بعد أكثر من 50 عاما على صنعه: البوليستر لا يزال يدهش العالم

تصميم ملابس بمجسات لتنظيم حرارة الجسم و استهلاك طاقته في مختلف الظروف

TT

إذا كان الديسكو قد مات، فإن الملابس المصنوعة من البوليستر التي يرتديها الراقصون، ما زالت حية. ويعود سبب بقاء البوليستر بعد مضي 50 سنة على تصنيعه، إلى أن أشخاصا لا يزالون يرغبون في ارتداء ملابس سهرة وردية وزرقاء مصنوعة من هذه المادة.

ويتميز البوليستر الذي هو نسيج من البوليمر الصناعي، بخفة وزنه وصلابته وتم ابتكار فكرته سنة 1929 على يد باحث من شركة «دوبونت». ثم جاءت أول نسخة من البوليستر العملي لاحقا ، حيث تم تطويرها من خلال شركة نسيج إنجليزية. وبعد ذلك أصبحت أول بدلات البوليستر المصنوعة من خيوط الدكرون الصناعية متوفرة تجاريا في فترة الخمسينات من القرن الماضي، ومع حلول السبعينات منه، أصبح نسيج البوليستر الصناعي يستعمل في بدلات السهرة والقمصان وانواع الملابس الأخرى.

وفي المستقبل، فإن الملابس الرياضية المصنوعة من البوليستر ربما تصبح اكثر تعقيدا. وتعكف شركة «اوتلاست تكنولوجيز» في ولاية كولورادو الاميركية، على تصميم ملابس يمكنها الامتصاص، والاحتفاظ بالطاقة او التخلص منها طبقا لمتطلبات البيئة. وستتولى الملابس تنظيم حرارة الجسم باستخدام مركز تنظيم حراري، يخفى داخل الملابس.

* عشاق البوليستر

* وعلى الرغم من أن شعبية البوليستر قد هبطت بسبب إغراق السوق بالملابس ذات النوعية السيئة، فإن الاستعمالات المستحدثة ظلت تتجدد. أراد إيان فيدانس، 18 عاما، من ولاية دلاوير الحصول على بدلة رقص زرقاء اللون شاهدها في محل ملابس وهي تشبه تلك التي ارتداها بطل فيلم «الغبي والأكثر غباء» التي لعب دوره جيف دانييل. وعرضت خالة فيدانس التي تعمل في ذلك المحل على ابن أختها تلك البدلة قائلة: «لا أحد سيلبس يوما هذه البدلة البشعة...خذها». لكن فيردانس أحب البدلة وقال: «أنا لا أبالي إذا كان الآخرون لا يحبونها. إنها مناسبة لي».

كذلك هي الحال مع السيدة كيت كالاهان، 24 سنة، التي تشارك فيدانس تعلقه بنسيج البوليستر، من نيوآرك بولاية دلاوير، ولديها أكثر من خمسين قطعة ملابس مصنوعة من البوليستر. وقالت كالاهان: «أنا أحب حقيقة كونها مختلفة وبشعة. بشكل عام كلما زادت بشاعة الملابس كانت أفضل».

لكن ليست الألوان البراقة لوحدها جعلت أدلي غورافا وارنست زنزر البالغين من العمر 67 عاما، من عشاق البوليستر، فكلا هذين الرجلين يفضلان ملابس البوليستر بسبب إمكانية ارتدائها، والسفر فيها بدون أن يتأثر شكلها. وبقي غورافا 37 عاما في «دوبونت»، حيث قضى 25 سنة منها يعمل فنيا في مصنع للبوليستر. وفي الاثنتي عشرة سنة الأخيرة من عمله قبل تقاعده، سافر في العديد من بلدان العالم كمانح فني لإجازات صنع البوليستر، حيث أنه نشر هذا الانتاج على 23 بلدا في خمس قارات. ويستطيع غورافا أن يتحدث لعدة ساعات عن البوليستر: عن تكوينه واستعمالاته وتكيفه وفي بعض الأوقات يقوم بالحفاظ على صورة البوليستر وكأنه الأب الروحي لهذه الصناعة.

أما زينزر فهو مدقق حسابات متقاعد في البنتاغون، فقال «كنت حقا معنيا بالموضة، إذ كانت لدي ملابس على الموضة، وكان هناك ما يقرب من 20 بدلة لكنني عندما سافرت، قدّرت كثيرا ملابس البوليستر. فأنا لم أكن أحب أن آخذ ملابسي الجيدة معي كي تتجعد حينما أكون متجولا في الشوارع».

وهناك عدد كبير من الناس مثل غورافا وزينزر يحبون كثيرا البوليستر. يقول غورافا «إنه أعظم نسيج ملابس صنعه الانسان في تاريخه»، لكن سوء استعماله بدأ في السبعينات. ويقول زينزر «آنذاك بدأوا بجعل ملابس البوليستر تبدو رخوة مع الخطوط الملونة وبألوان مخدِّرة لموضات ملابس رهيبة. أنا لا أظن أن النسيج نفسه هو الذي جعل الناس يكفون عن استعماله بل إنه أخذ سمعة في كونه مادة رخيصة». ويقول جيم ترينهام الرئيس التكنولوجي لشركة «دوبونت للأنسجة» إنه يمقت تلك النسخ من المادة التي غزت الثقافة الرخيصة في فترة السبعينات. واضاف «أتمنى ألا تعود مرة أخرى. المصانع أنتجت سلعا رهيبة، التي جعلت البوليستر يبدو رخيصا. وهذا ما جعله يفقد حظوته القديمة».

وزبائن مثل كالاهان وفيدانس يساعدان قليلا في عالم الموضة لاستخدام البوليستر القديم. يقول فيدانس: «ذلك لا يعني أني غريب الأطوار. أنا فقط أحب ارتداء الملابس الكلاسيكية».

* خدمة «يو اس ايه توداي» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»