شبكة الإنترنت تتحول إلى عامل هدر جديد للطاقة

تستهلك 1.3% من إجمالي طاقة ألمانيا و8% من إجمالي طاقة الولايات المتحدة

TT

يبدو ان غزو الانترنت للعالم لا يجري على مستوى الاتصالات والمعلوماتية فحسب بل انها صارت تهدد بالتحول الى أحد أكبر عوامل هدر الطاقة على الأرض. حتى ان دعاة البيئة صاروا منذ فترة يطلقون على الشبكة اسم WildWildWeb (الشبكة الوحشية الوحشية) بدلا من اسمها المعروف من worldwildweb (الشبكة العالمية) تعبيرا عن خطرها على البيئة ومصادر الطاقة في العالم.

وقدرت دراسة جديدة نشرها معهد فوبرتال الالماني للبيئة والطقس والطاقة ما أهدره الالمان من طاقة عام 2001 في شبكة الانترنت بحوالي 6.8 مليار كيلوواط ساعة، وهو ما يشكل 1.03% من إجمالي الطاقة المنتجة في المانيا خلال سنة. وقدر علماء البيئة في فوبرتال ان يتضاعف حجم الطاقة التي تفترسها شبكة الانترنت عام 2010 في المانيا أربع مرات وهو رقم يهدد بتحول الشبكة، عدا عن مشكلة الأسلاك والشاشات والأجهزة الالكترونية، الى مشكلة بيئية عويصة.

استهلاك الطاقة وأشار الباحث شتيفان توماس، رئيس قسم الطاقة في معهد فوبرتال، الى ان الولايات المتحدة «تتفوق» كالمعتاد على البلدان الصناعية الاخرى في مجال هدر الطاقة في شبكة الانترنت. وكانت مجلة «فوربس» الاميركية أول من انتبه الى هذه النقطة عام 1999 حينما نشرت دراسة علمية حذرت من ان شبكة الانترنت تلتهم 8% من مجموع الطاقة المنتجة في الولايات المتحدة. بل ان العلماء الاميركان من شركة آرثر د. ليتل الذائعة الصيت حسبوا ايضا ما يستهلكه البريد الالكتروني من طاقة حينما قاسوا استهلاك نصف كيلوغرام من الفحم لإرسال 2 ميجابايت من المعلومات.

وحسب معطيات الباحث توماس فان خبراء معهد فوبرتال استخدموا تقديرات علمية متقدمة بهدف التوصل الى رقم واقعي يقارب الحقيقة عن استهلاك الطاقة من قبل الانترنت عام .2010 اذ حسبوا بعد 8 سنوات سيادة سوق شاشات البلورات السائلة LCD المعروفة باستهلاكها القليل للطاقة. كما حسبوا، في ضوء المعطيات المتوفرة حول سوق الكومبيوتر، تحول 50% من الالمان الى استخدام كومبيوترات النوت بووك (دفتر الملاحظات) بدلا من الأجهزة الحالية الضخمة.

ومع ازدياد الوعي البيئي سيشغل 50% من الالمان بعد 8 سنوات كومبيوتراتهم وشاشاتهم حسب نظام الانطفاء التلقائي بعد 15 دقيقة من عدم الاستعمال وهذا عامل خفض في الاستهلاك ايضا. لكن العلماء قدروا ايضا سلبيات تطور استخدام الانترنت فحسبوا ان كل الالمان عام 2010 سيستخدمون التعريفة العامة التي توفر لهم امكانية دخول الانترنت بشكل مفتوح وفق مبلغ ثابت.

وعلى أساس هذه العوامل، اضافة الى عوامل اخرى تتعلق بعدد مستخدمي الانترنت المتوقع بعد 8 أعوام وتطور الأجهزة... الخ. قدر معهد فوبرتال استهلاك الطاقة من قبل الانترنت في عام 2010 بحوالي 25.7 مليار كيلوواط ساعة. وهذا يشكل 5% من إجمالي الطاقة المنتجة في المانيا في نفس العام المذكور.

وسجل الخبراء نسبة 50% من الطاقة المهدورة في الانترنت على حساب أجهزة الكومبيوتر والشاشات و50% على الشبكة وملحقاتها. كما اعتمد الخبراء في تقديراتهم للطاقة المهدورة من قبل الاستخدام «المتنقل» للشبكة على أساس تقديرات معهد فراونهوفر الالماني الشهير للبيئة والطاقة. وكان معهد فراونهوفر قدر الطاقة المستهلكة في الانترنت من قبل حملة 17 مليون هاتف جوال في عام 2001 بحوالي 1.6 مليار كيلوواط ساعة. وسيرتفع هذا الرقم، بحكم ارتفاع عدد مستخدمي الهواتف الجوالة الى 70 مليونا عام 2010، الى 5 مليارات كيلوواط ساعة. وهذه طاقة مستهلكة اضافية ترفع حجم الطاقة المهدورة في الانترنت عام 2010 الى اكثر من 30 مليار كيلوواط ساعة.

ان تطور الأجهزة المنزلية وارتباط تشغيل الكثير منها عن بعد بواسطة الانترنت والهواتف الجوالة، وارتفاع أعدادها عام 2010 سيضيف طاقة مهدورة اخرى تبلغ حسب تقديرات توماس 3.3 مليار كيلوواط ساعة.

وطبيعي لم يكتف معهد فوبرتال بالتحذير من القدرات الاستهلاكية للانترنت بل وضع البدائل الكفيلة بتقليل استهلاك الطاقة عبرها. إذ يمكن للمجتمع الواعي بيئيا ان يقلص استهلاك الطاقة في الانترنت عن طريق توعية المستهلك وعن طريق تحسين صناعة وانتاج الكومبيوترات والشاشات وملحقات الشبكة عموما.

ويمكن ان يقلص التزام مستخدمي الشبكة بتقنية الانطفاء الذاتي بعد 15 دقيقة توقعات هدر الطاقة من قبل الكومبيوترات والشاشات من 13.5 مليار كيلوواط ساعة الى 8.8 مليار. كما يمكن لصناعة الالكترونيات عبر التحسين المستمر للأجهزة ان تسهم في خفض نسبة ارتفاع الاستهلاك عام 2010 من 350% الى نسبة 2% فقط وهذا لأن خبراء المعهد يقدرون امكانية تصنيع جيل جديد من الكومبيوترات والشاشات يقلل استهلاك الطاقة بنسبة تتراوح بين 50 ـ 100%. ويقول شتيفان توماس: «سبق لشركة IBM ان قدرت ان استخدام مليار انسان للشبكة مرة واحدة (سويا) في العالم يعني استهلاك طاقة تعادل أجمالي الطاقة المنتجة في الولايات المتحدة».

=