الشارخ: سقوط الحاجز اللغوي في علم الإنترنت

تقنية الترجمة الآلية تنبئ بمستقبل مهم في تقارب الشعوب والمعارف

TT

قال رئيس المجموعة العالمية «صخر» محمد الشارخ في حديث لصحيفة «الشرق الأوسط» ان علم الانترنت الذي يتوج عصر العولمة، تتدخل فيه جوانب عديدة وتتفاعل لتؤسس بحيويتها عالما ديناميا جديدا هو في طور التشكل. ففي هذا العالم سينهار الحاجز اللغوي بين الشعوب بفضل التقنية الجديدة التي تنشأ الآن، وهي تقنية الترجمة الآلية التي تنبئ بمستقبل هام، رغم أنها ليست دقيقة دقة مطلقة، وانما تتقارب والترجمة البشرية لأول مرة أي قبل أن يتدخل البشر في تدقيقها وتعديلها.

وتشهد هذه التقنية الآن تطورا هائلا خارج الولايات المتحدة، في اليابان والصين وكوريا والبرازيل، فهي تتطور لدى الشعوب التي لا تتحدث الانجليزية، ومنها الشعب العربي الذي يعد في أمس الحاجة الى ترجمة الأبحاث والأخبار والمقالات التي لا تتوفر الا في اللغة الانجليزية لغة الحضارة المعاصرة.

وأضاف انه في العامين المقبلين سيصبح من الميسور بالنسبة لأغلب العرب الذين لا يتحدثون الانجليزية أن يطلعوا على محتوى الانترنت المنشور بالانجليزية باللغة العربية، وبدقة تمكنهم من فهم هذا المحتوى. انها إذن ظاهرة سقوط حاجز اللغة الذي يحول دون تمكن العربي من فهم وتلقي النصوص الجديدة في العلوم المحضة والتكنولوجيا والعلوم الانسانية، وبالمقابل يمكننا أن نتخيل أن الترجمة من العربية للانجليزية ستتم بنفس الطريقة، كما يمكن تخيل الترجمة من الفرنسية واليها أو غيرها من اللغات الحية الأخرى.

وقال: «ان ميزة متحدثي الانجليزية في الخارج أو في الداخل ستتقلص، وهذا يعني أن حظوظ التفاهم بين الشعوب ستزداد، وكذلك بين خريجي الجامعات الغربية وبين خريجي الجامعات المحلية، وهذا يؤدي الى تفاهم اكبر داخل المجتمعات العربية ذاتها». وأضاف: «وبالطبع فان لسقوط حاجز اللغة نتائج عديدة يصعب علينا الآن تخيلها كلها، لأننا بصدد ظاهرة جديدة. ولعلنا نتذكر حين عاد كولومبس من اميركا، قيل عندئذ انه اتجه غربا فعثر على اليابسة، لكن بعد أجيال كانت لاكتشافه آثار اكبر من اكتشاف اليابسة في الاتجاه غربا، ربما لا يكون لسقوط حاجز اللغة نفس اثر كولومبس على الجماعة البشرية وربما يكون اكبر من ذلك بكثير».

وأوضح الشارخ أن سقوط الحاجز اللغوي هو أحد نتائج العولمة التي تسير في اتجاه تحول العالم الى قرية واحدة كبيرة، مثله مثل الابتكارات الحديثة الأخرى كالهاتف النقال والفضائيات التي ساعدت على سهولة الاتصال بين البشر، أي ساعدت على تواصلهم وبذلك سهلت خلق قيم مشتركة بينهم، ومنها مثلا حقوق الانسان. وهذا لا يمنع سوء التطبيق، فسوء التطبيق شيء والظاهرة نفسها، أي العولمة، شيء آخر ونحن ضمن البشرية جزء من العولمة، وحبذا لو كنا فاعلين ومؤثرين في هذه الظاهرة وإن لنا في تطويرنا للتقنيات المتعلقة باللغة العربية للاستفادة من أنظمة الاتصالات والحوسبة الدولية جهدا فاعلا ومؤثرا ومستفيدا من العولمة. فالترجمة من العربية واليها تتيح للعرب ترجمة ما تنشره شعوب مختلفة على الانترنت أولا بأول وبدقة مفهومة، كما تتيح للعرب ترجمة انتاجهم للغات أخرى، وبذلك ندمج الجسم العربي ثقافيا بالعالم. ولا شك في ان سرعة الاندماج والتفاعل بالعالم هي الأساس لنمو العالم العربي الذي هو جزء من العالم الثالث المتخلف في التقنية ووسائل الانتاج.

ومعلوم انه تتوفر على الانترنت اليوم اكثر من مليار صفحة، متاحة لمن يريد الاطلاع عليها والاستفادة منها، وهذه ظاهرة جديدة توفر هذه الكمية من المعلومات واغلبها بالانجليزية من دون الانفاق على الورق والمطابع، وهي تكاليف عالية وظاهرة جديدة للبشرية فكيف يستفيد العالم الثالث منها؟ ومن أين لنا ببشر كافين لترجمتها؟ وقال الشارخ: «انها ظاهرة جديدة تحتاج الى خيال وعلم واستثمار لتطوير تقنيات لترجمتها آليا، وايصالها لشعوب العالم الثالث ومن ضمنهم العرب. أما اللغات التي لا يُستثمر في تطوير أدواتها، فلن تستفيد من التقنيات الدولية الحديثة، ومنها تقنية الترجمة الآلية، وسينتج عن ذلك ضمور استخدامها وتحولها الى لغة محلية محكية ليست ضمن اللغات الدولية الحية، فاللغات الحية هي تلك اللغات التي تستطيع ان تعيش حياة طبيعية على الانترنت، أي يماثل استخدامها على الآلة (الكومبيوتر /الانترنت) استخدامها في الممارسة الطبيعة للانسان من دون أي تطويع لها». واضاف «نحن نحتاج في التجارة الالكترونية للتعامل الطبيعي لغويا مع الكومبيوتر، لأننا لا نتعامل مع قراء ومتعلمين كما في النشر الالكتروني، بل نتكلم مع السواد الأعظم من الناس، ولتوسيع تعاملهم التجاري الكترونيا فانهم بحاجة للتخاطب مع الكومبيوتر باللغة الطبيعية. ومعلوم أن العرب يستوردون سنويا 200 مليار دولار، والترجمة من لغات أخرى واليها ستكون أحد متطلبات التجارة الالكترونية في المنطقة».

وختم الشارخ حديثه قائلا: «جدير بالذكر أن العرب مع العالم كتفا لكتف في هذه التقنية التي قام القطاع الخاص بالاستثمار فيها، وأملي أن يساهم هذا في تصحيح مفهوم شاع في البلاد العربية منذ الستينات، وهو أن القطاع الخاص عاجز عن اخذ مخاطر الاستثمار عموما وخاصة في التقنيات الحديثة، وبذلك تعطي الحكومات القطاع الخاص دورا اكبر في البناء والتنمية في المستقبل».