تقنيات مطورة لإرسال الأصوات الموجهة بسرعات فائقة

توظف في سماعات الكومبيوترات النقالة والتلفزيونات والحفلات الموسيقية والحروب

TT

من النادر ان ترى اختراعا فريدا من نوعه، يتسم بالعمق والبساطة في آن واحد، وقد استحوذ على مشاعر الناس الذين يختبرونه في غضون 15 ثانية فقط، خصوصا عندما يدركون بأنه سيغير حياتهم اليومية. ولكن هذا يحدث تقريبا مع كل شخص يخرج من شركة «أميركان تكنولوجي» بعد مشاهدته استعراضاً لاختراعها الجديد المسمى «هايبر سونيك ساوند» (الصوت الفائق السرعة، أو الفوق الصوتي).

الصوت الفائق السرعة هو موجات صوتية مركزة وموجهة، بحيث يعبر مسافات طويلة من دون أن ينتشر. وهذا الصوت الموجه ينحى الى التشابه في ميدان الصوت، مع شعاع الليزر الموجه الذي هو في نطاق موجات الضوء. وفي استعراض للاختراع، وجه موظف فني سماعة بحجم علبة على شخص يقف على بعد مائة ياردة (حوالي 90 مترا). وضمن وسط يعج بالضجيج الآتي من الطريق العامة، شغل الموظف صوت وقوع مكعبات ثلج في كأس. وبالنسبة للشخص المستمع، فانه سمع الصوت وكأنه يلبس سماعات رأسية. وهذا يختلف عن الصوت الصادر عن السماعات التقليدية. وإذا حدث ان خرج الشخص عن مسار الصوت، فانه لن يسمعه.

ومع أن هذه التقنيات لا تزال تبعد سنوات قبل دخولها العالم التجاري، فقد يستخدم الصوت الفائق السرعة في سماعات الكومبيوترات النقالة بحيث لا يسمع الصوت إلا الشخص المواجه للشاشة بينما لا يسمع الأشخاص المجاورون شيئا.

* تقنيات واعدة

* تحظى هذه التكنولوجيا بمشجعين من شركة «وول مارت» إلى «ماكدونالدز» و«فوكس» وشرطة لوس أنجليس وشركة «بروكتر أند جامبل» وسلاح البحرية الأميركي. وتجرب الشركات الصوت الفائق السرعة، في التلفزيونات والحفلات الموسيقية والمتاحف والحرب وبوابات المطارات.

وسوف يهز نمو سوق الصوت الفائق السرعة، صناعة السماعات التي كانت تبيع أشكالا مختلفة من نفس التكنولوجيا لمدة ثمانين عاما. وقد يكون أثر الصوت الفائق السرعة عليها مثل أثر المحرك النفاث على الطائرات ذات المراوح.

وكانت الفكرة خلف التكنولوجيا موجودة منذ عقود ولكن سماعات الصوت الفائق السرعة لم تكن أكثر من تجارب مخبرية، لأنها مكلفة ويصعب تحويلها الى منتجات . وكانت شركة «أ تي سي» أول من جعلها عملية. وتنبع تكنولوجيا الشركة من فكرة ودي نوريس، وهو مخترع قديم الطراز مثل توماس إيديسون أو بن فرانكلن، إذ انه لم يدخل الجامعة وإنما تعلم الإلكترونيات الأساسية أثناء خدمته في سلاح الجو.

ويدعي نوريس انه عالم مبتكر، وان له ميولا طبيعية للإلكترونيات. وكان له بعض الاختراعات الناجحة، إذ كان يعمل في الستينات على تكنولوجيا «مخطط الصدى» الذي باعه لشركة طبية قامت بتحويله للجهاز الذي يعطي الأمهات الحوامل أول صورة لاطفالهن. وفي الثمانينات صنع نوريس أول ميكروفون يلتقط صوت المستخدم من خلال الاهتزازات بعظام الرأس. وباع هذا الاختراع بمبلغ 1.5 مليون دولار وأصبح هذا الميكروفون الجهاز المستخدم في الهواتف الخلوية اليوم.

