المحاصيل الوطنية والتقليدية تمثل كنزا كبيرا للحفاظ على الثروة الزراعية

تملك خواص غذائية صحية قادرة على مقاومة الأمراض والحرارة والحشرات وندرة الأمطار

TT

قبل اسابيع اجتمع في مستوطنة للهنود الحمر في صحراء اريزونا اعضاء قبيلة توهونو اودهام لعقد احتفال بالحبوب، وقام احد الكبار بتكريم الارض بريشة صقر ليطرد الارواح الشريرة، في حين قام المغنون والراقصون بإنشاء اغان ورقص رقصات من اعضاء القبيلة، وهي طقوس تمارس منذ قرون قديمة.

ولحبوب الفاصولياء التي تزرعها القبيلة تاريخ قديم وتأتي من منظمة الحبوب الاصلية، وهي منظمة غير ربحية نبعت من جهود لانقاذ التراث الزراعي للسكان الاصليين الذي اهمل او ترك من اجل اساليب الزراعة الحديثة.

والآن تقوم هذه المنظمة بتوزيع الحبوب مجانا للهنود الحمر ولهواة الحدائق مع الحفاظ على مكتبة وراثية لخواص المحاصيل بقيمة مقاومة الامراض والحشرات، فضلا عن تحمل الجفاف. ولهذه المكتبة استخدامات عالمية. ولا تعود قبيلة توهونو اودهام لاساليب الزراعة القديمة لأسباب حضارية فقط وانما لأسباب صحية ايضا، اذ يعاني اكثر من نصف القبيلة من مرض السكري نوع 2، اي اعلى بعشرة اضعاف من المعدل الوطني، والسبب هو الابتعاد عن طعام الصحراء التقليدي لنظام غذائي غني بالدهن والنشويات.

وكانت حبة الفاصولياء هذه هي الغذاء الاساسي لقبيلة اودهام التي اثبتت قدرتها على منع وحتى معالجة السكري نوع 2 وذلك بابطاء امتصاص السكر في الجسد. ويقول جونسون ان هذا الطعام حافظ على صحة القبيلة، وهو يشجع المستشفيات وبرامج العناية بكبار السن على ادخال الاطعمة التقليدية في انظمة الغذاء لديهم.

وفي اوائل الثمانينات اتى كل من جاري نابان، وهو اختصاصي بالنبات، وما هينا دريس من منظمة الاغاثة «الوجبات للملايين» لمستوطنة قبيلة اودهام ليوزعا حبوب خضروات حديثة لحدائق الجالية، لكن القبيلة ترددت، ولم تكن مهتمة بالمواد الحديثة، وانما كانت اكثر اهتماما بالنباتات التي تنمو في منطقتها.

وتشجع كل من نابان ودرين على دراسة الحبوب الاصلية، وفي عام 1983 انشا منظمة الحبوب الاصلية بمجموعة من 40 شكلا من الحبوب التي جمعت من شعوب هوبي، وبيما وتوهونو اودهام، وتاراهامورا، والآن تضم قاعدة بيانات الحبوب الاصلية حوالي 1200 نوع من المحاصيل التقليدية ممثلة 99 نوعا مميزا تم تجميعها من 17 قبيلة في جنوب الولايات المتحدة وشمال المكسيك.

ويتضمن بنك الحبوب المئات من اشكال الفاصولياء والذرة والقرع، بالاضافة الى 48 محصولا آخر مثل البطيخ والفلفل ودوار الشمس والاعشاب والفاصولياء، وتمثل هذه المجموعة منجما من التنوعات الحيوية، اذ تضم خواص المحاصيل القادرة على مقاومة المرض والحرارة والحشرات. وتعتبر هذه المحاصيل قوية لأنها تستطيع العيش في درجة حرارة فوق المائة لمعظم السنة حتى ولو امطرت مرة واحدة فقط، اذ يمكن لحبة الفاصولياء مثلا ان تنتج محصولا صحيا بعد هذا المطر.

ويوفر بنك الحبوب شبكة نجاة لمخزون الطعام. فالمحاصيل التي تزرع حول العالم عرضة للمرض، والحشرات، ويبدو ان محصولا معينا يتعرض للدمار كل عقد مثل الذرة في السبعينات والقمح في الثمانينات ودوار الشمس في التسعينات. وتعجل الخسارة في البحث عن انواع قديمة تضمن معادلتها الوراثية دفاعات طبيعية.

* خدمة «ناشيونال جيوجرافيك» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»