رقائق إلكترونية بحجم الجزيئات تفتح آفاق ثورة كومبيوترية

تركيز تريليونات المفاتيح الإلكترونية في منطقة صغيرة يسمح بتصميم كومبيوترات صغيرة عملاقة

TT

طور العلماء في مختبرات «هيوليت باكارد» طريقة لصناعة دوائر إلكترونية جزيئية الحجم، وأكثر كثافة من رقائق شبه الموصلات الحديثة. ويعطي هذا الاكتشاف أملا بتركيب مليارات أو حتى تريليونات من المفاتيح الصغيرة بحجم جزيئة في منطقة أصغر من اظفر الاصبع، وبتكلفة أقل من رقائق كومبيوتر اليوم. ويمكن لهذا التقدم أن يؤدي إلى إنتاج كومبيوترات قوية جدا وأرخص وقادرة على تخزين مكتبات كاملة من الموسيقى والأفلام للمستهلكين أو لتنفيذ عمليات حسابية لمسائل علمية لا يمكن حلها اليوم.

ويقول العلماء إنهم ذهلوا من اكتشافهم للسلوك غير المفهوم للمفاتيح الدقيقة، اذ انها تبين تغيرات في مقاومتها الكهربائية تصل الى 10 آلاف مرة. ويفيد هذا التغير الكبير لتحديد متى يكون المفتاح عاملا او غير عامل، ولكن لا يمكن تفسيره وفقا للفيزياء النظرية الحالية.

* مفاتيح جزيئية

* ومع أن العلماء صرحوا أن الاستخدام التجاري لهذا الأسلوب الجديد قد يتم في غضون خمس سنوات، فان المجال المعروف باسم الإلكترونيات الجزيئية يجذب الانتباه في مجمع وادي السيليكون للالكترونيات على أنه الطريقة الأكثر وعدا للتغلب على حدود السعة والحجم، والتي يتخوف المهندسون أن يواجهها ميدان تصنيع شبه الموصلات قبل نهاية العقد.

ووصف الدكتور ستانلي ويليامز، وهو عالم فيزيائي ومدير بحث الفيزياء الكمية في مختبرات «هيوليت باكارد»، التقدم في هذه الابحاث في ندوة في الذكرى المائة والخامسة والسبعين لمعهد التكنولوجيا الملكي في السويد. وعلق الدكتور جيمس إيللينبوجين، وهو فيزيائي متخصص في هذا المجال في «مايتر كوربوريشن»، أن هذا البحث هو خطوة رئيسية.

ويقول علماء «هيوليت باكارد» انهم كانوا يصنعون دوائر عاملة منذ سنة ولكنهم اختاروا أن يصرحوا بذلك الآن لأنهم حصلوا على براءة الاختراع في المجال الشهر الماضي. ومنحت البراءة لعمل قام به يونغ تشين وهو عالم كبير في هيوليت باكارد ابتكر أسلوب الصناعة الجديد هذا. وصرح علماء وتنفيذيين بالمجال أن هذه التكنولوجيا تقدمت بشكل سريع خلال السنتين الماضيتين. وفي بداية هذه السنة صرحت شركة «آي.بي.إم» انه سيكون ممكنا أن تستخدم، خلال هذا العقد وعلى النطاق التجاري، تكنولوجيا قرص تخزين تسمى «ميليبيد» قادرة على تخزين تريليونات من وحدات «بت» من المعلومات في بوصة مربعة.

وبالإضافة لمجموعات الابحاث التجارية والجامعية، يوجد الآن العديد من الشركات الجديدة والممولة بأموال خاصة تدفع تطوير تكنولوجيات الكومبيوتر الجزيئية الحجم، والتي يقال إنها أكثف وأسرع وأرخص من رقائق الكومبيوتر القوية.

وربما أن أكثر جزء في الإعلان الجديد دهشة هو نجاح علماء «هيوليت باكارد» المبكر في تطوير أسلوب صناعة يعتبر بسيطا جدا. وصنع العلماء نموذجا عاملا من ذاكرة 64 بت باستخدام أسلوب الدمغ الجزيئي. ويتم أولا سكب مصفوفة من البلاتين في قالب صنع باستخدام عملية دمغ شعاع الإلكترونات ومن ثم يتم وضع طبقة من الجزيئات التي يمكن تغيير شحنتها إلكترونيا على سطح الأسلاك، ثم يتم سكب شبكة أخرى من الأسلاك عموديا لأول شبكة.

* أسلوب جديد

* ولا يتعدى حجم نقطة تقاطع الأسلاك الميكرون المربع، ولا يوجد أكثر من عشرة آلاف جزيء بين كل سلك وآخر. ويمكن الاتصال مع كل سلك بحد ذاته باستخدام أساليب مصممة مسبقا، كما يمكن قراءة وكتابة أرقام رقمية في كل نقطة تقاطع بتغير خواص الجزيئات إلكترونيا.

والهدف النهائي هو تصغير الأسلاك واستخدام أعدادا قليلة من الجزئيات المتغيرة. ويقول الدكتور ويليامز إن العلماء يعتقدون أن الحدود الجذرية لهذه التكنولوجيا هي الأسلاك التي يقدر سمكها بميكرونين (أي سمك ذرة واحدة) وتبعد 10 ميكرونات عن بعضها. ويمكن أن يكون لجهاز مثل هذا سعة تخزين تقدر بتريليون بت من المعلومات لكل سنتيمتر مربع. وذاكرات شبه الموصلات الحالية تستطيع تخزين حوالي نصف مليار بت من المعلومات في كل سنتيمتر مربع.

ويقول العلماء انهم يحاولون أن يلبوا متطلبات التحدي الذي وضعته وكالة مشاريع الدفاع المتقدمة، التي تنبثق من البنتاغون وتمول عدة مشاريع تهدف لبناء ذاكرة 16000 بت بحلول عام 2004.

ويقول علماء «هيوليت باكارد» انهم يعتقدون انهم قادرون على تعديل طريقة الصناعة لتلبية هذا التحدي. ويقول الدكتور ويليامز انه لتلبية تحدي الوكالة يجب عليهم أن يحسنوا من نقاوة الأسلاك بعامل اثنين ومضاعفة عدد الأسلاك كل سنة. ويضيف أن المختبر كان يعمل مع خبراء شعاع إلكترونات في مختبرات لورنس بيركلي لتحسين قدرات شعاع الإلكترونات التي تستخدم في صنع قوالب الأسلاك والتي تستخدم في صناعة الدوائر.

ومن الرواد في صناعة قوالب جزيئية الحجم في صناعة أسلاك دقيقة، هناك مجموعة برنستون ويرأسها ستيفن تشو مدير مختبرات برنستون للتراكيب الدقيقة. وفي عدد يونيو (حزيران) من مجلة «نيتشر» لخص العلماء الطريقة لصنع أسلاك سمكها 10 نانومترات باستخدام أسلوب السكب الدقيق.

وتعتبر الجزيئات بذاتها مصدر اللغز العلمي للباحثين الذين يحاولون فهم سبب التغير الكبير في المقاومة الكهربائية في الجزيئات. ويقول الدكتور ويليامز انهم لا يفهمون ظاهرة التغيير هذه. ويضيف أن هناك مجموعة من علماء الفيزياء النظرية يدرسون خواص الإلكترونات التي تمر عبرالجزيئات.

* (خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»)