أقمار صناعية في مهمات صغيرة لمراقبة الأرض ودراسة المجرة

ليزرات فضائية لمسح الطبقات الجليدية ودراسة تأثيرها على البيئة

TT

بعد تأخير دام عدة اسابيع، اطلقت وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا» الاسبوع الماضي قمرين صناعيين جديدين، الاول لمراقبة الثلوج والرياح البحرية والأرض، والثاني لدراسة فقاعة الغاز الساخن التي تحيط بدرب اللبانة. وسيقوم القمران بتوسيع شبكة الأقمار الصناعية التي تدرس مناخ الأرض، والمنطقة الكونية التي لم تدرس الا قليلا، بين النجوم القريبة التي خلت من معظم الغازات والغبار نتيجة انفجار نجمي حدث قبل حوالي 10 إلى 12 مليون سنة.

وتم إطلاق «قمر الثلج والغيم وارتفاع الأرض» (آيسات) IceSat، و«قمر مقياس طيف البلازما الكونية الساخنة» (تشيبسات) ChipSat من قاعدة فاندنبيرغ الجوية على متن صاروخ «بوينغ دلتا 2». وكان من المفروض اطلاقهما 19 ديسمبر (كانون الاول) الماضي.

اما القمر الثالث «سي ويندز» SeaWinds فهو رادار ميكروويف كبير ويعتبر جزءا كبيرا من المرصد الصناعي الياباني لدراسة الأرض 2. واطلقت اليابان هذا الجهاز على متن صاروخ إتش ـ 2أ في 13 ديسمبر الماضي كما كان مقررا من مركز تنجشيما الفضائي. وتعتبر مهمة «تشيبسات» أصغر مهمة، ولكنها أبعدها مسافة. وسيركب القمر الصناعي الذي يبلغ حجمه حجم حقيبة اسفار كبيرة، ويزن 132 رطلا (الرطل 455 غراما) على صاروخ قمر «آيسات» وعندما يدخل مداره الفضائي فانه سيقوم بدراسة الفضاء العميق، فيما يقوم القمران الآخران بدراسة الأرض.

وتنصب مهمة «تشيبسات»، التي ستدوم سنة واحدة وهي الأولى من مهمات «ناسا» الصغيرة، على دراسة وسط كوني لمنطقة من الغاز الساخن القليل الكثافة، والغبار اللذان يملآن الفراغ بين النجوم. وعندما تبرد المواد في هذا الوسط تتجمع في كتل يعتقد العلماء أنها تنمو لتصبح نجوما خلال عملية مجهولة.

وسيدرس «تشيبسات» الذي بلغت كلفته 16 مليون دولار، جزءا غريبا من الفضاء في موقع النظام الشمسي، وهي الفقاعة المركزية. وهذه المنطقة التي يمتد قطرها 300 سنة ضوئية مليئة بغاز ذي كثافة أقل من الوسط الكوني نظرا لتفجر نجمي حدث قبل بضعة ملايين من السنوات.

ويقول الدكتور مارك هورويتز، وهو العالم الرئيس في هذا البرنامج، إن الغاز في هذه المنطقة وبالرغم من قلته كان ساخنا جدا بدرجة 1.8 مليون درجة فهرنهايت، ومعظم شعاعه في طيف الموجات فوق البنفسجية الاقصى والذي لم يدرس بالتفصيل. ويقسي «تشيبسات» من ارتفاع 367 ميلا فوق الأرض, سطوع وتوزع بريق الاشعاع فوق البنفسجي وذلك لفحص نظريات متنافسة حول تكوين الغاز لسحب كثيفة.

