أبحاث النانوتكنولوجيا لتطوير جندي «السوبر» لحروب القرن الحادي والعشرين

زي جنود خفيف يقاوم الرصاص ويعالج الجروح ويكشف عن السموم الكيميائية والبيولوجية * هياكل وأجسام من جسيمات دقيقة جدا توضع المئات منها على رأس إبرة وحياكة نظم الكومبيوتر والاتصالات في زي الجندي

TT

تصور ميدان معركة مستقبلي، حيث يقاوم زي الجندي الخفيف بخفة الورق, الرصاص المنهمر, ويعالج الجروح، ويكشف عن السموم الكيميائية والبيولوجية، وحيث يتحول قماش الزي إلى جبيرة للكسور، وتقوم مجسات مزروعة في الزي بإرسال معلومات حول موقع الجندي وحالته الجسدية نحو المقر.

هذا هو موضوع الخيال العلمي المتوقع لعالم القرن الحادي والعشرين، الذي يتصوره باحثون في معهد التكنولوجيا الدقيقة للجنود، وهو واحد من عدة معاهد بحوث يدعمها الجيش الأميركي، وأكبر مشروع دفاعي تبناه معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا.

مشروع نانوتكنولوجي تم تصميم المشروع الذي يكلف حوالي مائة مليون دولار والذي يتضمن أيضا شركات مثل «دوبونت» و«رايثيون» و«مستشفيين» في بوسطن، بهدف تطوير مواد جزيئية ستساعد في تجهيز الجندي الأميركي بحيث تصبح له ميزة تفوق على العدو.

ويعتبر هذا تحديا ضخما سيسعى العلماء الى مجابهته على مستوى صغير. ويتحول مجال النانوتكنولوجيا (تكنولوجيا الابعاد المتناهية في الصغر) والذي أصبح من أكثر المجالات العلمية إثارة، الى مصدر لامكانات كبرى لبناء هياكل وأجسام من جسيمات دقيقة جدا بحيث يمكن وضع المئات منها على رأس إبرة.

وقامت الحكومة الفيدرالية بزيادة استثمارها في النانوتكنولوجيا بشكل جذري. وتتنبأ مؤسسة العلوم القومية بأن سوق خدمات النانوتكنولوجيا ومنتجاتها مثل رقائق الكومبيوتر، ستصل إلى التريليون دولار بحلول عام 2015.

ولمعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا تاريخ في العمل مع البنتاغون لتطوير التكنولوجيا التجارية. وفي شهر مارس (آذار) حصل المعهد على عقد بقيمة 50 مليون دولار لتطوير «جندي المستقبل». وكجزء من الصفقة سيقوم المعهد بالمساهمة بمبلغ 14 مليون دولار وينفق حاليا مبلغ 10 ملايين دولار لتحديث مبنى بمساحة 28 ألف قدم مربع.

وتم تصميم معهد النانوتكنولوجيا للجنود والذي سيفتتح في شهر أبريل (نيسان) ليكون مجمعا للعلم والطب والتجارة إذ يحتوي على 150 شخصا من شتى المجالات بمن فيها 34 عضوا من الأستاذة في ثماني كليات من معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا. ويشارك أيضا الطلبة الخريجون وطلبة الدكتوراه بالإضافة لأخصائيين من الجيش وخبراء وأطباء من مستشفى ماساشوسيتس العام ومستشفى بيرغهام للنساء. وسيركز سبعة فرق على ثلاثة مجالات رئيسية: الحماية وتحسين الأداء الإنساني ومنع الإصابة والمعالجة.

ويعمل العلماء على تطوير مجسات وطلاء تفاعلي يمكنه التفاعل للعوامل الكيميائية والبيولوجية بواسطة مضادات ليحدد إن كان الجندي بحاجة للسوائل وأن يتأقلم وفقا للحالة. ويحاول العلماء أن يحولوا الأقمشة الطرية إلى أقمشة صلبة ولتكرير الماء من جسد الجندي ولتكوين قماش ذكي بحياكة تكنولوجيا الكومبيوتر والاتصالات في الزي.

وبشكل عام فان الهدف هو خفض حجم ووزن الزي وصناعة زي ذاتي الاحتواء مثل السيارة، إذ يحمل الجندي المجهز كاملا أكثر من مائة رطل (45 كلغم تقريبا) وحوالي اثنتي عشرة بطارية لتشغيل مختلف المعدات.

ويتوقع أن نقل الاستخدامات العسكرية لمجال الطيران المدني ويمكن تحويل زي الجندي الفائق لكي يستخدمه مكافحو الحرائق وغيرهم في الخدمات الطارئة والذين أصبحوا يواجهون خطرا أكثر بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) 2001.

ويقول مدير المعهد إن النجاح المبكر ضروري لتعزيز الثقة، وقد حصل بعض التقدم في أجهزة الكشف والطلاء التفاعلي، ويمكن الآن الكشف عن مرض الجمرة بغضون ثلاث دقائق عوضا عن 24 ساعة.

ولا يتوقف التحدي أمام العلماء بتحديد حدود التكنولوجيا الدقيقة فقط وإنما بالتمكن من العلوم الأساسية لتعديل كيمياء المواد ذاتها. ويعتبر دمج العلم والهندسة عنصرا هاما جدا وهنا يصبح أدوار شركة «دوبونت» جوهريا نظرا لخبرتها في مواد البوليمرات والأقمشة العالية الأداء وشركة «رايثيون» المعروفة بخبرتها في دمج الأنظمة.

وسيكون دور هاتين الشركتين اللتين ساهمتا بمبلغ 15 مليون دولار بالمعهد جوهريا في تحويل التقدم العلمي من المختبر إلى السوق باسعار معقولة، ولأن المشروع يعتبر بحثا أساسيا وليس سريا فستحصل الشركتان على إشعار مسبق عن التطورات حتى تستطيع تقديم طلبات رخص الامتياز. وسيعمل المعهد مع مختبر بحوث الجيش ومركز نظم الجندي لتطوير جندي القرن الحادي و العشرين.

* خدمة واشنطن بوست ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»