أجهزة محمولة في ردهات المستشفيات لتسجيل التشخيصات الطبية

سجلات إلكترونية ترسل عبر شبكة لاسلكية إنترنتية تسهل للأطباء الإشراف المباشر على الحالات

TT

عندما تقوم ممرضات وحدة الجراحة القلبية في مستشفى ميامي للأطفال، فانهن يلاحظن شيئا ما ناقصا، وهو لوحة المعلومات. وفي هذا المستشفى وبدلا من كتابة معلومات المرضى على بطاقات، تقوم الممرضات بإدخالها في جهاز محمول كفا.

وحالما تجمع معلومات المريض، فانها ترسل لاسلكيا بواسطة مودم عبر شبكة إلى كومبيوتر مركزي في المستشفى. وتتوفر هذه المعلومات على موقع إنترنت، محمي بكلمة سر لا يعرفها سوى الأطباء وغيرهم من العاملين في العناية الصحية.

في العديد من أماكن العمل قد لا تبدو هذه العملية شيئا مذهلا. ولكن بمقاييس المجتمع الطبي فان نظام مستشفى ميامي يتميز بملامح ثورية، فبينما استخدم الطب منذ زمن التكنولوجيا المتقدمة لتشخيص ومعالجة العلل الصحية، فان الطرق التي استخدمها الأطباء والممرضات لمراقبة هذا التشخيص والعلاج، ظلت دون تغير لمدة قرن تقريبا.

* سجلات إلكترونية

* قد تصبح الأجهزة المحمولة كفا منتشرة مثل سماعات الأطباء. كما يتأقلم القطاع الطبي مع قوانين فيدرالية جديدة حول خصوصية السجلات الطبية، التي تهدف الى التغلب على مشاكل السجلات والوصفات الطبية التي تكتب بخط الأطباء غير المقروء، والتي تظل عرضة للخطأ.

ولحد يومنا هذا، تمثل الوحدة القلبية في مستشفى ميامي أكثف الاقسام المحتوية على الأجهزة المحمولة كفا في كل القطاع الطبي. ويستخدم عدد متزايد من المستشفيات الأجهزة المحمولة كفا، لكتابة الوصفات الطبية ولاستشارة كتب المراجع، وفي بعض الحالات حفظ السجلات، مع أن هذا الاستخدام أكثر محدودية من نظام مستشفى ميامي.

ويقول الدكتور إدوارد شورتليف وهو رئيس قسم المعلوماتية الطبية في جامعة كولومبيا ان التجارب السابقة لتوسع قدرة الكومبيوتر في الطب، ولدت الشكوك أكثر من أي شيء آخر. ويضيف انه لا يوجد سبب بسيط يفسر تخلف المجال الطبي عن بقية المجالات. وهو يعزو الأمر جزئيا لقدرة الكومبيوتر على التشويش على سير الاعمال للاشخاص المشغولين جدا مثل العاملين في المجال الطبي. ويشير الى ان المراقبة المتزايدة على عملية حفظ السجلات الطبية بالإضافة للتحسينات العامة في الكومبيوترات، قد تزيل أية مخاوف.

وعندما أصبح الدكتور ريدموند بيرك رئيس الجراحة القلبية في مستشفى ميامي للأطفال قبل سبع سنوات أصبح واضحا له أن نظام السجلات قديم جدا. ويقول انه كان يتضايق عندما تستطيع شركة «فيدرال إكسبرس» ان تراقب حركة رزمة بريدية أحسن من قدرة الأطباء على مراقبة حالة المريض. وكان يضطر أن يحمل بطاقات عليها معلومات المرضى معه وأنه اذا اراد أن يفحص طفلا فانه يفعل ذلك بيد، ويقرأ معلوماته الطبية باليد الأخرى. وهذا ما دعاه لإدخال الأجهزة المحمولة كفا.

ويقول الدكتور جويل هاول وهو أستاذ تاريخ وطب داخلي في جامعة متشيغان انه منذ القرن الماضي كانت السجلات مجرد أوراق لم تحفظ بشكل جيد احيانا. واتبع إداريو المستشفيات نماذج موحدة لها. ومع توسع التخصصات ونمو استخدام التجارب المختبرية والتكنولوجيات مثل الأشعة السينية زادت كمية الورق.