وتعتبر المهمة الأكبر وهي مهمة قمر «آيسات» مكونا رئيسيا من برنامج لدراسة التغيرات في مناخ الأرض. ويتوقع من المهمة التي كلفت 282 مليون دولار أن تدوم ما بين ثلاث إلى خمس سنوات. وسيستخدم القمر أجهزة ليزر لقياس التغيرات في ارتفاعات الجبال الثلجية القطبية من موسم لآخر، بدقة. وبالإضافة لذلك ستقوم ماسحة ليزر بقياس ارتفاع السحب وتوزعها وبالأخص بالنسبة للجليد وبالنسبة للبر من ناحية الارتفاع، وثلج البحر والغطاء النباتي.

ويقول الدكتور قاسم أسرار، وهو المدير المشارك للعلوم الأرضية في «ناسا»، إن هذه المهمة ستسلط ضوءا «جذريا» على التغيرات في الجليد ودوره في نظام البيئة، باستخدام ليزر فضائي للنظر الى طبوغرافية الجليد في القارة القطبية الجنوبية وغرينلاند. ويضيف أن هذه المعلومات ستساعد العلماء على تحديد إن كانت القطع الجليدية تنمو أو تتقلص وكيف تتغير الكتل الثلجية وفقا لظروف مناخية مستقبلية.

وسيقوم جهاز قياس الارتفاع والذي يقيس الزمن الذي يستغرقه شعاع الضوء للوصول لجسم وينعكس عنه عائدا للقمر الصناعي، بحساب ارتفاعات الجبال الثلجية والجليد والسحب والبر بدقة. وسيقوم القمر الصناعي بالقياس 40 مرة باليوم عن ارتفاع 373 ميلا فوق الأرض.

ويقول عالم المشروع الدكتور جاي زوالي إن القياسات ستساعد في تحديد أثار التسخين العالمي على الجليد ودوره في رفع مستوى البحر. ويضيف انه تاريخيا انتقلت حوالي 3 بوصات من مياه المحيط للجليد بشكل ثلج ساقط كل 10 سنوات ويخرج نفس المقدار من الجبال الثلجية والذوبان على مدى حواف الجليد.

ويقول الدكتور زوالي انه خلال العقد الماضي ارتفع مستوى البحر بمقدار 0.08 بوصة سنويا أي ثماني بوصات كل قرن ولا يعرف أحدا بالضبط من أين تأتي المياه الإضافية. وقاست الطائرات والأقمار الاصطناعية بقياس المناطق المتغيرة في الجليد ولكن العلماء يحتاجون لمعلومات حول التغير في الارتفاعات لقياس كتلهم.

ويقول إن «آيسات» سيساعد في تقليل «عدم التأكد السائد» في تقديرات الذوبان. وستقوم أداة «سي ويندز» في القمر الصناعي الياباني بقياس سرعة الريح واتجاهها عبر 90 بالمائة على سطح محيطات الأرض غير المتجمدة كل يومين. وتلعب الرياح دورا هاما في الطقس والمناخ مؤثرة على عملية تبادل الرطوبة والحرارة والغازات الحاجزة للحرارة بين الجو والمحيطات.

وبالإضافة لمساعدة البحوث الطويلة الأجل سيقوم قمر «سي ويندز» بإرسال المعلومات 15 مرة باليوم لوكالة الجو والمحيطات وغيرها من الوكالات لتحسين النشرات الجوية وتحذيرات العواصف بالاَضافة للمساعدة في رسم الخرائط الثلجية وحماية خطوط الشحن البحري.

وكلف قمر «سي ويندز» وكالة «ناسا» حوالي 138 مليون دولار في تطويره وبنائه، وسيكلف حوالي 16 مليون دولار لتشغيله على مدى حياته وهو الثالث في سلسلة من الأجهزة التي تستشعر الاهتزازات التي تسببها الرياح بالقرب من سطح المحيط والتي يستخدمها العلماء لقياس سرعة الرياح واتجاهها. وسيقوم القمر بحوالي أربعمائة ألف قياس باليوم بإرساله لموجات ميكروويف عالية التردد لسطح المحيط. وسيتم إرسالها لقمر صناعي حوالي 500 ميل فوق الأرض.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»