استخدام الفطريات لامتصاص ألياف الأسبست من الأرض والقضاء على خطرها

لا بد من استئصال الأسبست من البيئة للتخلص من أمراضه

TT

فرضت معظم بلدان العالم حظرا على إنتاج واستخدام الاسبست في البناء والعزل والشوارع بالنظر لسميته العالية ضد البيئة وضد الإنسان أساسا.

لكن علماء البيئة الصحية يعرفون جيدا إن مشاكل الاسبست، وخصوصا مرض الرئة الاسبستية على عمال البناء وغيرهم، لا يتعلق بفترة استخدام الاسبست وانما في فترة العشرين سنة التي تلي ذلك. وذلك لأن أعراض الأمراض الاسبستية لا تظهر إلا بعد 15 إلى 20 سنة من تعرض الإنسان له. وكمثل فقد حظرت ألمانيا استخدام الاسبست منذ نحو10 سنوات لكنها تحسب حسابا لازدياد حالات مرض الرئة الاسبستية بعد 15 سنة من الآن لتصل ذروتها عام 2020. وهذا يعني إن من الضروري استئصال وجود الاسبست الصناعي من البيئة كي يستطيع الإنسان القضاء على أمراضه المتأخرة.

ولهذا فقد اقترح الباحث الإيطالي بايس فوبيني وزميلته سيلفيا بيروتو أن يجري استخدام الفطريات في المناطق الملوثة بهدف معادلة تأثير الاسبست. ويعتقد فوبيني إن أيونات الحديد والمعادن الأخرى، الضرورية لحياة الإنسان، تشكل على سطع الألياف الاسبستية عاملا شديد الخطورة على البيئة والإنسان. وثبت من خلال هذه التجارب إن هذه الأيونات المعدنية تلعب دورا حاسما في سمية الاسبست وتأثيره البعيد المدى على البيئة. إذ تطلق هذه الأيونات العديد من الراديكاليات القادرة على بعث الاضطراب في عملية نقل المعلومات الوراثية في الخلايا التي تؤدي بالتالي إلى تحفيز نشوء النمو السرطاني.

وأجرى فوبين وزميلته تجارب تثبت أن سحب أيونات الحديد من على سطع ألياف الاسبست يمكن أن يقلل تأثيره المحفز للسرطان بشكل واضح. ويمكن للفطريات التي تنمو على التربة أن تضطلع بمهمة سحب الحديد من الاسبست بكل كفاءة حسب تقدير الباحثين الإيطاليين. إذ تحتاج بعض أنواع الفطريات إلى الحديد كي تواصل دورة الاستقلاب وتحفظ بعض المواد في أجسادها. هذا ناهيكم عن جذور الفطريات الخيطية الضفيرية القادرة على التوسع بشكل عمودي وأفقي في التربة.

جرب الباحثون الإيطاليون العديد من أنواع الفطريات وتوصلوا إلى أنواع منها تستطيع التعايش والنمو بشكل مذهل على حساب الأيونات المعدنية على سطوح الاسبست. واستطاعت هذه الفطريات أن تضفر جذورها الخيطية مع وداخل الألياف الاسبستية وأن تمتص الأيونات الحديدية الضارة منها. و تحول الاسبست بفعل الفطريات إلى مادة ليفية مختلفة غير قادرة على الانتشار، كما تحولت سطوح الاسبست، كما هو متوقع، إلى حالة أيونية غير فعالة ربما تكون غير محفزة للسرطان.

وعبر فوبيني عن أمله بأن يستخدم هذا الاكتشاف في تطوير طريقة بيولوجية لتنقية الأراضي الملوثة بالاسبست.

وتشير إحصائية وزارة الصحة الالمانية إلى وفاة 110 آلاف إنسان بتأثير أمراض العمل الاسبستية منذ عام 1980. وسجلت إحصائية عام 2001 حدوث 931 حالة وفاة بسبب هذه الأمراض، إلا إن الوزارة تقدر أن يرتفع عدد الضحايا إلى 20 ألفا عام 2020.