نظام سونار مطور لرسم قاع البحار على أعماق بعيدة

يمسح المواقع عن بعد بواسطة مركبة تحت مائية مجهزة بالكاميرات والمعدات الأخرى

TT

هناك شكل جريء من اشكال استكشاف الأعماق، يتجسد على شكل غطاس يحمل منشارا آليا يقص هيكل سفينة بحثا عن الذهب المخبأ فيها. لكن هناك ايضا، شكل آخر لعلماء الآثار الباحثين عن الكنوز في الاعماق، الذين يريدون استكشاف المواقع الغارقة، مع احداث أدنى ضرر ممكن، ورسم خرائط مفصلة تبين التغييرات الدقيقة، في نفس الوقت الذي تتم فيه إزالة التحف الأثرية من مواقعها بعناية متناهية.

يقف الدكتور ديفيد منديل، الأستاذ في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في صف علماء الآثار هؤلاء. وهو يقوم بوضع اللمسات النهائية على آخر ابتكار له لمساعدتهم على القيام بعملهم بشكل أكثر دقة، وهو نظام «سونار لاسلكي» يمكنه رسم قاع البحر على مسافة آلاف الأقدام تحت السطح، حيث لا يستطيع الغطاسون أو معدات نظام تحديد الموقع العالمي الوصول اليها.

ويتم وصل جزء من الجهاز بكومبيوتر نقال. ووفقا للمعلومات التي يعرضها الجهاز على الشاشة فإن منديل يعتبره أنه صالح للاستخدام فعلا. وعاد منديل من تجربة للجهاز في مياه خليج هاتيراس في ولاية شمال كارولينا، حيث غرقت سفينة مونيتور في عام 1862 وبقيت هناك حتى اكتشافها بعد قرن كامل. ولقد نجحت التجربة هناك.

وفي غضون شهر سيتوجه نحو البحر الأسود، ثم البحر المتوسط ليستكشف ضمن مواقع أخرى، بقعة بالقرب من ساحل إسرائيل بالقرب من عسقلون حيث غرقت سفينتان فينيقيتان في عام 750 ق.م عند عمق 1300 قدم. وسينضم منديل لبعثة استكشافية كبيرة تتكون من علماء الآثار والمهندسين بقيادة روبرت بالارد المعروف باكتشافه لحطام سفينة التايتانك في عام 1985. وسيتم وضع جهاز منديل على قاع البحر بالقرب من مواقع حطام السفن. ويمسح الموقع عن بعد، بواسطة مركبة تحت مائية مجهزة بالكاميرات والمعدات الأخرى. وسيوفر نظام السونار شبكة الكترونية دقيقة للبحث عن أجزاء السفينة وغيرها، شبيهة بشبكة الخيوط التي يضعها علماء الآثار على موقع آثار. ويعتبر علم الآثار تحت الماء مجالا حديثا، يدمج بين علم الآثار والتطويرات الهندسية التي تمكن من العمل في أماكن لا يستطيع الإنسان أن يصلها بواسطة معدات يتحكم فيها عن بعد. ويبدوأن هذا المجال يلائم الدكتور منديل وهو مؤرخ تكنولوجي ومهندس، وقد اتبع تخصصا يدمج بين الهندسة والفنون الحرة عندما درس الهندسة الكهربائية واللغة الإنجليزية في جامعة ييل.

* سونار مطور يتكون نظام السونار من صندوقين محكمي الإغلاق يخرج من كل منها ميكروفونات تماثلية وسماعات تستقبل وترسل النغمات. وداخل الصناديق توجد مكبرات لتقوية الإشارة، تم تعديلها للمياه المالحة، ورقيقة معالجة إشارات رقمية. وتوفر البطاريات الطاقة والتوازن.

ولبدء عملية الاتصالات يتم إنزال مرشدين لاسلكيين يوضعان على جانبي الحطام. ثم يتم وضع مرسلة ومستقبلة على آلية تحت مائية تعمل بالتحكم عن بعد، تحوم فوق الحطام. وتقوم الآلية بإرسال نغمة للمرشدين، اللذين يعكسان النغمة. ويتم قياس الفترة الزمنية لاحتساب المسافة.

وتقوم المركبة الآلية بالسباحة ذهابا وإيابا ضمن خطوط متوازية متقاربة، وتصور الأجسام على القاع وتحدد موقعها على الشبكة. وسيحضر الدكتور منديل جهازا لرسم ما يوجد تحت القاع، وهو قائم على عمل السونار، ويرسل موجات فوق صوتية ترتد اليه بعد انعكاسها عن الترسبات على قاع البحر، ليكشف ما يقع تحتها مثل التحف الأثرية.

وهذا هو الجهاز الذي تأمل سارة ويبستر أن تستخدمه في البعثة. وتعمل سارة وهي من تلاميذ منديل، على روبوت سيقوم بحفر مواقع البعثة. كما تصمم أيضا أدوات ستقوم برفع التحف الأثرية ونقلها. وسيكون الدكتور لورنس ستيجر وهو أستاذ بعلم الآثار في جامعة هارفارد ضمن الفريق بمنصب مسؤول الحطام في عسقلون. ويعتقد أن هاتين السفينتين من العصر الحديدي غرقتا هناك. وأقدم ما تم اكتشافه منها في البحر جزء من قافلة بحرية تحمل 11 طنا من النبيذ في جرار فخارية.

ويقع العديد من هذه الجرار على قاع البحر يحميها عمق 1300 قدم. ووفقا لصور من جهاز السونار الذي استخدم في رحلة سابقة، ان العديد من التحف الأثرية تقع تحت التربة.

ويخترق السونار التربة بنبض فوق صوتي قوي مرتين في الثانية، ويتم عكس الإشارات الصوتية وتحويلها إلى صور. ويمكن لهذه النبضات أن تخترق لعمق ست أقدام من التربة وهذا مفيد للكشف عن وجود التحف. وستتم مقارنة هذه الصور الصوتية مع نتائج فعلية من الحفريات، لقياس دقتها.

* خدمة نيويورك تايمز:

خاص بـ«الشرق الأوسط»