توربينات مطورة لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح

تتنبأ بقوة الرياح وتعدل زاوية مراوحها للحصول على أقصى دفق من النسيم * «طواحين معلوماتية» بتوربينات رياح حديثة أكثر كفاءة وأقل ضجيجا تولد طاقة بتكلفة أقل وتجهز بمجسات وتوصل بشبكة مراقبة عن بعد بواسطة كومبيوتر

TT

عام 1984، ركبت ثلاث طواحين في ولاية ماساشوستس، كي تستطيع مدينة برنستون أن تحصل على جزء من الكهرباء من مصادر غير ملوثة. ولكن الطواحين الثلاث تعطلت بسبب صاعقة برق، وانحلت الشركة التي صنعتها. ويعتزم فتش وهو مدير قسم الانارة لمدينة برنستون، أن يجدد هذه الطواحين. وتقوم شركة الكهرباء في برنستون بإنفاق مبلغ 4 ملايين دولار لاستبدال الطواحين الثماني القديمة بطاحونتين عملاقتين حديثتين. ويولد النظام الحالي ما يكفي من الكهرباء لمد حوالي 1 في المائة من منازل المدينة. وأما الطواحين الجديدة التي يتوقع أن تنصب في العام المقبل، فستوفر حوالي 40 في المائة من حاجة المدينة للكهرباء.

ونتيجة التقدم في التكنولوجيا خلال العشرين سنة السابقة، تجري المباشرة بمشروع استبدال الطواحين جزئيا. وطواحين اليوم والمعروفة باسم توربين الرياح أكثر كفاءة وهدوءا ويمكنها أن تولد طاقة أكثر بتكلفة أقل. وبخلاف الطواحين القديمة في برنستون فهي مجهزة بالعديد من المجسات وموصولة بشبكة تمكن من مراقبة الطواحين عن بعد بواسطة كومبيوتر.

* توربينات مطورة

* ارتفعت كفاءة التوربينات بمعدل خمسة في المائة سنويا. ومن ميزات التوربينات الحديثة كبر حجمها، مما أثار الجدل في كل مكان يعتزم فيه نصبها، وخاصة في خليج كود، حيث تحاول شركة «ويند أسوشيتس» بناء أول مجموعة طواحين في البحر باستخدام توربينات ترتفع حوالي 426 قدما (حوالي 128 مترا) عن سطح الماء.

وبالرغم من المعارضة، فان شركات الخدمات العامة والشركات الخاصة تستمر بمخططاتها لزيادة القدرة الإنتاجية للطواحين القديمة وبناء طواحين جديدة. ومع ازدياد طلب أميركا للكهرباء، تصبح زيادة الإنتاج ذات أهمية. والطاقة الناتجة عن الرياح، هي طاقة لا تحتاج مدينة مثل برنستون أن تشتريها من مصادر تعتمد على حرق الفحم أو الطاقة النووية.

ولكن الاستقلال الذي توفره طاقة الرياح يظل جزئيا، إذ لا يمكن الاعتماد عليها كليا. ولتفادي انقطاع الكهرباء الواسع النطاق، مثل الذي حدث قبل فترة في نيويورك، لا تعتبر طاقة الرياح حلا، لأن الطواحين بذاتها تحتاج لكمية من الكهرباء لكي تعمل. وبينما يتوقع من التوربينات الحديثة أن توفر على المدينة قدرا متواضعا في التكاليف تقدر بحوالي 90 ألف دولارا سنويا مقارنة مع مصادر أخرى، ولكن الاعتبارات البيئية هي أهم الميزات.

وبخلاف الطواحين القديمة، تعتمد توربينات اليوم على جهاز عصبي كهربائي يمكنها من التنبؤ بقوة الريح واتجاهها لمدة 24 ساعة مسبقا، وتعدل اتجاه المراوح وزاوية كل مروحة حتى تحصل على أقصى كمية من الطاقة من النسيم المار.

