الأمم المتحدة: لبنان بين 5 دول نجحت في المحافظة على التنوع البيولوجي

TT

نشرت مجلة «تشويسز» (CHOICES) الفصلية التي يصدرها برنامج الامم المتحدة الانمائي (UNDP) في نيويورك، تحقيقاً حول نجاح مشروع محميات ارز الشوف وجزر النخيل وحرج اهدن ووضعت لبنان بين خمسة بلدان، اظهرت المبادرات القومية التي يدعمها البرنامج، انها نجحت في المحافظة على التنوع البيولوجي، وذلك من خلال الشهادات الحية التي قدمتها المنظمات الدولية غير الحكومية والمجموعات المحلية.

والمعروف ان لبنان رغم كونه بلداً غنياً بالتنوع البيولوجي، فإن جباله ووديانه وسهوله ومساحاته الساحلية، عانت كثيراً من الاهمال خلال العقود الحديثة، اذ ساهمت الحرب الاهلية التي دامت 16 عاماً (1975 ـ 1990)، وفترات اخرى من عدم الاستقرار، في جعل البيئة امراً ثانوياً، مما ادى الى تراجع كبير في النظام الايكولوجي الثمين على الارض فيما نتجت عن ذلك خسائر اقتصادية للعديدة من الاشخاص.

وقد انتجت هذه الضغوط جهوداً كبيرة عكست الاتجاهات غير الملائمة، غير انها ساهمت في بعض الاحيان في خلق جوّ من المقاومة عند المتضررين. لكن البيئة شهدت ايضاً تحولات كبيرة في طرابلس (شمال لبنان)، على الشاطىء اللبناني المطل على البحر الابيض المتوسط، ففي العام 1992 اعلنت الحكومة اللبنانية ان جزر النخيل (ويصل اليها في قارب صغير من طرابلس) محمية ايكولوجية، لا يُسمح حتى بالنزهات على شواطئها الرملية.

واعلن مدير جزر النخيل غسان جرادي ان مهمة الحصول على الموافقة المحلية كانت صعبة جداً. واضاف: شعر السكان بمرارة كبيرة لعدم تمكنهم من الذهاب اليها. الا ان ضرورة منع الزيارات لبعض الوقت كانت مسألة اساسية. فخلال الحرب الاهلية استولت الميليشيات على هذه الجزر. وفي عام 1984 نشبت حرائق فيها. وعند انتهاء الحرب، عثر فيها على اكثر من 6000 قنبلة مدفعية غير منفجرة، وكان معظمها مدفوناً تحت التراب. ولم تعلن الجزر آمنة الا بعد جهود قام بها الجيش اللبناني عام 2001 لرفع هذه المعدات الحربية.

وفي غضون ذلك وبعد التأكد من السلام، عادت اليها الطيور المهاجرة وانواع اخرى كانت قد اختفت خلال سنوات الحرب. وقد شوهد 157 نوعاً على الاقل (بينها 42 نوعاً مهاجراً) خلال هذه السنة. وسُمح للسياح مرة اخرى بأن يزوروا هذه الجزر خلال اشهر الصيف، رغم بقاء الشواطئ التي تشكل ارضاً لتناسل السلاحف البحرية والخضراء النادرة والمهدّدة بالانقراض وللعجول البحرية القليلة، بعيدة عن متناول الانسان. وكان من المهم الاستعانة بالسكان المحليين الموجودين على البرّ الرئيسي اللبناني ليكونوا حراساً لهذه المحاولات والمدافعين عنها.

وفي وسط جبل لبنان، تحولت سلسلة جبال تظهر فيها المجتمعات انها يقظة في ما يتعلق بحماية الثروات الطبيعية القريبة من قراها الى محمية طبيعية، تعلو عن سطح البحر بين 1200 و2000 متر، وتمتد المنحدرات المغطاة بغابات الارز حيث تتجول الذئاب والخنازير البرية. ومن المعروف عالمياً ان هذه الغابات تغطي 5 في المائة من الاراضي اللبنانية، الا ان لدى منظمة محلية غير حكومية، هي شركة ارز الشوف، استراتيجية تحث فيها الناس، عبر جعل الغابة مصدر رزق يعتاشون منه. وكانت قد اعلنت هذه الغابة محمية عام 1996 .

واقتضت استراتيجية الشركة خلال السنوات الاولى حماية الغابة من دون التركيز على السياحة البيئية. غير ان الشركة اطلقت عام 1999 مشروع التنمية القروية الذي يهدف الى انتاج المداخيل من محمية الشوف. كما عرفت غابة اخرى، وهي حرج اهدن في شمال لبنان مقاومة السكان المحليين الذين اعتادوا الصيد فيها، وحصد محاصيلها، وترك المواشي ترعى فيها الى ان اعلنت محمية عام 1992. ولكن دهشة اصدقاء محمية حرج اهدن والمنظمة المحلية غير الحكومية اتت كبيرة، عندما فرض الاعضاء طوقاً على مساحة 11 كيلومتراً لحماية هذه الغابة. وتضم هذه المحمية ضمن حدودها 1058 نوعاً من النبات يعتبر خمسها نادراً، كما ينبت فيها 78 نوعاً من الاعشاب الطبية.

كما تثمر محمية حرج اهدن بطريقة سخية. وهي الغابة الاخيرة التي تحوي شجر التفاح البري في لبنان، وهي ملجأ لجينات الانواع الاخرى حيث يتطلع علماء البيئة الى المشاريع المستقبلية لاعادة التحريج.