مواد كيميائية سامة في النشويات المقلية تحير العلماء

التركيز العالي لمادة سامة تسبب السرطان في البطاطا المقلية والمقرمشات يثير ذعر المستهلكين

TT

صرحت منظمتان صحيتان دوليتان أخيرا ان زمنا طويلا ينبغي مروره، قبل حل لغز ظهور مادة مسرطنة (اي مسببة للسرطان) محتملة في أطعمة مثل البطاطا المقلية والخبز ورقائق البطاطا (المقرمشات)، ومدى الاخطار المترتبة عليها.

وعقدت المنظمتان وهما منظمة الصحة العالمية ومنظمة الامم المتحدة للغذاء والزراعة اجتماعا طارئا يضم علماء من شتى أنحاء العالم، استجابة لدراسات منفصلة قامت بها وكالات الأغذية القومية في كل من السويد وبريطانيا والنرويج. واستنتجت كل الدراسات أن معدلات مرتفعة من مادة الأكريلاميد، وهي مسرطن معروف، تظهر في الفئران في كربوهيدرات معينة بعد القلي، أو الخبز في حرارة مرتفعة. ولكن كلا المنظمتين لا تعرفان لماذا يحدث هذا.

* سلامة الطعام

* وأثارت النتائج جدالا واسع النطاق حول سلامة الطعام داخل وخارج اميركا موفرة لمجموعات المستهلكين الذخيرة للمناداة بعملية صيانة لعادات الأكل، مسببة قلقا لمنتجي الطعام الذين تود صناعاتهم بقاء الأمور على حالها.

ومع نهاية الاجتماع الذي دام ثلاثة أيام، لم تقم كلتا المنظمتين بتأكيد أو دحض صدقية هذه الدراسات، مصرحة أن عدد العينات التي فحصت والتي تعد ببضع مئات ليس كافيا ليضفي أية تأكيد على المسألة. وظلت بعض الأسئلة الأساسية مثل كيف ينتج الأكريلاميد وهو مادة كيمائية صناعية خلال عملية الطهي، ظلت لغزا. ويقول الدكتور دايتر أرنولد الذي ترأس الاجتماع، انه بعد مراجعة كل البيانات المتوفرة استنتجنا أن الدراسة تمثل مشكلة خطيرة. ولكن المعرفة المحدودة لا تمكننا من الإجابة على كل الأسئلة التي طرحها المستهلكون والمنظمون وغيرهم من الأطراف المعنية.

ومن المسائل العاجلة التي طرحت في الاجتماع، مسألة إن كان يجب على المستهلكين أن يعدلوا من اعتمادهم على الأطعمة النشوية وخاصة رقائق البطاطا التي احتوت على أعلى تركيز للأكريلاميد في الدراسة.

وكان الامل يراود الخبراء للإجابة على هذا السؤال، الا ان عدم توفر أية أدلة أخرى، قادتهم الى تكرار توصيات الحكومة ومنظمات الصحة حول العالم: اتباع نظام غذائي متزن يحتوي على الكثير من الفاكهة والخضروات. ومنذ إصدار نتائج الدراسة السويدية في شهر أبريل (نيسان)، حام شبح توصيات أكثر صرامة قد تبعد المستهلكين عن الأطعمة النشوية التي تنتجها صناعة الطعام.

وتعتبر البطاطا مثلا أكبر محصول خضروات في أميركا، وقد عاد على المزارعين بعائد يقدر بحوالي 2.7 مليار دولار في عام 2000 مقارنة مع 1.8 مليار لمحصولي الخس والطماطم. ويقدر أن أكثر من نصف المحصول يقلى.

ووفقا لشركة "ساولمون سنيث بارني « تستهلك شركة «ماكدونالدز» حوالي 3.2 مليار رطل (1.45 مليون طن تقريبا) من البطاطا سنويا أي حوالي 7 بالمائة من محصول الدولة، والذي يقلى معظمه. وعندما تدخل بقية سلسات محلات الأطعمة السريعة فان الشعب الأميركي يستهلك حوالي 600 مليون وجبة من البطاطا المقلية كل شهر.

وبالنسبة لرقائق البطاطا فقد بيع منها حوالي 2.7 مليار دولار في المتاجر خلال السنة السابقة. وبين استبيان قامت به دائرة الزراعة أن المستهلك الأميركي يأكل بمعدل 33 باوند من البطاطا سنويا بالرغم من أن صناعة الطعام تقول أن الكمية أقرب إلى 6.5 باوند سنويا.

* مادة سامة

* وحتى لو تبين أن الأكريلاميد والذي يستخدم في إزالة المواد الصلبة من الماء، موجود في الأطعمة النشوية، فان خطر السرطان ليس أكيدا. وبينما تسبب كميات كبيرة من هذه المادة ضررا في الأعصاب، فان وكالة حماية البيئة تعتبر مادة الأكريلاميد على أنها مسرطن بشري محتمل وذلك لأن الفئران هي الوحيدة التي أصيبت بالأورام جراء تعرضها لهذه المادة.

وتحتوي النباتات الكثيرة التي يتناولها المستهلكون على آلاف من مخلفات المبيدات الحشرية التي. وتمت تجربة حوالي 71 بالمائة منها، وتبين أن 37 بالمائة منها تسبب السرطان في القوارض.

ولكن بالرغم من وجود الكيمائيات بكثرة في الطعام، فان كمية الأكريلاميد التي قد يتناولها المستهلكون هي التي أذهلت المنظمتين. ولا تعتبر المادة بذاتها أكثر خطورة من الهيدروكربونات المسرطنة التي تنتج عن شوي أو قلي اللحم، ولكن المنظمة صرحت انه نظرا لكون الأطعمة النشوية تمثل جزءا كبيرا في معظم الأنظمة الغذائية، فمن المحتمل أن تكون كمية الأكريلاميد أكبر.

وفي الدراسة السويدية استنتج العلماء أن معدل كمية الأكريلاميد اليومية التي تحتويها البطاطا المقلية والبسكويت والخبز والحبوب وغيرها من الأطعمة قد تصل الى حوالي 40 ميكروغراما، أي 80 مرة اكثر من المقدار التي تسمح به وكالة حماية البيئة في لتر من الماء.

ومصادر الأكريلاميد الأخرى مثل المكياج وماء الشرب وربما من جسد الإنسان، قد تزيد هذا المقدار إلى حوالي 70 ميكروغراما. وصرحت منظمة الصحة العالمية ومنظمة الغذاء والزراعة أن هذا المعدل أدنى بشكل كبير من مما قد يسبب السرطان في الحيوانات المختبرية.

* خدمة نيويورك تايمز ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»