دراسة علمية: طبيب بريطاني يؤكد أن الأغذية الأساسية تقلل السلوك العدواني

TT

يقول المثل «نوع الطعام يكشف نوع البشر» ويبدو أن هذه المقولة القديمة ليست بعيدة تماما عن الحقيقة، لأن الباحثين البريطانيين يرون أن من الممكن تغيير مزاج الإنسان بواسطة التغذية. وهكذا يمكن، كمثل، تقليل عدوانية البعض من خلال تهدئة مزاجهم بواسطة الشوكولاتة.

ويعرف الانسان، ومنذ زمن طويل، الكثير عن علاقة التغذية بصحة الإنسان الجسدية، لكنه لا يعرف الكثير عن تأثيرها على الصحة النفسية. بل إن الأطباء يحذرون من التأثير المزاجي الجيد للشوكولاته على الإنسان لأنه يزيد مخاطر البدانة وأمراض القلب والدورة الدموية. ويقول العلماء البريطانيون حاليا أنهم يستطيعون إقامة الدليل على ترابط التغذية بالصحة النفسية للإنسان.

«سجن طبي» واضطر الباحث النفسي البريطاني بيرنهارد غيش، من جامعة اوكسفورد، إلى «دخول» السجن بهدف الكشف عن دور التغذية السيئة في تهدئة أو رفع عدوانية السجناء. وشارك في الدراسة التي أجراها غيش 231 سجينا يقضون فترات محكوميات مختلفة في السجن. وألف الباحث من المساجين مجموعتين يعيش أفرادهما في ظروف سجن متماثلة لكنه منح لكل مجموعة نوعا معينا من الأقراص. احتوت أقراص المجموعة الأولى على علاج كاذب، في حين احتوت أقراص المجموعة الثانية على مواد غذائية هامة مثل الفيتامينات والمعادن والأحماض الدهنية الأساسية.

ولأن غيش كان يحاول معرفة تأثير الأغذية على عدوانية البشر فإنه لجأ قبل البدء بالتجربة إلى مراقبة المساجين وكيفية تصرفهم وسلوكياتهم. وثبت بعد إجراء التجربة أن أفراد المجموعة الذين تناولوا الأقراص المغذية اصبحوا أقل عدوانية بالمقارنة مع أفراد مجموعة الاقراص الكاذبة. ولاحظ غيش في مجموعة أقراص الأغذية تراجع خرق أفرادها لقوانين وتعليمات السجن بنسبة 25%. كما تراجعت أعمال العنف ضد موظفي السجن والحراس، وخصوصا الاعتداءات بالضرب ، بنسبة 37%. والمهم بالنسبة للباحث البريطاني هو أنه لم يلحظ مثل هذا التغير على تصرفات أفراد مجموعة الاقراص الكاذبة.

وكتب الباحث في «المجلة البريطانية لعلم الأعصاب» أن الطب اغفل عامل التغذية في تأثيره الإيجابي على التصرفات المنافية للأعراف الاجتماعية، رغم سهولة توظيفه في العلاج. ويعتقد غيش أن من الممكن استخدام عامل التغذية لتقليل ودرء وقوع الأعمال العدوانية للبشر لأن «عملية الاستقلاب متماثلة عند البشر» ولا فرق فيها بين نزلاء السجون وغيرهم.

مع ذلك لاحظ الباحث أنه من غير الواضح بعد، أي محتويات الأقراص، أو أي أنواع الأغذية، أدت الى التأثير المهدئ على السجناء.

لكنه يرشح الأحماض الدهنية الأساسية، التي تكثر في لحم السمك، للعب هذا الدور الغذائي ـ النفسي المهم. وطبيعي فإن دور الفيتامينات وخصوصا فيتامين ب ـ 12 لا يمكن اهماله في هذه العملية. وربما ستفرض الضرورة نفسها على غيش وتدفعه لإعادة التجربة على المساجين ولكن بتخصص غذائي اكبر عبر أقراص تحتوي على نوع واحد من الأغذية.

وكان البروفيسور فولكر بوديل من جامعة غوتنغن الألمانية أحد المهتمين بعلاقة التغذية بالصحة النفسية للبشر. وذكر بوديل لمجلة «الطبيب» الألمانية أنه مضطر لفرملة تفاؤل زميله البريطاني غيش لأن تجربته اعتمدت مزيجا من المواد الغذائية. وسبق لبوديل أن أجرى تجربة باستخدام الفيتامنيات فقط على 100 شاب ألماني وتوصل إلى نتائج غير مشجعة.

منح بوديل الشباب دواء كاذبا أو أقراصا تحتوي جرعة مضاعفة من الجرعة اليومية لأهم الفيتامينات، لكنه راقب أيضا كمية الفيتامينات في الطعام اليومي لكل مجموعة. ولاحظ الباحث أن الذين تغذوا على طعام قليل الفيتامينات وتناولوا أقراص الفيتامينات بدوا كالمرضى المعانين من الانفلونزا.

وكرر بوديل التجربة مع نفس المجموعة من الشباب بعد أن استبدل الفيتامينات بالسكريات فتوصل إلى نتائج أخرى. إذ ثبت من التجربة أن تناول الشوكولاتة قلل تعرض الشباب لنوبات الكآبة وحسن مزاجهم وعمل على تهدئتهم.