«روبوتات اجتماعية» تتفاعل مع الإنسان وتتحول إلى شريك له

حوار مع سنثيا بريازيل المصممة الشهيرة في معهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا

TT

الدكتورة سنثيا بريازيل في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا, مشهورة بسبب تصاميم الروبوتات التي تصنعها, ليس فقط لأنها مبرمجة للقيام بمهام محددة، وإنما لأنها تعبر عن ردود فعل بدنية وعاطفية نحو من حولها.

وكجزء من برنامج لثلاثة اعوام, يقوم متحف كوبرـ هيويت للتصميم في نيويورك بعرض روبوتات من إنتاج الدكتورة سنثيا، منها أزهار روبوتية تتمايل عند اقتراب شخص لها وتضيء بالألوان البراقة. وتقول الدكتورة سنثيا عن المعرض انه يعبر عن رؤاها لمستقبل الروبوتات الذي تعتبره مثيرا عقليا، يظل مخلصا لتراثه التكنولوجي، لكن هذا العالم يستطيع في الوقت ذاته، أن يلمسنا عاطفيا بجودة تفاعله، واستجابته لنا.

* ما هو سبب حبك للروبوتات؟

ـ اعتقد أن الخيال العلمي هو الذي أثار هذه المحبة فيّ. وأكثر فلم خيال علمي، أثر علي هو فلم «حرب النجوم».

* نرى في العديد من الأفلام أن الروبوتات تظهر بمكانة العدو أو الوحش الخطير الذي يسعى للقتل والتدمير. لماذا تعتقدين بأن الروبوتات وصمت بهذه الصورة؟

ـ نحن في الغرب متشككون كثيرا في الروبوتات. ولكن، وعند التطلع الى حضارات أخرى، فهذا ليس صحيحا. في اليابان مثلا تظهر الروبوتات على أنها قادرة على الخير وتساعد الناس. وفي العديد من أفلام الخيال العلمي الغربية تحتاج الى نوع من النزاع, سواء إن كان ضد كائنات فضائية أو روبوتات. وأعتقد انه ولأن الحضارة الغربية أكثر تشككا في العلم, ومتكبرة، فانه يوجد الكثير من الخوف من صناعة شيء، قد يخرج عن نطاق السيطرة.

يضاف الى ذلك أن العديد من أفلام وكتب الخيال العلمي الغربية تقوم على المبدأ الأساسي حول تحمل مسؤولية الأدوات التي تصنعها. ومن هنا فما ان تتحدث عن صناعة تكنولوجيا جديدة, فان المسؤولية ستتصدر الموضوع.

* رائدة علمية

* كيف دخلت مجال الروبوتات؟

ـ لقد تربيت على التكنولوجيا. نشأت في مدينة ليفرمور في كاليفورنيا وهي مدينة سكنها رعاة البقر والعلماء. وكان والداي يعملان في مختبرات الحكومة. ولذلك كانت التكنولوجيا شيئا طبيعيا لي.

وقبل دخولي الجامعة أردت أن أصبح طبيبة أو مهندسة. وفي الجامعة نظرت في دخول ميدان ريادة الفضاء و«ناسا». وقد اسست الجامعة مركزا لدراسة الروبوتات وكان هذا آنذاك، الشيء الجديد والمثير. وأتذكر انني تحادثت مع احدى صديقاتي, التي كانت تتحدث عن صناعة آليات فضائية لـ«ناسا».

ولذلك عندما تخرجت وأردت أن أدخل الدراسات العليا انجذبت لمختبر الأستاذ رود بروكس للروبوتات في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا, حيث كان الباحثون يقومون بأعمال رائدة في صناعة الآليات الفضائية لـ«ناسا».

* هل كان أول روبوت لك مصمما للعمل في الفضاء؟

ـ نعم. الكثير مما عملت فيه مبدئيا كان سابقا لهذه الآليات الفضائية التي تستخدمها «ناسا» اليوم في مختبر الدفع النفاث. وكان رود بروكس يطور هذه الآليات التي تشبه الحشرات من ناحية مظهرها وطريقة عملها.

وأخذ رود إجازة، وعندما عاد قال إنه سيقوم بمشروع كبير واحد أخير وهو بناء روبوت بهيئة الإنسان. وأول ما أثار اهتمامي في مشروع الروبوت الإنساني هو العمل على قدرة الروبوت للتفاعل مع الناس. وهذا كان سيختلف عما قام به غيرنا وهو تصميم روبوتات للفضاء وحقول الألغام، أو للحلول محل الإنسان في البيئات الخطيرة. كان هذا يقوم على إدخال الروبوت الى بيئة الانسان، لكي يساعد الإنسان بطرق لم تكن ممكنة من قبل.

