صفائح من التيتانيوم لرتق الثقوب في الجمجمة

تصنع من سبائك رقيقة متينة خفيفة الوزن وتتوافق بيولوجيا مع الجسم البشري * مهندسون وجراحون ألمان يصممون جهازا لتفصيل قطع الدماغ المطلوبة حسب المواصفات بدقة متناهية يقل الفرق فيها عن أجزاء المليمتر

TT

يضطر الجراحون في العديد من الحالات إلى رفع جزء من جمجمة المريض بغية تخفيف الضغط المسلط على الدماغ، أو بهدف تخليص المريض من سرطان في الدماغ بلغ العظم. إلا أن الطب يواجه مصاعب جمة في إعادة لحم هذه الثقوب أو في إعادة لحم الجزء المرفوع في مكانه، بالنظر لتعذر نمو العظام من جديد بما يكفي لستر الجزء المكشوف من الدماغ أو بسبب ظاهرة رفض الجسم للأجزاء المزروعة. ويرى مهندسو وجراحو جامعة الرور الألمانية أنهم نجحوا في التوصل إلى حل يكفل تسهيل مهمات الجراحين ويتيح للمصابين إمكانية مواصلة الحياة بنوعية أفضل. وتعتمد التقنية الألمانية الجديدة لسد الثغرات في الجمجمة على نوع جديد من سبائك معدن التياتانيوم المنسجم Bio Compatibleمع جسم الإنسان حيث تتوافق بيولوجيا معه، وهي صفائح رقيقة، متينة، خفيفة الوزن بيولوجيا، ممكن تصميمها حسب مواصفات الجزء المفقود من الجمجمة كما يمكن الحجز عليها من كل أنحاء العالم بواسطة البريد الالكتروني.

وذكر المهندس ميشائيل فيهموللر أنه قام بتطوير صفائح التيتان، ونظام تصميمها الكومبيوتري، بعد سنوات من البحث في جامعة الرور في مدينة بوخوم وبدعم مالي من وزارة البحث العلمي. ومنحت ولاية الراين الشمالي فيستفاليا إلى فيهموللر جائزة الاختراع في، منطقة الرور نظير تطويره صفائح التيتان المنسجمة بيولوجيا. ويأمل فيهموللر من خلال هذه الصفائح بتسريع عملية شفاء الجروح الناجمة عن عمليات الدماغ وتحسين حياة المرضى بشكل خاص، إذ تمكن جراحو بوخوم من شد الصفيحة لعامل فني عاش 10 سنوات بوجود ثقب كبير في جمجمته، ونجح التقدم الذي أحرزه المريض بعد العملية بإقناع صاحب العمل بإعادة الرجل إلى العمل بعد 10 سنوات من البطالة.

وعادة يلجأ الجراحون إلى إزالة جزء من عظام الجمجمة التي تغطي الدماغ في حالة تعرض المريض إلى نزيف حاد في الدماغ، فهي الطريقة المثلى لتخفيف الضغط مؤقتا عن الدماغ. ويقوم الجراحون بزرع القطعة المرفوعة تحت غطاء البطن العضلي بهدف إبقاء صلتها بالجسم وعدم تحولها إلى جسم غريب أثناء محاول إعادة لحمها في مكانها بعد انتهاء مبررات وجود الفتحة في الجمجمة.

ورغم ذلك يفشل الجسم في تقبل القطعة في 50% من الحالات حسب تقديرات جراحي بوخوم. كما يضطر الأطباء لإزالة جزء من الجمجمة في حالة تدخلهم الجراحي لإزالة السرطان الدماغي، وهو ما يتطلب ترك الفتحة على حالها أو وضع غلاف خارجي لحماية الدماغ، من الحوادث. لكن الإجراء الجراحي التقليدي في هذه الحالة هو زرع عظم آخر مأخوذ من الحوض أومن لوح الكتف، وهي عملية تكتنفها مصاعب اهمها ضعف القدرة على نحت العظم تماما في مكانه، ناهيك عن ترك نقص عظمي جديد في جسم الإنسان وإخضاعه إلى عملية جراحية أخرى.

* تفصيل الدماغ

* وتمكن فيهموللر من تصنيع جهاز خاص لتفصيل قطع الدماغ المطلوبة حسب المواصفات وبدقة متناهية يقل الفرق فيها عن أجزاء المليمتر. وتتطلب الحالة إذن من الجراح إرسال معطيات التوموغراف (جهاز المسح الكومبيوتري) الدماغي إلى جامعة الرور، كي يستطيع الخبراء على أساسها تفصيل القطعة الناقصة حسب المواصفات. وطبيعي فمن الممكن، في الحالات الاضطرارية، إرسال هذه المعطيات بواسطة البريد الالكتروني ليتولى كومبيوتر خاص رسم قالب قطعة الجمجمة المطلوبة. ويزود الخبراء ، حسب رغبة الجراح في طريقة الشد التي يعتمدها، بالثقوب والصواميل المصنوعة من التيتانيوم، والتي تضمن شد القطعة في مكانها في الجمجمة دون ترك آثار خارجية. كما يزود الخبراء القطعة بثقب صغير (مغطى) قد ينفع لاحقا في عمليات نزح أو تصريف الدماء والسوائل التي قد تتجمع تحت القطعة.

وتجدر الاشارة الى سعر الكيلوغرام الواحد من التيتانيوم في السوق يبلغ نحو 500 يورو. وهذا يعني أن الكلفة الإجمالية لتفصيل القطعة سيعتمد أيضا على مساحتها ووزنها وتتراوح بين 2500 ـ 6500 يورو. وتعد صفائح التيتان، من الناحية الطبية، باندمال سريع للجروح، شفاء عاجل، خفض الضغط المسلط على الدماغ، ورعاية اقل يتطلبها وضع المريض في فترة ما بعد العملية.