وبعد قرن ما زال الدكتور هاول يعتمد على عدة نماذج من نفس النوع عندما يعالج المرضى ويقوم بتشخيص حالاتهم، ولكنه يستخدم جهازا محمولا كفا ليستشير مراجع إلكترونية حول العقاقير قبل صرفه للوصفات الطبية. وأصبحت عملية المراجعة الإلكترونية هذه شائعة بين الأطباء الذين يستخدمون الأجهزة المحمولة كفا. ويقول الدكتور هاول ان استخدام الجهاز أسهل من مراجعة الكتاب. ولكن في ميامي أراد الدكتور بيرك التقدم أكثر باستخدام الأجهزة المحمولة كفا من مجرد مرجع. ولهذه الغاية استدعى جفري وايت وهو مهندس فضائيات سابق. وبمساعدته أدخل قسم بيرك أول نظام يستخدم الأجهزة المحمولة كفا في أبريل (نيسان) 2001. وتطلب النظام من الأطباء والممرضات أن يضعوا الأجهزة على قواعد بشكل منتظم، حتى يتم تبادل معلومات المرضى وتحديثها. ولكن الأطباء لم يتذكروا القيام بهذا نظرا لانشغالهم. وولد هذا أيضا مشاكل حول خصوصية معلومات المرضى لأنها ظلت في ذاكرة الأجهزة.

وتم التخلي عن النظام بعد وقت قصير من تجربته. ولكن الفرق في النظام الثاني هو وجود سلسلة من الكومبيوترات التي تجمع المعلومات من كل أنظمة الكومبيوتر بالمستشفى وتعالج المهمات مثل إصدار الفواتير ونتائج الفحوص وتحويل المعلومات إلى صفحات إنترنت موحدة. وتقوم الكومبيوترات بتخزين معلومات المرضى الرقمية على شكل صفحات إنترنت مما يسهل قراءتها على شاشة أي كومبيوتر أو جهاز محمول كفا أو غيره.

* وصفات آمنة

* وتتضمن هذه الملفات الرقمية على صور وتسجيلات للعمليات الجراحية، بالإضافة للمعلومات التي تدخل على المنظمات باستخدام نماذج على الشاشة أو باستخدام لوحة مفاتيح صغيرة أو باستخدام برنامج لغة اختزال يعمل على الأجهزة المحمولة كفا.

واستخدام وصلة لاسلكية بين المنظمات والكومبيوترات قلل من مشاكل الخصوصية المحتملة. وتعمل الأجهزة المحمولة كفا الآن بمثابة وحدة طرفية، إذ ترسل معلومات المرضى مباشرة للكومبيوترات المركزية للتخزين ويتم تنظيف ذاكرة الأجهزة المحمولة كفا. وعندما يراجع الطبيب سجل مريض ما فلا يتم تخزين هذا السجل على الجهاز.

وعند صرف الوصفات الطبية فان العديد من الأنظمة تقوم بأكثر من مجرد توفير مرجع، إذ لا تزيد الوصفات المكتوبة بخط اليد من ثقة المرضى. والآن قام الأطباء باستبدال دفاتر الوصفات بنظام يستخدم أجهزة «اي ـ باك» ipaq المحمولة يدا. ويدخل الطبيب اسم المريض وتاريخ ميلاده ويختار التشخيص من لائحة تضم أكثر التشخيصات عموما ثم يدخل وصفة طبية. وإذا كان هناك تعارض خطير أو خطأ في إدخال كمية الجرعة مما يجعلها مميتة، فتظهر علامة حمراء على الشاشة.

ومن هناك ترسل المعلومات من خلال شبكة لاسلكية لطابعة أو لخط هاتف موصول بجهاز فاكس. ويقول الدكتور هاول ان مبدأ إرسال معلومات صحية خاصة عبر شبكة لاسلكية قد يخيف بعض الناس. ولكن ليس الأفراد بذاتهم يخافون على الخصوصية ففي الثامن من أغسطس (آب) قامت الحكومة الأميركية بإنهاء أول قوانين فيدرالية شاملة تغطي الخصوصية الطبية. ويعتقد الدكتور بيرك وغيره من مؤيدي السجلات الإلكترونية أن أنظمتهم ستلبي المتطلبات. ويجادل الدكتور هاول أن السجلات الطبية التي تدار بشكل سليم ستكون أكثر أمنا من السجلات الورقية.

وإضافة لهذا لاحظ الدكتور هاول أن الكتبة الذين يعالجون السجلات الورقية قد يقومون بنسخ المعلومات أو حتى سرقتها، أما في النظام الإلكتروني فسيمكن مراقبة كل من يراجع كل ملف ويمكن حماية الملفات بواسطة التشفير والأجهزة الأمنية مثل أجهزة قراءة العلامات البيولوجية والتي لا يمكن تفاديها إلا بواسطة شخص يملك مهارات متقدمة جدا.

ومن أكبر العوائق التي تواجه مؤيدي النظام الجديد هي العلاقة بين الأطباء والمستشفيات، إذ لا يكون الاطباء في معظم المستشفيات موظفين بها، مما يزيد صعوبة معرفة من سيدفع ثمن النظام أو حتى الاتفاق على شكل الدفع. ومع ذلك فإن هناك قوى قوية قد تعجل الحركة، كما يقول شورتليف، اذ وبالإضافة لتحسين العناية بالمريض ستعجل الأنظمة الإلكترونية سرعة تقييم ودفع المطالبات من شركات التأمين.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»