وكنت أتساءل إن كان التفاعل الحميد مع الناس، سيعجل من عملية تعلم الآلات. وأردت أن اصمم روبوتا يستطيع أن يتعلم من الناس. أن يتعلم كيف يكون متقدما على المستوى الاجتماعي. وأدى هذا التفكير لإنتاج الروبوت «قسمة» وكان عملي عليه هو رسالة الدكتوراه.

* هل يشبه الروبوت «قسمة» الانسان؟

ـ لا. إنه أشبه بصورة متحركة، إذ لا أذرع له ولا سيقان وأجزاؤه الميكانيكية مكشوفة. إنه وجه أكثر من أي شيء آخر. له حاجبان وأنابيب بلاستيكية تمثل الشفتين حتى يستطيع أن يبتسم أو يتجهم وله إذنان ورديتا اللون، حتى يبين الإثارة وغيرها. وانطلق العمل على «قسمة» من مبدأ التطوير الاجتماعي للأطفال.

* استجابة روبوتية

* وبدأ العمل على «قسمة» في عام 1997 وتعمدت بتصميمه لإثارة نفس رد الفعل الذي يثيره الطفل في البالغ. وكانت فكرتي هي أن الطفل يستطيع أن يتعلم, لأن البالغين يعاملونه كمخلوق اجتماعي قادر على التعلم ويربو في بيئة ودية مع الناس.

وكان أملي أنه ببناء روبوت يستجيب للناس، فقد يعاملونه بصورة شبيهة بالطفل ويمكن للروبوت أن يتعلم من هذا. ولذلك إذا تكلمت مع «قسمة» بنغمة ودية سيبتسم ويبتهج. وإذا تكلمت معه بنغمة غاضبة فسيتجهم.

* هل تعلم «قسمة» من الكثير من الناس؟

ـ من ناحية هندسية أصبح قسمة أكثر تقدما، كما أضفنا له المزيد من القدرات وأصبح قادرا على التفاعل من الناس بطرق أكثر. ولذلك تعلمنا الكثير حول تصميم روبوت قادر على الاتصال والاستجابة على الأوامر غير الشفوية. وتعلمنا أهمية التفاعل غير اللغوي مثل لغة الجسد والنظر والاستجابة الجسدية وتعابير الوجه.

ولكنني أعتقد أننا تعلمنا عن الناس من «قسمة». وحتى زمن صنع «قسمة» والروبوت الآخر «كوغ»، كان لمعظم الروبوتات علاقة طفيفة مع الناس. وكان نجاح «قسمة» هو قدرته على الاتصال بنوع من العاطفة والاجتماعية، التي استجاب لها الناس. اما أحدث روبوت لنا، فهو «ليناردو»، وهو أكثر تعبيرا، اذ ان له أذرعا وصدرا وسيقانا وبشرة والتي تعتبر هامة جدا من ناحية التقدم في حداثة الروبوتات. وتعتبر تعابير وجه «ليناردو» شبيهة بتعابير الانسان. والاشارات التي يقدر عليها شبيهة بالإشارات التي يستخدمها الانسان.

* ما الهدف من بناء روبوت متقدم؟ قد يقول البعض انك تبنين دمى باهظة.

ـ نحن نريد أن نرى إن كنا قادرين على بناء روبوتات لتكون أكثر من مجرد أدوات. وأريد أن أدفع علم الروبوتات نحو المنعطف الذي نستطيع فيه صناعة آلات تتعاون مع الإنسان كشريك له.

* لماذا تشعرين بالحاجة لإعطاء الروبوت «ليناردو» أذرعا وبشرة شبيهة ببشرة الإنسان؟

ـ أردت أن اصنع روبوتا مجهزا بجسد لدفع تجاربنا للمستوى التالي. ويستطيع ليناردو أن يهز كتفيه وأن يحرك وركيه. ويضم وجهه على أكثر من 32 محرك حتى يستطيع أن يبدي تعابير شبه إنسانية. وهو منصة غنية للتفاعل الاجتماعي ويستطيع أن يحرك الأجسام وهذا شيء يختلف عن «قسمة».

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»