جدال علمي في أميركا حول أولويات تطوير كومبيوترات عملاقة

المطالبة بتطوير نظم عملاقة بديلة لتخزين المعلومات السريعة في ظروف الانفجار المعلوماتي * تطوير الكومبيوتر الياباني العملاق أثار مخاوف الأميركيين ودفعهم إلى الاهتمام المتزايد بتطوير مراكز الكومبيوترات العملاقة

TT

قامت الحكومة الأميركية لأكثر من عقدين بدعم مراكز متقدمة تضم أسرع الكومبيوترات العملاقة في العالم. واستندت هذه السياسة إلى الافتراض بأن أموال الحكومة فقط هي الوحيدة القادرة على ضمان توفير القدرات الكومبيوترية التي يحتاجها العلماء، للمباشرة بتنفيذ مشاريع كبرى مثل محاكاة حركة الهواء حول جناح طائرة نفاثة، أو تقليد أسلوب ثني البروتينيات في الخلية، أو صنع نموذج لمناخ العالم.

ولكن عالمين أميركيين يتحديان الآن هذه السياسة، اذ يجادلان بأن من الأفضل إنفاق الأموال الفيدرالية مباشرة على فرق ابحاث علمية محددة، أي الفرق التي تعتبر من أكبر مستخدمي الكومبيوترات العملاقة، وذلك بتحويل التمويل نحو انشاء نظم تخزين الكميات الهائلة من المعلومات، عوضا عن بناء كومبيوترات فائقة السرعة.

ويعتبر الابتكار في تقنيات تخزين المعلومات أكثر تقدما منه حاليا في ميدان تطوير قدرات المعالجة بالكومبيوتر. وهذا ينذر بعصر ستصبح فيه كميات المعلومات الرقمية العنصر الأهم في البحث العلمي. وقدم العالمان، وهما الدكتور جوردون بيل وجيم جاري في مركز بحوث «مايكروسوفت»، رأيهما المثير للجدل، الشهر الماضي في اجتماع لمجلس علم الكومبيوتر والاتصالات في جامعة ستانفورد. ويأتي تحدي السياسة هذا، في وقت يجري فيه نقاش هادئ بين خبراء في مجال الكومبيوتر في القطاعات العلمية والصناعية والعسكرية، حول مستقبل الكومبيوترات العملاقة.

في شهر فبراير (شباط) الماضي نشرت هيئة استشارية في مؤسسة العلم القومية حول البنية التحتية الإنترنيتية، تقريرا يطالب بإنفاق أكثر من مليار دولار سنويا لرفع أداء القدرات الكومبيوترية الحالية. كما نادت دراسة اخرى قامت بها عدة دوائر عسكرية في شهر أبريل (نيسان) الماضي بإنفاق ما بين 180 و390 مليون دولار سنويا لمدة خمس سنوات لتحديث الكومبيوترات العملاقة لشتى الاستخدامات العسكرية.

وأضاف علماء الكومبيوتر أن بناء الكومبيوتر الياباني العملاق، الذي يعتبر أسرع كومبيوتر من نوعه في العالم، أثار الخوف في بعض دوائر الحكومة الأميركية امما حدا ببعض المسؤولين الى الدعوة لتوفير المزيد من الموارد لمراكز الكومبيوترات العملاقة الموجودة في كل من مدينة بتزبيرغ وفي جامعة إلينيوي وفي جامعة كاليفورنيا. ومهما كان القرار الذي تتخذه الحكومة الأميركية فسيكون له الأثر الكبير في مجال الكومبيوتر.

وكان القرار المتخذ في عام 1985 لبناء مجموعة مكونة من خمس كومبيوترات عملاقة موصولة مع بعضها البعض بواسطة شبكة بسرعة 56 كيلوبت بالثانية دافعا ضخما لتطوير الإنترنت العملاقة السرعة الحديثة.

ويقول الدكتور لاري سمار وهو عالم فلكي فيزيائي إن الدكتور بيل وجاري كانا على حق حول نزعة تكنولوجيا تخزين المعلومات، وأن دور كومبيوترات الدولة العملاقة سيتحول إلى أرشيف ضخم. وتمكن سرعة الشبكات المتزايدة من توزيع المهام الكومبيوترية. وبينما كان الجيل الأول من الكومبيوترات العملاقة مقتصرا على تمثيل عمليات فيزيائية ذات كميات معلومات قليلة نسبيا، فان الزيادة الهائلة في تكنولوجيا تخزين المعلومات أدت الى تنشيط العلم التجريبي. ويصف كل من الدكتور بيل والدكتور جاري أسلوبهما بأنه معلوماتي المحور، وأنه ومع إعادة كتابة بعض البرامج الموجودة، يمكن الحصول على معالجة أقوى بالاعتماد على «كتل» (اي مجموعات) من الكومبيوترات الشخصية الرخيصة تعمل على نظام تشغيل «لينوكس». ويقوم العديد من العلماء بتحويل تجاربهم لتعمل في شبكة من الكومبيوترات المتوازية المعروفة باسم بيولفس Beowulfs التي توفر قدرة معالجة عالية بتكاليف متدنية.

ولاقى إدعاء بيل وجاري بعض التشكيك من مراكز الكومبيوتر العملاق. ويقول الدكتور هورست سيمون وهو مدير مركز الكومبيوتر العلمي لبحوث الطاقة، إن الزيادة في كميات المعلومات العلمية التي ينتجها المجتمع العلمي، ستزيد من أهمية مراكز الكومبيوتر العلمي. وأضاف أن باحثي المشاريع العلمية تلجأ لمركز الكومبيوتر للاستفادة من الإدارة المحترفة والدعم الفني المتوفر لدعم تجاربهم.

* خدمة نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»