انطلاقة فضائية دولية جديدة لدراسة القمر

روبوتات ومسابر آلية لجمع عينات من حوض القطب الجنوبي للقمر المليء بالألغاز

TT

* البحث عن الماء والجليد والمعادن في القمر ودراسة سبل تطويره بهدف بناء مستوطنات بشرية على سطحه أينما ننظر نجد القمر امام وجهنا. و«سيزداد وجود القمر بيننا» خلال هذا العقد نتيجة زيارة رواد آليين له, لأن الوقت قد حان كما يبدو للعلماء لاجراء دراسات معمقة لهذا التابع الارضي المليء بالألغاز. وتستعد الولايات المتحدة واوروبا واليابان, وكذلك الصين والهند لارسال مهمات فضائية لدراسة القمر بشكل اكثر عمقا من مهمات القرن الماضي.

وجددت وكالة الطيران والفضاء الاميركية «ناسا» أفكارها حول الذهاب للقمر, حيث طلبت حديثا من فريق من العلماء البدء بتقديم عروض لإرسال روبوتات للقمر للقيام بالحفر وتجميع العينات وإعادتها للأرض. وإذا تمت الموافقة على ما سمي برنامج تجميع عينات من حوض أيتكن للقطب الجنوبي للقمر فقد نرى فرقا من رواد الفضاء «تثير الغبار» على سطح القمر قريبا.

في السنة الماضية نشر مجلس البحث القومي الأميركي نتائج دراسة حول النظام الشمسي. وفي لائحة للمهمات التي اعتبرت ذات اولوية، قدمت توصية بزيارة حوض القطب الجنوبي للقمر. ويعتبر حوض القطب الجنوبي من ناحية طبقاته، أقدم وأعمق حوض على القمر. وتوجد على القمر قشرة بازلتية انفصلت عن طبقة أكثف قبل 4.4 مليار سنة. ولذلك يعتبر القطب الجنوبي ضخم الحجم لدرجة أن مناطق فيه تكشف عن أجزاء من طبقات القمر الدنيا.

* دراسة القمر وباعادة عينات المواد المجمعة من حوض القطب الجنوبي نحو الارض، يأمل العلماء قياس تاريخ النظام الشمسي الداخلي، والتعرف على تكوين طبقة القمر العليا بالإضافة الى الحصول على معلومات حول تاريخ منظومة الأرض ـ القمر القديمة.

واستجابت «ناسا» للدراسة من خلال نشرها مسودة للائحة بالمسابر والروبوتات الفضائية الجديدة. وطلبت بنود اللائحة من العلماء أن يقدموا أفكارهم لمهمة تجميع العينات من حوض القطب الجنوبي للقمر. واستعرض مخطط لهذه المهمة عملية إرسال روبوت مجهز بمعدات علمية ليحصل على عينات متفرقة وأن يعود حاملا حوالي كلغم واحد من العينات. ومن الأفكار الأخرى التي نوقشت إرسال روبوتين يهبطان في موقعين مختلفين على السطح وجمع عينات من هذين الموقعين ثم العودة للأرض.

ويعمل المهندسون والعلماء على وضع طرق يستطيعون فيها إنجاز هذه المهمة ضمن ميزانية قدرها 650 مليون دولار. وتعتبر العودة للقمر فرصة للاستمرار من مهمة «أبولو» وغيرها. ومع أن الإثارة حول ما يمكن إيجاده على سطح القمر قد بهتت, الا ان العودة تعني تجديد دراسات علمية مثيرة سابقة. وتعتبر عملية إعادة عينات قمرية بواسطة الروبوتات هامة جدا، إذ أصبحت العمليات التحليلية متقدمة لدرجة أن العينات المطلوبة لا تحتاج أن تكون بحجم أكبر من حجم حبة الدواء. ويشير موقع «سبيس كوم» الانترنتي الفضائي الى ان قرارات «ناسا» وميزانياتها، ترجح المباشرة في مهمة روبوتية نحو القمر بحلول عامي 2009 - 2010. ومن مزايا الاطلاق الى القمر انه لا توجد هناك نافذة إطلاق واحدة يجب الالتزام بها. أما الألغاز التي تحيط بحوض القطب الجنوبي، فهي وجود مواد ثمينة في طبقة الحوض. ويقول بيتر شولتز وهو عالم بجيولوجيا الفضاء انه يجب استهداف حوض القطب الجنوبي واستكشافه، فهو محاط بالغموض.

عند انتهاء برنامج أبولو في عام 1972، بدا أن القمر أصبح محظورا للزيارة حتى ارسال مهمة «كليمنتاين» التي نفذتها وزارة الدفاع الاميركية في عام 1994، ثم مهمة «بروسبكتور» في عام 1997. وسيصبح القمر محتشدا نظرا لعدد المهمات التي ستزوره. ومن هذه المهمات مهمة وكالة الفضاء الأوروبية التي ستجرب الدفع الكهروشمسي وتكنولوجيات فضائية أخرى بينما تقوم بدراسات على القمر. وستقوم مجموعتها من الأدوات العلمية بمعالجة معظم المجهولات القمرية المحيرة، بما فيها تكون القمر والبحث عن الماء والجليد ودراسة تكوين معادن القشرة القمرية. وبالإضافة لأوروبا تجهز اليابان عدة مهمات قمرية، يضاف اليها الصين والهند. ولن ينتفع ميدان علوم دراسات علوم القمر من تحليل العينات القمرية الجديدة فقط، وإنما سيزداد فهم العلماء لتكون الكوكب وطبيعة ارتطام النيازك الضخمة به اضافة الى العمليات الكونية الأخرى المرتبطة بالقمر. اما الصورة الكبرى لاستكشاف القمر فتظل الحاجة لوضع رؤية دولية حول مستقبل القمر. ويجب فتح المناقشات حول كيفية تطوير القمر، وكيف يمكن للإنسان أن يسكن ويعمل عليه.