باحث أميركي من أصل عربي يكتشف طريقة للقضاء على الخوف

الطريقة توفر علاجا من دون عقاقير للخوف المستديم الناجم عن حالات القلق المرضية

TT

اكتشف باحث اميركي من اصل عربي طريقة متقدمة للقضاء على الخوف لدى الدكتوراه الجرذان في المختبرات. وقال في اتصال مع «الشرق الأوسط»، انه تعرف مع استاذه المشرف على رسالة الدكتوراة التي يحضر لها، على اشارات «أمان تام» يطلقها الدماغ لازالة الخوف، وانه حاكى هذه الاشارات في اختباراته على الجرذان، مما ساعدها على ازالة الخوف. ونشرالباحث الفلسطيني الاصل، السعودي المولد والنشأة، الذي حصل على جنسيتة الاميركية في سبتمبر (ايلول) الماضي، نتائج دراسته في مجلة «نيتشر» العلمية الرصينة امس الخميس.

وفي البحث الذي موله المعهد القومي الاميركي للصحة العقلية المتخصص بالابحاث البيولوجية الطبية وابحاث السلوك، اكتشف محمد راغب ميلاد، والمشرف على بحثه الدكتور غريغوري كويرك في كلية بونس الطبية في بورتو ريكو، ما شبهاه بإشارة في منطقة من الدماغ تقابل «اشارة الأمان التام». وما ان يتم حفز هذه الاشارة بطريقة ما، حتى يتم دحر الخوف من الدماغ! وقد يقود بحثهما الى تطوير علاج الخوف المستديم الناجم عن حالات القلق المرضية, بالطرق السيكولوجية، ومن دون الحاجة الى عقاقير دوائية.

* «إشارات أمان»

* وكانت جرذان التجارب التي اجرى الباحثان اختباراتهما عليها تشعر عادة بالخوف وتتجمد حركتها , اي تظل من دون حراك، عندما تسمع صوتا تعرف انه يصاحب تعرضها لصدمات كهربائية. الا ان ميلاد وكويرك تمكنا من تحفيز منطقة تقع في مقدمة الدماغ، وهي قشرة (لحاء) مقدم الجبهة، بعد ان نجحا في محاكاة «اشارة الأمان» التي يصدرها الدماغ عادة. وادى ذلك الى الاستبعاد التام لاستجابة الجرذان للخوف. وقال الباحثان في مقالهما العلمي ان «التعريض المتكرر للأشياء التي تذكر بالمؤثرات المؤلمة، من دون ظهور اي مؤثرات مؤلمة بسببها، يؤدي الى الاختفاء التدريجي لاستجابات الخوف». واضافا ان «هذا التناقص في حدة الخوف يعتبر عملية ايجابية وليست سلبية، فهذه العملية لا تمحو من الذاكرة الخوف الذي يصاحب ظاهرة ما، بل تولّد ذاكرة جديدة خاصة بالأمان».

وتمكن ميلاد وكويرك من تسجيل النشاط الكهربائي للخلايا العصبية في قشرة مقدم الجبهة للجرذان في حالتين، الاولى عندما كانت تخاف بسبب حدث معين، وهو الصوت المصاحب لقرب التعرض لصدمة كهربائية. اما في الحالة الثانية فقد تم دحر هذا الخوف بعد ان ارسل الباحثان نفس الصوت من دون تعريض الجرذان لصدمة كهربائية. وكان ان اختفى الخوف، واختفى وضع تجمد الحركة لدى الجرذان.

ورغم ان هذه الخلايا العصبية للجرذان لم تبد أي نشاط في الحالتين المدروستين، فان بعضا من الخلايا التي تقع في وسط قشرة مقدم الجبهة للدماغ نشطت بشكل واضح في اليوم التالي، بعد اصدار الصوت المميز للصدمات. وكانت الاشارات الصادرة عنها اشارات دماغية تؤكد ان الصوت المميز لم يعد مرتبطا بالصدمة الكهربائية. وكلما كانت الاشارات اكثر، اي كلما كانت اشارة الأمان اعلى واشد، قل خوف الجرذان، حتى ان بعضهم نسي خوفه.

ولجأ الباحثان لاحقا الى تحفيز المنطقة الوسطى من قشرة مقدم الجبهة للدماغ كهربائيا، لدى الجرذان الذين يرتبط لديهم شعور الخوف بصوت الصدمات، وذلك بهدف حفز اشارة الأمان، في ظروف اصدار الصوت. وبهذا قلت لدى الجرذان بشكل ملحوظ اوضاع تجمد الحركة الناجمة عن الخوف، كما لم يظـــــهر الجرذان لاحقا اي خوف من الصوت رغم توقف الباحثين عن حفز خلاياها العصبية. وقال الباحثان ان ذلك يعني ان ذاكرة القضاء على الخوف تعـــــــززت بعد تنفيذ عملية محاكاة اشارات الأمان في الدماغ وبما ان قشرة مقدم الجبهة في الدماغ ترتبط مع «المنطقة اللوزية» داخل الدماغ التي تمثل موقعا ترتبط به ذاكرة الخوف في اعماق الدماغ، فان الباحثين يفترضان ان زيادة نشاط الخلايا العصبية في المنطقة الوسطى من القشرة الدماغية تعزز ذاكرة الأمان وذلك بكبح ذاكرة الخوف. كما يفترضان ان تحفيز اجزاء من القشرة الدماغية لدى المصابين بحالات القلق, سيساعدهم على التحكم بالخوف.