بعد أكثر العمليات الجراحية جرأة في تاريخ الطب الحديث: وفاة التوأمتين الإيرانيتين

جراحة استثنائية لفك تشابك المخين والأوعية الدموية لم تنجح في الحفاظ على حياتهما بسبب نزف الدم

TT

اعلن في سنغافورة امس عن وفاة الشقيقتين التوأمتين الايرانيتين بعد فشل الاطباء في الحفاظ على حياتهما بعد اجرائهم لاول عملية من نوعها في العالم لفصل توأمين سياميين بالغين ملتصقين في الجمجمة. وكان فريق دولي من امهر الجراحين قد اجرى عملية الفصل لفترة امتدت 53 ساعة على التوأمين الايرانيتين لادان ولالي، البالغتين من العمر 29 عاما. واعلن مستشفى «رافلس» في سنغافورة امس (الثلاثاء)، اولا عن وفاة التوأم الاولى لادان، ثم وبعد ساعة ونصف الساعة، عن وفاة شقيقتها التوأم الثانية لالي.

وضم الفريق الطبي، الذي يقوده الجراح السنغافوري كيث غوه، 28 طبيبا متخصصا و100 من المساعدين، حاولوا فصل انسجة متشابكة بشدة داخل المخ، واوعية دموية. وقال بيان المستشفى ان «التوأمتين فقدتا كمية كبيرة من الدماء، وكانتا في حالة حرجة مع اقتراب العملية من نهايتها». وعندما توفيت لادان قبل شقيقتها في وقت سابق امس، قال الطبيب بريم كومار ناير المتحدث باسم المستشفى وسط نحيب مئات من اصدقائهما المحتشدين في المستشفى «رغم ان الفريق الطبي بذل كل ما في وسعه توفيت لادان بيجاني».

وكانت لادان تأمل ان تكون لها حياتها المستقلة كمحامية في بلدتها شيراز، في حين قالت لالي قبل الجراحة انها تريد ان تعمل صحفية في طهران. وتخرجت الفتاتان في كلية الحقوق. وانهار عشرات من اصدقاء الاسرة وانفجروا في البكاء في المستشفى. ويولد توأمان ملتصقان عند الرأس مرة في كل مليوني مولود، ويندر نجاح جراحات الفصل.

عملية فريدة وبعدما بدأت الجراحة، التي اطلق عليها اسم «عملية الأمل»، يوم الاحد الماضي فتح الاطباء الجمجمة المشتركة للشقيقتين وقطعوا شريحة من جمجمة كل منهما، ولكن اتضح ان العظم سميك جدا، مما عطل الجراحة. وجاهد فريق الجراحين بعد ذلك لتغيير مسارات الاوعية الدموية من مخ التوأمتين الى قلب كل منهما، ثم بدأ خمسة جراحين في مهمة صعبة للغاية هي فصل المخين بمعدل ملليمتر تلو الاخر. وكانت حالة لادان اكثر خطورة بعد زرع شريان في حجم الاصبع في مخها بعدما اقتطع من فخذها.

وكان الأطباء قد أعلنوا في وقت مبكر من نهار أمس أن الجراحة قد تأخذ وقتاً أطول مما كان يتوقع، مع صراع الجراحين لتنظيم مستوى ضغط الدم غير المستقر، مع قيامهم بمنتهى الدقة بفصل دماغي الفتاتين الملتحمين وذكروا انهم لدى تعاملهم مع عظام الجمجمتين، وجدوا ان الدماغين بدا ملتحمين بشكل قوي مع بعضهما، لذا فان عملية فصلهما ستأخذ وقتاً أطول. وظهر الاطباء في غرفة العمليات يصارعون حالة عدم استقرار الدورة الدموية للتوأمتين وسط غابة من الانابيب والاسلاك التي تمد التوأمتين بالغذاء من تحت الجلد، وتراقب الاشارات الحيوية الصادرة عنهما.

وشرح الدكتور بريم كومار نير المتحدث باسم مستشفى رافلس بسنغافورة تفاصيل العملية وقال انه بعد فتح الجمجمة المشتركة للشقيقتين في الساعات التي اعقبت بدء الجراحة يوم الاحد، قام خمسة من جراحي الاعصاب، وبحرص شديد، بعملية فصل المخين بمعدل ملليمتر تلو الاخر. واضاف للصحافيين «اثناء عملية الفصل لا يمكنك فصلهما مرة واحد. ولكن يجري فصلهما ببطء بالجراحة». واردف يقول «على الرغم من ان لكل منهما مخا منفصلا الا ان المخين التحما بعضهما ببعض طوال التسعة وعشرين عاما الماضية». وقال مسؤول اخر ان هذه المرحلة من الجراحة استغرقت وقتا اطول من المتوقع ،وهو عشر ساعات. وكان الاطباء تأخروا الاثنين في قطع شريط العظام الذي يفصل بين الجمجمتين بعدما تبين ان العظام اكثر كثافة وسماكة مما كان متوقعا. وقال نير ان الاطباء اتموا جزءا هاما من العملية بوضع وريد مأخوذ من فخذ لادان الايمن ليحل محل وريد مشترك في تغذية المخين بالدماء أثناء فصل الجمجمتين. ولكن بعد هذا حدث عدم استقرار في الدورة الدموية بين الشقيقتين. وبهذا نجح الجراحون في تأمين مجرى للدم من اجل ضمان تروية لدماغهما لان التوأمتين متصلتان بوريد واحد. واحتفظت لالي بالوريد الاصلي.

وكان اطباء المان قد رفضوا اجراء الجراحة في عام 1996 قائلين ان فصلهما قد يؤدي الى وفاتهما. لكنهما كانتا مصرتين على ان تكون لكل منهما حياتها المستقلة فحضرتا الى سنغافورة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي لاجراء فحوص استغرقت اشهرا.

وتحدث ولادة توأمين متصلين عند الرأس مرة واحدة كل مليوني ولادة ،ونجاح جراحات فصلهما نادر جدا. واجرى الاطباء في سنغافورة جراحة مماثلة في عام 2001 لرضيعتين من نيبال لكن الخبراء قالوا ان اجراء الجراحة لامرأتين في هذه السن لم يسبق له مثيل.