برامج مراقبة كومبيوترية لرصد تفشي الأمراض تساعد على الكشف بسرعة عن حالات التعرض لهجمات بيولوجية

TT

دأب مسؤولو الصحة العامة في الولايات المتحدة الاميركية منذ سنوات على استخدام شبكات الكومبيوتر لمتابعة أعراض تفشي الأمراض. وعادة ما تقوم هذه الشبكات، التي تحصل على تقارير المرضى من الأطباء أو من موظفين صحيين آخرين، بتكوين قاعدة بيانات بهذه التقارير للبحث عن أنماط الأمراض أو أعراضها. غير أن عملية إعداد التقارير وتجميعها يمكن أن تستمر يوما أو أكثر مما يؤخر اكتشاف تفشي أي مرض ما. وحتى قبل أحداث الجمرة الخبيثة التي وقعت في الولايات المتحدة في نهاية العام الماضي، أدرك باحثون من قطاع الصحة العامة الحاجة الملحة لتطوير نظام كشف ومراقبة الأمراض, خاصة ان تفشي مرض ما يمكن أن يجر وراءه محاولات متعمدة وواسعة النطاق لإلحاق الضرر بالأفراد مقارنة بتفشي المرض العادي. كما تقوم بعض الجامعات والمستشفيات حاليا بتطوير أنظمة لتجميع بيانات الأمراض وتحليلها مباشرة, بمجرد دخول المريض إلى غرفة الطوارئ على سبيل المثال.

* برنامج مراقبة

* وفي هذا الإطار، يعكف مركز معلومات الطب الحيوي في جامعة بيتسبورغ على تطوير برنامج يحمل اسم مراقبة الأمراض وتفشيها بشكل فوري باسم رودس RODS. ومنذ أكتوبر ( تشرين الأول) الماضي والبرنامج، الذي تموله بالأساس مكتب الطب الوطنية في بيتسبورغ، يتلقى بيانات عن المرضى من 15 قسم طورائ في مستشفيات بنسيلفانيا الغربية, وذلك بالاعتماد على كومبيوتر خاص بمجرد دخولهم تلك الأقسام.

وتحتوي تلك البيانات على الشكوى الأولى التي يقدمها المريض إلى إدارة المستشفى مثل الشكوى من مشاكل في التنفس أو الطفح الجلدي أو الإسهال. كما يدون البرنامج عمر المريض وتاريخ ووقت زيارته, وجنسه فضلا عن الرمز البريدي. وتبقى هذه المعلومات منفصلة عن اسم المريض وعنوانه ورقم الضمان الاجتماعي لحماية هويته الشخصية.

بعد ذلك، يشرع البرنامج في المقارنة بين التقارير الجديدة وتلك الموجودة داخل قاعدة البيانات بهدف البحث عن أوجه تشابه بينها. إلى ذلك يقوم مشروع رودس باستخدام برنامج يحتوي على معلومات جغرافية للكشف عن أي نماذج جغرافية تقف وراء معلومات المراقبة.

ويقول الدكتور مايكل واغنر، وهو أستاذ مساعد في جامعة يبتسبورغ ومدير مختبر رودس ومعهد سلامة الطب الحيوي في المدينة نفسها «إن هدفنا هو التوصل إلى تحليل هذه النماذج والتساؤل عما إذا كان هناك أمر غير عادي يختلف عن العادي». وبما أن البرنامج يركز على أعراض المرضى الذين يحتاجون ن إلى العناية الطارئة، يصبح بالإمكان الكشف عن تفشى الأمراض في وقت أقصر. ويضيف واغنر «أن الكثير من المستشفيات تستقبل بينات المرضى على شكل دفعات في منتصف الليل مما يعنى احتمال تأخير عملية اكتشاف المرض بنحو 24 ساعة».

* رصد سريع

* ويشير الباحث الى «إن الفكرة الأساسية وراء هذا البرنامج تقوم على انه إذا استقبل المستشفى 10 مرضى يعانون من الإسهال في ساعة متأخرة من الليل، فانه يمكن الكشف عن تفشي المرض على الساعة الثالثة صباحا وليس منتصف الليل من اليوم التالي. وإذا كان هؤلاء المرضى أول من يقع ضحية حادث إرهاب بيولوجي، فان تلك الساعات القليلة ستكون مهمة لضمان مساعدة وشفاء المريض الذي يحتاج الى موارد طبية هائلة».

وخلال الألعاب الأولمبية الشتوية التي جرت في مدينة ليك سيتي في فبراير (شباط) الماضي، تم إيصال برنامج رودس إلى نحو ثلاثين مستشفى ومصحة خاصة. وبالرغم من عدم وقوع أي حوادث لها علاقة بالإرهاب البيولوجي، إلا أن البرنامج نجح في التقاط تفشي مرض الأنفلونزا بالاعتماد على عدد المرضى الذين زاروا تلك العيادات وكانوا يعانون من مشاكل في التنفس. وفي الواقع، كلما تطور برنامج رودس اصبح من السهل ربطه بموارد أخرى للبيانات. ويقول واغنر «يقوم البرنامج حاليا بجمع سيل من المعلومات بصفة روتينية. كما تحتوي الأدوية التي تباع في الصيدليات على معلومات لها علاقة بتفشي الأمراض. ويقوم هدفنا على تكوين بنية تحتية من البيانات المجمعة إضافة إلى البينات الموجودة عندنا, وتلك المجمعة من مراكز العناية الصحية وعدد من القطاعات الأخرى». من ناحية أخرى طور الباحثون برنامج مراقبة آخر تحت اسم مشروع مستشفى الأطفال في بوسطن الذي يقوم بمراقبة بياناته الخاصة إضافة إلى بيانات مستشفى آخر في مدينة بوسطن وهو المركز الطبي بيت اسرائيل ديكونيس. ويركز الأطباء جهودهم بصفة خاصة على اكتشاف ما إذا كانت التغييرات في تصرفات المريض قادرة على إعطاء إشارة لتفشي مرض ما. ويقول كينيث مانديل، وهو طبيب أطفال في مستشفى بوسطن وأحد الباحثين في مشروع مراقبة أمراض الأطفال الذي تموله وزارة الصحة والخدمات الإنسانية «عندما يمرض الناس، فان تصرفاتهم تتغير مما يؤثر إلى حد ما على استخدامهم لنظام العناية الصحية». لكن برامج مراقبة تفشي الأمراض تظل تواجه عقبات كثيرة من أهمها التنسيق مع الأطباء والمستشفيات لتدوين بيانات المرضى في استمارة موحدة.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»