كاميرات ليزر ذكية للأعماق تلتقط أدق صور البحار

تتغلب على مشاكل انعكاس وتبعثر الضوء وتلتقط صورا واضحة رغم العوالق البحرية

TT

تظهر كارثة ناقلة النفط الضخمة «بريستيج» قبالة السواحل الإسبانية أهمية تطوير كاميرات للأعماق تتولى سبر غور قيعان البحار والمحيطات وتكشف حجم الكارثة البيئية المحدقة. ولهذا فقد عمل الباحثون الألمان من جامعة اولدنبورغ على تصميم كاميرات فيديو ذكية تعمل بالليزر وقادرة على التغلب على الظواهر الفيزيائية التي تحدث تحت الماء والتي تعيق عملية الحصول على صور واضحة للأجسام والسفن الغارقة.

يحتاج الإنسان عادة الى كاميرات خاصة تحت الماء تتمتع بغلاف متين للغاية كي تتحمل ضغط الماء، وهذه مشكلة تم التغلب عليها منذ زمن. إلا إن العلم لم يتغلب حتى الآن على ظاهرة «الماء الكدر» التي تعيق الرؤية في الأعماق، التي تبطل عمل أفضل كاميرات الأعماق. وتتكون ظاهرة «الماء الكدر» من مشكلتين فيزيائيتين مهمتين من مشاكل الأعماق وهما: انعكاس وتبعثر الضوء. تنجم الظاهرة الاولى (انعكاس الضوء) عن عدم وصول ضوء الشمس الى الأعماق بسبب امتصاصه وانكساره الدائم حسب طبقات الماء المختلفة، وهو ما يفرض على الكاميرا استخدام ضوء آخر خاص بها. وتنجم الظاهرة الثانية (التبعثر) عن العوالق والأشنات وغيرها من الأحياء البحرية الصغيرة التي تعكس ضوء الكاميرا وتبعثره بشدة فتظهر أمام الكاميرا كما لو أنها أجسام سوداء لها حجم المتر المكعب.

ونجح علماء جامعة اولدنبورغ في تصميم كاميرا فيديو تعمل بالليزر وتطلق أشعة الليزر بسرعة هائلة تتغلب على هاتين الظاهرتين, فالكاميرا تفتح عدستها وترسل أشعة ليزر الى الجسم المعني ثم تستلم الضوء المنعكس عنه في وقت يقل عن 5 نانوثانية (أي خمسة أجزاء من مليار جزء من الثانية). وهذا يعني إن سرعة عودة الضوء المنعكس عن الجسم المطلوب (مثل باخرة غارقة) أسرع بكثير من سرعة تبعثر الضوء عن الأشنات والعوالق وعودته إلى الكاميرا. كما زود العلماء الكاميرا بتقنية تضمن انفتاح العدسة وانغلاقها بسرعة قياسية أخرى يمكن تنسيقها مع وقت إرسال الضوء وبما يمكن المعنيين من التقاط الصور الواضحة دون انعكاس الضوء وتبعثره.

ويقول الباحث راينر رويتر من جامعة اولدنبورغ إنهم زودوا الكاميرا بتقنية تشبه ساعة التوقيت لتنظيم عملية انفتاح وسد العدسة بسرعة هائلة. فهناك «ساعة تتك» دائما وفق فترات محددة فتنفتح العدسة خلالها ويتم إرسال أشعة الليزر في نفس الوقت لضمان استلام الضوء المنعكس عن الجسم المطلوب فقط. وطبيعي يتولى الكومبيوتر فوق سطح الماء عملية تنظيم عمل الكاميرا واستلام الصور التي ترسلها. وعمل فريق العمل من اولدنبورغ 7 سنوات على تطوير هذه التقنية التي تعمل وكالة الفضاء الأميركية على تطوير تقنية ماثلة لها للكاميرات الفضائية. وذكر رويتر إن الكاميرا ما زالت في طور التجريب لكنها جاهزة للاستعمال إذا ما استجدت الحاجة لها بعد غرق ناقلة نفط او البحث عن حطام ما.