«ناظم لعمل اليد» يساعد المشلولين في تحريك أياديهم بحرية

يزود بـ «نظام ذكي» يترجم أفكار المصابين بضعف الأطراف إلى حركات محددة

TT

يجري العلماء الألمان والنمساويون تجارب مشتركة على «ناظم لعمل اليد»، يشبه ناظم عمل القلب، بهدف إعانة المشلولين في تأدية مختلف الحركات الخاصة بقبضة اليد. وذكر المهندس الالكتروني الدكتور روديجر روب من الجامعة الطبية في هايدلبيرغ أن التجارب تجرى حاليا على مرضى يعانون من «الخذل الرباعي» Tetraparesis (وهو ضعف الاطراف الاربعة) وشلل الأطراف الأربعة Tetraplegia. وترمي التجارب على «ناظم اليد» إلى منح المرضى شيئا من التحرر من اوضاعهم اليومية. وتولى أطباء الكسور والعظام والتقنيون من مستشفى الجامعي في هايدلبيرغ بالتعاون مع زملائهم من جامعة جراس النمساوية تزويد الناظم بـ«نظام ذكي» يترجم الأفكار إلى حركات معينة. وأثبتت التجارب العديدة ، بينها تجربة على شاب عمره 27 سنة ويعاني من شلل الأطراف الأربعة، أن الناظم والنظام نجحا في جعله يحول أفكاره إلى حركات تعين يده في القبض على الأشياء وتحريكها، مثل القبض على مفتاح وإدارته أو التقاط قدح. وقد عرضت القناة الأولى في التلفزيون الألماني (أي ار دي) تقريرا مفصلا قبل ايام، عن حالة الشاب الألماني توم شفايجر، وعن تحسن حياته اليومية.

وذكر روب لـ«مجلة الطبيب» الألمانية أن فريق العمل نجح في تحويل الحافز الإلكتروني الوظائفي (الأفكار) إلى حركة إمساك تمنح المصاب بشلل الأطراف الأربعة بعض الاستقلالية في حياته. وأطلق الباحثون على النظام اسم «نظام اليد الحرة» الذي يتألف من «ناظم لعمل اليد» يجري زرعه في أعلى الصدر قرب الكتف ويتحكم بحركة القبضة من خلال قطبين كهربائيين يوضعان على الدماغ ويتصلان بوحدة إلكترونية خارجية (كومبيوتر).

واستخدم الباحثون إيعازات الدماغ الصادرة إلى الكتف بهدف إيصالها إلى الوحدة الخارجية التي تتولى بدورها تفعيل «ناظم اليد» ودفعه لتحريك قبضة اليد. ولهذا فقد كانوا بحاجة إلى أقطاب على الذراع تمد الايعازات من منطقة الكتف إلى اليد.

من ناحيتهم، جد الأطباء من غراس في البحث أكثر عن المنطقة الدماغية الملائمة لإرسال الحوافز الكهربائية الخاصة بتحريك العضلات. وتوصل الباحثون إلى أن أفضل مناطق الدماغ ملائمة للحالة هي مناطق معينة من قشرة الدماغ الخاصة بالحركة، ذلك لأنهم لاحظوا أن هذه المناطق لا «تستنفر» خلاياها فقط حينما يهم الإنسان بتحريك أحد أعضائه، وإنما حينما يفكر بذلك أيضا. وهكذا قرروا لصق القطبين الكهربائيين على مناطق قشرة الدماغ «الحركية» هذه الخاصة بحركة الرجل وبحركة اليد اليمنى. وقادوا الايعازات الكهربائية الصادرة عن الدماغ إلى جهاز يتولى تكبيرها ومن ثم إرسالها إلى الكومبيوتر.

ويقول الدكتور روب أن النتائج الأولى بعد فترة تدريب مركزة مع المريض، أثبتت نجاح النظام بأقل ما يمكن من الأخطاء. ونجح الشاب في تحريك أصابع قدمه اليمنى إلى الأعلى وإلى الجانب (فرشحة الأصابع). ثم نجح المريض في تحريك أصابع يده وأن يقبض على مفتاح ويديره بعد أن زودوا ذراعه بستة أقطاب إضافية تتولى استقبال الايعازات من الكومبيوتر ومدها إلى أصابع اليد. وعادة لا تحدث مثل هذه الحركة إلا من خلال أربعة مراحل يجري خلالها أولا تحفيز العضلات الانبساطية للاصبع الأوسط والابهام ثم تحفيز العضلات الانقباضية في الابهام والسبابة ثم بقية أصابع اليد أيضا.

ويؤكد روب أن النظام يصلح حتى الآن لمساعدة المرضى في المستشفى لأنه يرتبط بكومبيوتر ثابت ولأنه يحتاج إلى مختصين لإدارة عملية. إلا أن تطويره بما يخدم المرضى في البيوت سيعين الأخيرين في تأدية مختلف حركات قبضة اليد دون أن تختلط ببعضها.

ويذكر أن العلماء الاميركيون توصلوا قبل فترة إلى تحويل الأفكار إلى كلمات من خلال توليفة بين الكومبيوتر وجهاز التخطيط الدماغي أطلقوا عليها اسم «Brain Computer Interface». واستطاع المشلولون أن يحولوا أفكارهم باداء حركة ما إلى كلمات على شاشة الكومبيوتر. إلا أن النظام كان يتطلب عزلة كاملة تفرض على المريض في غرفة التجارب، كما ثبت أن أي حركة تشوش تفكير المريض تؤدي إلى حدوث خطأ في قراءة الكومبيوتر.