وأنشأ نوريس شركة «أ تي سي» في الثمانينات كوسيلة لتسويق اختراعاته. وفي عام 1995 بدأ بالعمل على مشروع الصوت الفائق السرعة. وحصل على الفكرة من التلفزيون الملون. ولأن شاشة التلفزيون الملون لها ثلاثة ألوان فقط ولكنها تخدع العين، وتجعلها ترى ألوانا أخرى بخلط الألوان الثلاثة هذه في الهواء، عندما ينتقل الضوء من الشاشة للعين. فإن هذا جعل نوريس يعتبر تطبيق نفس المبدأ على الصوت.

تركيز الصوت وكان نوريس يعرف أن الموجات فوق الصوتية تستطيع الانتقال لمسافات أطول وتظل مركزة مقارنة بالموجات الاقل ترددا. ووجد نوريس طريقة يجعل بها الموجات فوق الصوتية تحمل معلومات عن الصوت. وعندما تواجه الموجات عائقا مثل جسم صلب أو شخص فانها تبطئ، وتختلط. والنتيجة أن الموجات فوق الصوتية تولد الصوت الأصلي في الهواء حول الجسم ولذا يستطيع الشخص أن يسمعه. ولذلك يبدو صوت من سماعة، صوت فائق السرعة وكأنه بجانب الشخص لأن الصوت يتكون بجانب الشخص. وإذا خرج الشخص عن مسار الصوت فلن يسمعه.

ولميزة خلط الأمواج في الصوت الفائق السرعة أثر آخر. إذا صوبت صوتا فائق السرعة على جسم صلب مثل الجدار، فان الموجات تختلط عند الجدار. وإذا وجهته على جدار خلفي فيبدو أن الصوت خارج من الجدار الخلفي.

والميزة الرئيسية للصوت الفائق السرعة هي قدرته على تركيز الصوت. والموجات فوق الصوتية لا تنتشر متباعدة وإنما تستمر بحركتها، ولذلك يمكن لصوت من سماعة صوت فائق السرعة، أن ينتقل مسافة 135 مترا من دون أي تشويش أو خسارة في الصوت، بينما لا يسمع أي شخص خارج المسار شيئا.

وتعمل السماعات التقليدية بشكل مختلف إذ ترسل صوتا بموجات صوتية مسموعة تنتشر بسرعة وتملأ الغرفة وتضعف كلما بعدت عن موقع اطلاقها. وتقوم البحرية الأميركية بتجربة الصوت الفائق السرعة على متن حاملة طائرات، حيث يمكن لضجيج الطائرات النفاثة أن يغطي على الأوامر التي تبث من السماعات. وتدرس فرق الشرطة قدرة هذه التكنولوجيا على توجيه الصوت نحو جدار بعيد إذ قد يستخدمون هذه الميزة لتوجيه الصوت على جدار بعيد ليخدعوا المجرمين ليقوموا بالاقتحام من منطقة أخرى.

وفي المستشفيات يمكن لتلفزيونات الصوت الفائق السرعة أن تمكن مريضا من مشاهدة التلفزيون من دون إزعاج من معه بالغرفة. وكما يحصل الصوت الفائق السرعة على المناصرين له، تحاول شركة «أ تي سي» أن تتاجر به. وانفقت الشركة السنوات السبع الماضية 44 مليون دولار وهي تطور بالتكنولوجيا.

وبدأت الشركة بتسويق نوعين آخرين من تكنولوجيا الصوت بما فيها الصوت المكثف الموجه التي يمكنها أن تولد موجات صوت مكثفة يمكنها أن تفقد شخصا ما وعيه. وأعربت وزارة الدفاع عن اهتمامها بهذه التكنولوجيا. ولا يشك أحد في أن هذه التكنولوجيا ستنجح. ونظرا للحماس التي بينته شركات مثل «سوني» وغيرها، سيدخل الصوت الفائق السرعة شتى أنواع المنتجات. ومن الأمثلة على الاستخدامات المحتملة هو تغيير الصوت التي تنتجه الإشارات الضوئية المستخدمة عند تقاطع المشاة حتى يعرف العميان أنهم قطعوا التقاطع وأصبحوا على الرصيف عندما لا يسمعون الصوت.