعين بالأجهزة التقنية أي أمل في امكانات نجاحها. لكن هذه النسخة التي جربتها، مسألة أخرى.

تشمل الأجهزة التي يمكن أن تضاف إليها حاليا وحدات بلوتوث، إذا كانت لم تكن مركبة فيها من الأول، الأجهزة المحمولة كفا، والهواتف النقالة وكومبيوترات ويندوز وماكنتوش المحمولة والكومبيوترات العادية والسماعات وآلات الطباعة وحتى كاميرات الفيديو.

لا يمكن القول ان كل نوع من أجهزة بلوتوث يستطيع أن يتوافق مع أي جهاز آخر، ففي الوقت الذي توصل فيه بعض خطوط الاتصال الأجهزة مباشرة، مثل استخدام هاتف وسماعة من طراز بلوتوث من دون أي أسلاك، يكون تواصل بعض الأجهزة الأخرى غير ذي جدوى، فما الذي يمكن أن تقوله سماعة لآلة طباعة؟

وعلى سبيل المثال، عندما تجهز كومبيوترك الشخصي بمحول بلوتوث (على شكل قابس من نوع الناقل التسلسلي العام أو بطاقة تدخل في جهاز الكومبيوتر)، عندها سيقوم بخمس ألعاب بهلوانية مثيرة: يقوم بتزامن جهازك الذي يوضع في الجيب، وتحويل ملفات بين كومبيوترات بلوتوث، واستخدام الإنترنت عن طريق قاعدة لاسلكية، والاتصال بالإنترنت عن طريق هاتف نقال من نوع بلوتوث وفي (نظام ويندوز) طبع ملفات باستخدام طباعة بلوتوث.

ربما تظهر هذه العمليات على الورق كما لو كانت حيلا لاسلكية، لكن على الصعيد العملي يمكن أن تغير حياة الإنسان أو على الأقل تغير نظامه الروتيني اليومي. وعلى سبيل المثال، لن تكون مجبرا على أخذ حمالة الجهاز المحمول كفا أو الكومبيوتر النقال عند السفر. إلى ذلك، عندما تعود إلى المنزل، تخرج الجهاز المحمول كفا من جيبك، وتضغط على زر تزامن لتترك الجهاز يشتغل وحده بينما تكون بصدد الاطلاع على بريدك الإلكتروني. ان فكرة الهاتف الجوال الذي يشتغل بتقنية بلوتوث عظيمة أيضا. ذات مرة، رقيت نظام عمل هاتفي الجوال ليشمل الدخول على شبكة الإنترنت، وقد استطاع كومبيوتري المحمول العادي وجهازي المحمول كفا الدخول على الإنترنت باستخدام هاتف جوال صغير الحجم من طراز «اريكسون تي 68» لم يتحرك من مكانه في جيبي. غير أن تقنية بلوتوث تجابه بعض المشاكل من أبرزها السعر، حيث يتراوح سعر الجهاز الواصل ما بين 130 و200 دولار، فيما تتمثل المشكلة الثانية بأنه ما يزال يبدو كإضافة ملحقة مما يضعف مبدأ التسهيل الذي نبعت منه هذه التكنولوجيا. لحسن الحظ، من المتوقع أن تساعد عوامل كثيرة تقنية بلوتوث في حل هذه المشاكل. أولا، يعمل حاليا عدد هائل من الشركات، على الأقل 1500 منها، على تطوير منتجات بلوتوث. ثانيا، أن بلوتوث تقنية ذكية للغاية وقادرة على تجاوز الموجات إذا تعرضت إلى أي تداخل لموجات من قبل أجهزة واي فاي أو الهواتف من دون اسلاك التي تعمل على ترددات 2.4 غيغاهرتز، التي تستخدم نفس نطاق موجات الراديو. ثالثا، توفر تقنية بلوتوث مستوى عاليا من الأمان من دون اللجوء إلى إجراءات رسمية معقدة. فان كنت تريد أن يتصل هاتفك الجوال مع سماعتك وكومبيوترك المحمول فقط على سبيل المثال، يمكنك اجراء ذلك مسبقا لمنع اي شخص آخر يجلس بجانبك في غرفة الاستراحة في المطار من الدخول الى الإنترنت عن طريق هاتفك الجوال دون علمك.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط» =