البحث عن كومبيوترات قادرة على اللمس ستساعد كثيرا في تطوير أجهزة المحاكاة للتدريب على العمليات الجراحية

TT

اعتمد الأطباء دائما على حاسة اللمس في كل الحالات ابتداء من جس النتوءات وانتهاء بشد القطب. ولكن في السنوات الأخيرة أخذت التكنولوجيا تبعد الأطباء عن مرضاهم. فالاعتماد المتزايد على الجراحة غير المفتوحة بإدخال آلات تصوير وآلات جراحية عن طريق ثقوب دقيقة في جسم المريض يمكن أن تخفف من الصدمة التي تعرض لها وتعجل بشفائه، وفي الوقت ذاته فهي تزيح أي ملامسة مباشرة للأعضاء والعظام والعضلات التي تتم في الجراحة العادية.

غير أن ما أبعدته التكنولوجيا هي الآن في طور إرجاعه مرة ثانية. عندما تدمج حاسة اللمس بجهاز الكومبيوتر. فقد أصبح اللمس الخطوة التالية بعد الصورة والصوت لإنشاء ظروف كومبيوتر طبيعية، ولكن لم يتم تطبيق ذلك على أجهزة الكومبيوتر إلا في السنوات الأخيرة حيث أصبحت سريعة ورخيصة بما فيه الكفاية.

ونتيجة لذلك، بدأت أجهزة اللمسيات في الظهور في الأسواق ليس على شكل استخدام التصميم بالكومبيوتر والنماذج الثلاثية الأبعاد فقط وإنما على شاشة الكومبيوتر كذلك. إذ تحتوي فأرة أي ـ فيل التي تصنعها شركة لوجيتيك على محرك صغير يدفع ويهز عند تعدي المستعملين حدود القائمات والأيقونات والشاشات. ويعتقد بعض الخبراء أن مبدأ اللمسيات سيصبح جانبا مألوفا في الكومبيوتر مثله مثل الصور الملونة وصوت الستيريو في الوقت الحاضر.

وتكمن الإثارة الحقيقية في ما حققه الطب من تطورات في هذا المجال. فقد أصبح السطح البيني اللمسي يشكل جانبا من بعض المعدات الطبية. ويسعى الأطباء إلى الوصول إلى الهدف المنتظر وهو توليد جراحة المستقبل الآلية التي تشبه جراحة الماضي التقليدية، بالنسبة للجراحين على الأقل، حتى وإن كان الطبيب والمريض منفصلين عن بعضهما البعض.

وفي مختبر معهد ميتشيغان للتكنولوجيا (ام اي تي) في الولايات المتحدة الخاص بمبدأ اللمسيات، الجسمي والآلي، ينكب الدكتور ماندايام سرينيفاسن الذي أنشأ المعهد، على صنع جهاز تظاهر (محاكاة) ليمكن الطلبة من الإحساس الناجم عن الحقن الصحيح للإبرة عند تخدير العمود الفقري. إذ يمثل إيجاد الموقع الصحيح تحت طبقات من الجلد والروابط عملية حساسة. لأن الاستعمال الخاطئ للإبرة يمكن أن يشل المريض.

ويقول الدكتور سرينيفاسن في هذا الصدد: «يقع الاعتماد على المراقبة الجيدة في هذه العملية هذه الأيام، لكن المتدرب لا يزال يقوم بهذه التجربة لأول مرة على المريض. ويبدو لي أن القيام بهذه العملية على جهاز تظاهر يعد نافعا حتى وإن لم تكن التجربة واقعية».

ويتكون هذا الجهاز من حقنة موصولة بجهاز ضغط رجعي، وهو عبارة عن عصا تتحرك بكل حرية وتحتوي على محركات تقوم بالدفع إلى الوراء على كومبيوتر يشغل برنامج التظاهر وظهر دمية. وبفضل جهاز التظاهر يمكن للطلاب التعرف على كل الحالات بأنواعها وليس على الحالات العادية فقط.

ويضيف الدكتور سرينيفاسن: «يمكن خلق حالات تحدث بالنسبة لشخص من كل 10.000 مريض. فقد أخبرني بعض المخدرين أن هناك حالات لم يتعرضوا لها حتى بعد قيامهم بالآلاف من إجراءات التخدير الموضعي».

ويقول جريج ماريل الذي أنشأ شركة ميديكال سيستمز إتش.تي من ولاية ماريلاند الأميركية، ان 75 في المائة من التعقيدات التي تنتج عن حالات عديدة مثل القسطرة الوريدية تحصل في أول 30 حالة من مهنة الطبيب. وتعكس هذا العدد أجهزة التظاهر الخاصة بالتدريب الطبي في شركة ماريل مثل «كاث سيم» التي ترشد المتدرب إلى كيفية إدخال أدوات القسطرة والإبر. ويتركب الجهاز من علبة صغيرة تبرز منها حقنة رجعية. ويقلد الجهاز صوت التفتق الذي ينتج عن خرق الجلد والوريد. ويمكن تقليد نماذج برامج أخرى مختلفة مصورة خاصة بالأوردة المتصلبة والمجروحة لمتعاطي المخدرات مثلاً أو الخاصة بكبار السن أو الصغار.

أما بالنسبة لأجهزة التظاهر في المستقبل، فيؤكد ماريل أنها ستشمل استخدام بيانات المرضى. ويقول في هذا الصدد: «يمكن فحص المريض وإجراء تجربة خاصة به قبل إجراء العملية وهو ما يعتبر في غاية الأهمية في معرفة الطريقة المثلى للجراحة وأحسن الأجهزة الطبية التي يقتضي استعمالها».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»