رقيقة إلكترونية تحدث ثورة في عالم الكومبيوتر وتسِّهل عملية «البرمجة المتأقلمة»

توفر مزايا السرعة وتخفيض الكلفة والطاقة وتدمج وظائف عدة رقائق في رقيقة واحدة

TT

تقوم رقيقة كومبيوتر تجريبية بالمهام الثلاث المختلفة لإجراء مكالمة من هاتف خلوي بسرعة البرق. وتقوم الرقيقة بالبحث عن موقع خلوي ثم تؤكد أن المتصل هو مستخدم شبكة مخول، قبل ان تجري المكالمة.

قد يبدو هذا مضجرا ولكن بالنسبة لمجموعة من مصممي الرقائق الإلكترونية فان العملية الثلاثية الخطوات تمثل تغييرا جذريا في مجال الكومبيوتر. واليوم تتطلب الهواتف الخلوية ثلاث رقائق مختلفة للقيام بنفس المهمة التي تقوم بها رقيقة كويكسيلفر. ويتم هذا بفضل نوع جديد من تصميم الرقائق المعروف باسم البرمجة المتأقلمة.

ويمكن للبرامج، وفقا لهذا الأسلوب، أن تغير تصميم دوائر الرقيقة وهذا لن يمكن الرقيقة من القيام بمهام تتطلب عدة رقائق لإتمامها فحسب وإنما ستزيد السرعة ايضا وتخفض من التكلفة والطاقة مقارنة مع رقائق اليوم غير المرنة. ولا تقتصر حركة البرمجة المتأقلمة على بضع شركات جديدة مثل شركة «كويكسيلفر» و«جيت تشينج» وإنما تضم شركات ضخمة مثل شركة «إنتل» و«آي بي إم» و«موتورولا» و«تكساس إنسترمنت». والاحتمالات لهذا الأسلوب تمتد بعد الهواتف الخلوية التي ستتمكن من العمل في أي مكان، إلى الكومبيوترات النقالة التي ستجد أنسب موجة راديو وتوصل نفسها لاسلكيا بالإنترنت أو أي إلكترونيات مستهلك ما لتتفادى أن تصبح باطلة بتعديل نفسها حسب المقاييس الفنية الجديدة في المجال الرقمي. وبالنسبة للمستهلك سيصبح تحديث الجهاز سهلا مثل تنزيل أحدث تصميم للدائرة من الإنترنت.

ولعقود اعتمدت رقائق المنطق، سواء إن كانت في كومبيوتر، أو في جهاز تشغيل الأقراص المضغوطة على دوائر ثابتة. وفي هذه الرقائق تمر تعليمات البرامج في قنوات تنقش على السيليكون عند صنع الرقيقة. ومع أن هذا الأسلوب ناسب الصناعة لكن عدم المرونة أدى الى ضعف الكفاءة الذي أصبح أكثر بروزا مع تزايد الطلب على السرعة وقوة المعالجة. ولأن إنتاج قالب رقيقة واحد يكلف حوالي مليون دولار فانه يصعب على المصممين التأقلم مع التغيرات بالسوق والتكنولوجيا.

ولكن في البرمجة المتأقلمة يمكن تغيير تصميم الرقيقة بشكل فوري حيث يقوم البرنامج بأمر الملايين من البوابات المنطقية بالانفتاح أو الانغلاق وفقا لمخطط معين. ويقول مؤيدو هذا الأسلوب إن رقائق البرمجة المتأقلمة توفر ميزات السرعة وخفض الكلفة واستهلاك الطاقة. وميزة دمج وظائف عدة رقائق في رقيقة واحدة ستكون مفيدة في صنع أجهزة كومبيوتر واتصالات صغيرة وخفيفة وفعالة وأشد كفاءة واقتصادية بالطاقة. ولا يعتبر مبدأ البرمجة المتأقلمة جديدا إذ في السنوات الـ17 الاخيرة استخدمت رقائق تعرف باسم بوابات المصفوفات المبرمجة ميدانيا كقوالب يجري عليها المبرمجون برامج لرسم الدوائر أثناء تطوير منتجات كومبيوتر أو إلكترونية جديدة. ولكن حالما برمجت هذه الرقائق فان اعادة برمجتها صعب جدا مقارنة مع رقائق البرمجة المتأقلمة.

وما زال هذا المجال مثيرا للجدال ويستقبله بعض مصممي الرقائق في وادي السيليكون بنوع من التشكك. وينبع الاهتمام الأكثر في هذه الرقائق من العلماء الذين يريدون أن يجربوا أفكارهم بسرعة. وعلى هؤلاء مواجهة الانتقادات بأن رقائق البرمجة المتأقلمة ستكون صعبة البرمجة وأن يبينوا أن السرعة وكفاءة الطاقة المتوقعة يمكن تحقيقهما، وأن الخفض بالتكاليف هو شيء حقيقي.

وتعتبر انتل هذا المبدأ مقنعا وعقدت مؤتمرا حول هذا الموضوع، ويقول محللو الصناعة إن إنتل تحاول أن تجد الاستخدام التجاري لهذه التكنولوجيا في المجالات اللاسلكية.

وحتى الآن كانت عملية زيادة سرعة البرمجة تقوم على زيادة عدد المعالجات باستخدام أسلوب يعرف باسم الصف. وظلت عملية البرمجة والاحتساب عملية تتم خطوة تلو الخطوة. وتوفر البرمجة المتأقلمة بديلا حيث يمكن توزيع الاحتساب على أقسام مختلفة يتم وصلها ببعضها البعض بطرق مختلفة.

وبالنسبة لصناعة الرقائق أتى التغيير الجذري عام 1972 مع اختراع المعالج الذي أدى الى تخفيض ضخم في التكاليف وأضاف مرونة هائلة نظرا لعدد البرامج الضخم التي يمكن كتابتها لاستغلال القوة المتزايدة للأجيال الجديدة من الرقيقة السيليكونية.

وكلما ازدادت سرعة كل جيل من الرقائق ازداد استهلاكها للطاقة، ولأن المعالج يعتبر كومبيوتراً متعدد الاستخدام فانه يقوم ببعض المهام بشكل أبطأ من الدوائر المتخصصة. ويعتقد مؤيدو البرمجة المتأقلمة أن الرقيقة الجديدة ستدمج بين برمجية المعالج وسرعة الدوائر المتخصصة.

ونتج الزخم في البرمجة المتأقلمة عن تقدم في رقائق الذاكرة الفائقة السرعة المعروفة بالذاكرة العشوائية الساكنة التي أصبحت متوفرة الآن محتوية على ملايين من بوابات المعلومات المنفصلة. وهذه الرقائق هي التي تسمح بتقليد دوائر كاملة لمعالج ما.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»