* «طاحونة معلوماتية»

* وتتولد الكهرباء في رأس الطاحونة في صندوق يعرف باسم حجرة المحرك، الذي تتصل به المروحة والتي يمكن ان تكون بحجم أجنحة طائرة الجامبو. وفي أسفل الطاحونة توجد حاوية أسطوانية الشكل تضم الكومبيوترات التي تجمع المعلومات من التوربين. وتعرف مجموعة الكومبيوترات هذه باسم نظام سكادا (السيطرة الإشرافية وتجميع المعلومات).

ويمكن لهذا النظام أن يوفر أكثر من مائتي معلومة تتعلق بعمل التوربين ويمكن للمعلومات التي تتعلق باهتزازات أعلى من المعدل، أو حرارة الزيت, أن تنبه الموظفين للمشاكل قبل حدوثها. وتكون الطواحين موصولة بمركز السيطرة بواسطة الألياف الضوئية. ويمكن حل العديد من المشاكل عن بعد ولكن أحيانا على الموظفين أن يتسلقوا البرج ليصلوا حجرة المحرك.

وتزداد ندرة المشاكل. ويمكن لنظام «اسكادا» في الجيل الجديد من الطواحين أن يعمل بشبه استقلال تام. وفي مدينة هل في ولاية ماساشوستس قام قسم الإنارة بتركيب توربين ينتج 660 كيلوواط على حافة ميناء بوسطن في عام 2001. وصرح مدير العمليات أن المرة الوحيدة التي يذهب بها للميناء كانت في جولة تفقدية.

وفي احد ايام الشتاء أخذ «المرياح»، الجهاز الذي يقيس سرعة الريح على التوربين، بتجميع الثلج. وأدى الثلج لإبطاء عمل المرياح وبسبب هذا ارتبك الكومبيوتر الذي يتحكم بالتوربين، وبدا للتوربين أنه ينتج طاقة كثيرة بالنسبة ليوم هادئ، ولذلك أطفئ التوربين. ولكن المرياح مجهز بتدفئة، وبعد إذابة الثلج أصبح يعمل بشكل عادي. وقام الجهاز بتشخيص المشكلة بنفسه وأرسل رسالة بالفاكس للمدير يبلغه بما حدث.

وحتى يعرف أين يتم تنصيب التوربينات تقوم الشركات بوضع أبراج أرصاد جوية لقياس معدل سرعة الرياح، وتقدير إن كانت قوية كافية لتوليد الكهرباء. وفي برنستون كان البرجان يجمعان المعلومات منذ عام 2000. وترسل المعلومات لمستشار أرصاد جوي باستخدام نفس الشبكة التي تستخدمها الهواتف الجوالة.

وكجزء من المخطط لوضع التوربينات في خليج كود، يقيس برج يرتفع 197 قدما سرعة الريح واتجاهها كل ست دقائق. وكل نصف ساعة يقيس معلومات على ارتفاع الموجات والتيارات المائية. وترسل المعلومات لمكتب بري حيث توضع على موقع بالإنترنت. والهدف من وضعها على الإنترنت هو توفير خدمة للجالية البحرية مثل صيادي السمك وهواة القوارب وعاملي القوارب. ويحاول الموقع أن يؤثر على السكان بتقدير كمية الطاقة النظيفة والمتجددة يمكن للتوربينات أن تنتجها في أي لحظة.

وحتى في برنستون التي كانت فيها طواحين منذ 1984، فقد قاوم السكان بناء التوربينات الكبيرة حيث أن منظرها سيؤثر على شكل المدينة وبالتالي على التجارة فيها. وبالرغم من هذه المقاومة فما يزال فيتش يعتزم تفكيك وبيع الطواحين القديمة ووضع توربينات جديدة. وبالرغم من قباحة منظرها ولكنها بديل أفضل من التلوث.

وشجعت التكنولوجيا الأفضل شركات الخدمات العامة لكي تتعامل مع توربينات الرياح بجدية أكثر، ولكن الحافز الآخر هو إعفاءات الضريبة الفدرالية لمشغلي التوربينات، إذ لكل كيلوواط من الكهرباء المولدة يمكن لمشغل التوربينات أن يخصم 1.8 سنت من إجمالي الضريبة الفدرالية. وقامت 13 ولاية بوضع متطلب يفرض على شركات الطاقة أن تولد نسبة مئوية معينة من طاقتها من مصادر متجددة مثل الرياح.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»