الفيروسات الإلكترونية تهدد سلامة الكومبيوترات وتسبب إرباكا في الإنترنت

المتسللون والقراصنة يطورون أساليبهم ويستبقون شركات الحماية من الفيروسات

TT

شل فيروس «بلاستر» نظم الكومبيوترات حول العالم الا ان فيروس «سو بيغ إف» SoBig.F الذي سبقه سبب ارباكا عالميا. ومثلما هي الحال مع حراس السجن الذين يحملون إعجابا خفيا للهاربين الذين استخدموا ملاعقهم لحفر نفق ما للخروج من السجن، كذلك هي الحال مع خبراء سلامة الكومبيوترات الذين اعترفوا هم أيضا بقدر من الإعجاب المحمل بالغيظ، لصانع الفيروس «سو بيغ إف» الذي انتشر في صناديق البريد الالكتروني في اغسطس (آب) الماضي. وفي ذروة انتشار الوباء بلغت نسبة الرسائل التي لها علاقة بالفيروس ما يقرب من 73 في المائة من كل البريد الالكتروني على مستوى العالم، حسب تقديرات شركة «سنترال كوماند» لمكافحة فيروسات الإنترنت. وقال مارك كيري المستشار المستقل في صيانة الكومبيوتر بمدينة كولومبس، في ولاية أوهايو، الذي حلل رموز سو بيغ إف: «عليك أن تفكر بأن من عمل هذا الشيء، هو شخص له قدر من المعرفة بالبنية التحتية للانترنت. إن هذا الفيروس أكثر براعة مما شاهدناه من قبل».

ومع اختفاء فيروس «سو بيغ إف»، الذي يُعرف في أوساط الخبراء بـ«الدودة»، ويتميز باعتماده على نفسه للانتشار، تزايد القلق على شبكات الطاقة الكهربائية والمفاعلات النووية لافتقادها إلى قدرات تمكنها من تجنب الإصابة بالعدوى، مثلما حدث قبل ثلاث سنوات ونصف السنة حينما تفشت دودة «آي لوف يو» (أحبك) في الفضاء المعلوماتي العالمي.

تقدر شركة «آي دي سي» للبحوث، تكاليف ما أنفِق على مكافحة فيروسات الكومبيوترات العام الماضي بـ 2.2 مليار دولار. لكن المتسللين والقراصنة يظلون دوما، كما يبدو، متقدمين خطوة واحدة على شركات إنتاج برامج مكافحة الفيروسات. وقال ستيفن سندرماير، نائب رئيس شركة «سنترال كوماند» التي تقع في مدينا بولاية أوهايو، وتنتج برامج لمكافحة الفيروسات: «المشكلة لا تكمن فقط بامتلاك برامج لمكافحة الفيروسات وتجديدها، بل في غياب المعرفة لدى مستخدمي الكومبيوترات، فهؤلاء بحاجة إلى تطوير بعض الممارسات الكومبيوترية المأمونة. وهذا يعني أن يكونوا حذرين في عدم فتح أي رسالة ملحقة وأن يجددوا استخدام البرامج المتقصية للفيروسات كل بضعة أيام».

* فيروسات متخفية

* وعلى الرغم من وجود الكراسات والمواقع التعليمية التي تقدمها شركات صناعة البرامج المكافحة للفيروسات، لكن بعض الخبراء يخشون من أن الكثير من مستخدمي الكومبيوترات لن يتخلوا عن عاداتهم في التجول داخل محيط الانترنت الواسع. ويقول وليام كنولز المحلل الكبير في سلامة الكومبيوترات في شركة «سي 4 آي. أورغ» c4i.org إن فيروس «سو بيغ إف» تخفى كصورة خلاعية، وانتشر أولا عن طريق شركة معنية بالنشرات الخلاعية. ويقوم موقع «سي 4 آي. أورغ» بدور إخباري حول سلامة الكومبيوترات.

والجديد في وضع الفيروسات هو قدرتها على إلحاق الضرر بمساحة أوسع من السابق بكثير، ففي الماضي إذا حصل شخص ما على مرفق لرسالة مصابة، فإن الأذى يكون محدودا بكومبيوترات معنية مثل تلك التي تستعمل مايكروسوفت ويندوز. لكن مع الفيروسات القوية جدا أصبح ممكنا بالنسبة لها أن تخترق عدة أنظمة عاملة، ففي الصيف الماضي على سبيل المثال أصاب فيروس «سيمايل.دي» الكومبيوترات المعتمدة على نظام لينوكس Linux والوندوز.

نظريا هذه المشكلة يجب ألا تؤثر على المرافق العامة مثل النقل والخدمات الأساسية الأخرى لأنها يجب ألا تربَط بالانترنت. لكن ما حدث في يناير (كانون الثاني) الماضي في محطة ديفيس بيس للطاقة الكهربائية النووية في مدينة توليدو، بولاية أوهايو، أظهر أن الواقع يختلف عما هو مفترض. ولم تقم المحطة النووية بتوليد الكهرباء منذ سنة 2002 لكن نظام الكومبيوترات فيها والذي كان من المفترض ألا يكون مربوطا بالإنترنت، تفشت فيه دودة تعرف باسم «سلامر»، وأدى ذلك إلى تعطيل النظام بالكامل لمدة خمس ساعات. ولم يُكشف عن الحادثة للجمهور حتى تم الإعلان عنه يوم 20 أغسطس (آب) على موقع إخباري معني بسلامة الكومبيوترات اسمه «سكيورتي فوكاس. كوم» (Security Focus.com). وقال ريتشارد ويلكنز المتحدث باسم المحطة إنهم أدركوا بعد تفشي الدودة، إنهم لا يمتلكون قاطعا لمنع ارتباط كومبيوترات الشركة بالكومبيوتر المسيطر على المفاعلات ولكن إجراء وقائيا اتخذ الآن.

ويقول بعض الخبراء ان الأوبئة الكبيرة التي أصابت الكومبيوترات مثل «سو بيغ. إف» شجعت على الاهتمام بما يسمى «العمل على الكومبيوتر الموثوق به» ، وهو مبدأ يمنع استخدام أي برنامج في الكومبيوتر بدون وجود توقيع معقد (شفرة معقدة). وهذا الحل يتطلب وجود اتفاق بين منتجي الأجهزة والبرامج، وطرحت الفكرة شركة «ترستد كومبيوتنغ غروب».

لكن المشكلة تظل قائمة بخصوص فرض قوانين على مجهزي خدمات الانترنت تجعلهم مسؤولين عن تحمل انتشار الفيروسات في الكومبيوترات بسبب الإهمال، إلا أن الكونغرس رفض التوقيع على قانون كهذا. أما الخبير البارز بروس شناير كبير المسؤولين التقنيين في شركة «كاونتربين إنترنت سيكورتي» فهو يفضل أن يكون مسوقو البرامج مسؤولين عن تفشي الفيروسات بسبب سهولة استغلال الشفرة الموجودة على منتجاتهم. لكن القانون الذي يجعل المشتري هو المسؤول عن كيفية استخدام السلعة، يمنع من اتخاذ إجراء كهذا.

* خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»