البيوت البيئية المعزولة تعزز أمراض الحساسية

النوافذ المحكمة والأبواب العازلة تكبح تيار الهواء اللازم لمنع نمو عفن الفطريات المنزلية

TT

يزداد ميل الناس هذه الأيام إلى البيوت البيئية الحديثة التصميم التي تقتصد بالطاقة على غرار ما يحدث لهم مع السيارات البيئية. إلا أن دراسة ألمانية جديدة رصدت علاقة بين هذه التصاميم المعاصرة ونمو حالات الحساسية التي يعاني منها سكان هذه البيوت وخصوصا الحساسية من غبار المنازل ومن عفن الفطريات وغيرها.

وعموما يميل الإنسان في أوروبا اليوم إلى تغيير نوافذه القديمة حال شعوره بأنها تسرب الهواء والطاقة، ليستبدلها بنوافذ جديدة محكمة وجيدة العزل. ويبدو أن من يفعل ذلك لا يستبدل سوى خلل بخلل آخر, لأن النوافذ المحكمة والجيدة العزل تكبح «تيار الهواء اللازم» لحفظ نقاء جو الغرف ومنع نمو عفن الفطريات فيها. والعزل المحكم يعني أيضا ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة في الغرف، وبالتالي توفير أفضل شروط نمو وبقاء الفطريات.

وذكر الباحث كلاوس سيدلباور من معهد فراونهوفر لفيزياء البناء, أن ارتفاع درجة الرطوبة في أية غرفة إلى 80% لمدة ست ساعات في اليوم يكفي لتوفير أفضل أجواء نمو العفن والفطريات. وأكد سيدلباور أمام مؤتمر معهد السموم والصحة البيئية في ميونخ أن هذا يسري أساسا على البيوت البيئية التي تصمم لتقليل إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون عن طريق تبطين جدرانها بـ«الستايروبور» والصوف المعدني وما إلى ذلك.

أن قلة تهوية البيوت الحديثة وانعدام التيار فيها يعني نمو الفطريات والعفن في كافة الأركان وركوبها جزيئات الغبار المنزلي وصولا إلى رئات سكان الدار. وأشار سيدلماير إلى دراسة أجراها المعهد تشي بأن الغرام الواحد من غبار المنازل المبتلاة بالعفن محمل بنحو 3.2 مليون بوغ من أبواغ الفطريات. ويعرف الطب نحو 100 ألف نوع من أنواع العفن والفطريات التي تعيش على غبار المنازل وتنتقل إلى رئات البشر وتتغلغل عميقا في الأنسجة حسب حجم أبواغها. وعدا عن كون الفطريات أكبر مصدر للحساسيات التنفسية عند الإنسان فإنها مصدر خطر على المعانين من ضعف المناعة حيث يمكن أن تتسبب لهم بالتهابات فطرية مزمنة.

وتكشف دراسات دائرة البيئة الاتحادية أن تطبيق قانون تقليل هدر الطاقة لعام 1995 قد أدى إلى تقليل إطلاق غاز ثاني أوكسيد الكربون، من حرق الخشب والوقود والفحم، إلى الثلث. إلا أن دراسة من جامعة فريدريش شيللر في مدينة ينا (شرق) تكشف بدورها أن أمراض الحساسية التنفسية قد تضاعفت أيضا في نفس الفترة. وتقول الدراسة إن نحو 15 مليون ألماني يعانون من مشاكل العفن في منازلهم البالغ عددها نحو 7 ملايين كمعدل.

وتظهر إصابات العفن في البيوت بشكل بقع ملونة داكنة على أوراق الجدران وعلى ستائر الحمام. وطبيعي فإن الغرف الأكثر رطوبة مثل الحمامات والمراحيض والمطابخ أكثر عرضة من غيرها للإصابة. وتعتبر الفطريات والعفن من الجراثيم المقاومة للظروف حيث يمكنها العيش في أجواء الغرف بين درجتي 2 تحت الصفر و55 مئوية. ويمكنها أن تعود إلى الحياة رغم مقاومتها مبيدات الفطريات بعد اشهر قليلة إذا توفرت الظروف الملائمة.

واستشهد سيدلهايمر بموت عدة باحثين اوروبيين في مصر عام 1922 بسبب حفريات قبر توت عنخ آمون. والمعتقد أن هؤلاء العلماء، ومات بعضهم في الحال بسبب تفاعل مناعي قوي، لقوا حتفهم بسبب عفن سام استطاع أن يعيش دون هواء في القبر، لعدة آلاف من السنين.